التقى ليلة أمس الخميس بولاية أدرار (جنوب غرب الجزائر) أعيان قبائل شمال جهورية مالي لبحث سبل حل الأزمة بهذه المنطقة الواقعة بالساحل الإفريقي وذلك بحضور شيوخ وأعيان من مناطق أدرار و تمنراست. وقد جرى اللقاء تحت إشراف شيخ الزاوية مولاي توهامي غيتاوي الذي أكد أن الضمير الإنساني يحتم على الجميع تكثيف الجهود وتوحيدها من أجل إنهاء الخلاف القائم بين الإخوة الفرقاء بشمال دولة مالي المجاورة والتي تربطها علاقات تاريخية وأخوية متينة مع الجزائر. وأكد غيتاوي أن الجزائر تحرص على إيجاد حل لهذه الأزمة القائمة بين طرفي النزاع والمتمثلين في حركة تحرير أزواد وحركة أنصار الدين إيمانا منها بأن الفتنة لا تولد إلا مزيدا من حالة عدم الاستقرار والمعاناة مشددا على ضرورة مساهمة كل الأطراف في تحقيق مصالحة مالية تضمن حقوق كل أطياف الشعب المالي في العيش في جو أخوي دون إقصاء أو تهميش. وأضاف المتحدث ذاته أن اطلاق هذه المبادرة اقتضى استدعاء كل المعنيين من شيوخ قبائل وعشائر قصد الدخول في حوار جدي وهادف يتوج بتشكيل مجلس أعيان يسهر على تحقيق مشروع المصالحة بين كل الأطراف المعنية بالوضع القائم بشمال مالي من خلال الدخول في حوار مباشر مع المعنيين والوصول إلى إعداد تقرير مفصل عن أسباب الأزمة ومطالب كل طرف ليتم رفعه إلى الجهات العليا. وخلال هذا اللقاء الذي استمر إلى ساعة متأخرة من الليل أكد الحاضرون من أعيان مناطق أدرار وتمنراست وايليزي وشمال دولة مالي الأهمية البالغة لهذه المبادرة التي تبرز النية الحقيقة في التوصل إلى حل نهائي سلمي للأزمة بشمال مالي يرضي الجميع. وفي هذا السياق وجه الحاج محمد أخموخ من أعيان منطقة تمنراست دعوة إلى أطراف النزاع أكد فيها على ضرورة تغليب منطق الحوار البناء و "الهادئ" من أجل تجسيد المصالحة بدولة مالي بما سيضمن أمن واستقرار منطقة الساحل الإفريقي مذكرا في الوقت ذاته بالجهود الجبارة التي تبذلها الجزائر من أجل إحلال الاستقرار بالمنطقة. من جهته ثمن رئيس مركز الشيخ سيد امختار للبحث والتوثيق بمنطقة قاو شمال مالي كونتا الشيخ بن همادة هذه الجهود التي يبذلها الأعيان مشددا على الأهمية البالغة لهذه الخطوة في الوقت الراهن حفاظا على الأمن والاستقرار بالمنطقة وضمانا لحقوق كل أطراف النزاع. أما الحاج معروف ايداوعلي من أعيان منطقة أدرار فقد أعرب عن أمله في تكليل هذه الجهود بالنجاح مشيرا أن حضور المدعوين من مسافات بعيدة دليل حي آخر على توفر نية صادقة للتوصل إلى الحل للوضع القائم بهذه الدولة المجاورة. و بدوره أشار عضو مجلس الأمة السابق وأحد أحفاد الشيخ أمود من ايليزي بن عبد الرحمن إبراهيم إلى أن الوضع القائم بشمال مالي المجاورة لا يمكن حله إلا من خلال الدخول في حوار بناء لضمان استقرار منطقة الساحل الإفريقي محذرا في الوقت ذاته من الوقوع في المأزق الذي تعيشه بعض الدول جراء النزاعات المسلحة التي تهدد وحدة أراضيها. ومن جانبه أكد عضو مجلس الأمة السابق من ولاية أدرار بابا أحمد أن آليات حل الأزمة القائمة بشمال مالي تنبع من ضرورة العودة إلى الميثاق الوطني الذي وقعته الحكومة المالية مع حركة إقليم أزواد سنة 1990 وتحيينه مع الواقع الحالي وعرضه على كل الأطراف والفصائل التي تمتلك النية الجادة والمخلصة في التوصل إلى حل للوضع هناك. ومن المنتظر أن تستأنف جلسة الحوار بين الأطراف المعنية اليوم الجمعة بمقر زاوية مولاي توهامي غيتاوي للتوصل إلى تشكيل مجلس الأعيان المشار إليه لمباشرة عمل ميداني في سبيل تحقيق المصالحة بين أطراف النزاع بشمال دولة مالي. ويهدف هذا اللقاء الذي يأتي بمبادرة من حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والحريات وزاوية الشيخ مولاي توهامي غيتاوي الذي يعد رئيس اللجنة الوطنية للعقلاء والأعيان بالجنوبالجزائري إلى إعطاء فرصة لأعيان المنطقة والمرجعيات المجتمعية بالساحل الإفريقي من أجل إيجاد حل سلمي للأزمة القائمة بشمال دولة مالي بما يرضي جميع الأطراف المتنازعة في إطار وحدة التراب المالي وسلامة أراضيه تجنيبا للمنطقة من تربصات الجماعات الارهابية. ويناقش هذا اللقاء سبل الاتفاق بين أطراف النزاع على مجموعة من البنود المقترحة والمعتمدة كخارطة طريق لحل كل الخلافات بعد الإمضاء عليها من طرف كل الأطراف المعنية. وتشمل هذه المقترحات المعنونة ب "مسودة مشروع المصالحة الوطنية المالية" الاتفاق على جملة من البنود التي تشمل بالأساس مناقشة مطالب كل طرف من أطراف النزاع والتخلي عن العنف وعدم المساس بوحدة التراب المالي وتقديم ضمانات من الحكومة المالية بعدم المتابعة القضائية أو تهديد أمن كل مجموعة تتخلى عن السلاح. كما يبحث اللقاء المرتقب مسألة اللاجئين الماليين وتقديم لهم كافة المساعدات الضرورية إضافة إلى مناقشة هذه البنود مع الحكومة المالية لبحث الحلول المقترحة للأزمة و كيفية تطبيقها على أرض الواقع.