لا تزال مدينة المهدية الهادئة بولاية تيارت تعيش على وقع التأثر البالغ والعميق أسبوعا بعد رحيل أحد أبنائها شهيد الواجب محمد الأمين لحمر عون الأمن الذي اغتيل بجبن خلال الإعتداء الإرهابي ضد الموقع الغازي بتيقنتورين (عين امناس). ويخيم الحزن على سكان حي "الدرب" الذين عرفوا وعايشوا الشاب محمد أمين. و قد أكد كل من اقتربنا منهم للتعرف أكثر على هذه الضحية الذي سقط تحت رصاص الإرهاب الغادرة أن الشهيد يعد "بطلا حقيقيا". "برفضه فتح بوابة قاعدة الحياة لتيقنتورين وإطلاقه صفارات الإنذار أخلط محمد الأمين حسابات الإرهابيين المعتدين الذين أرادوا إعتماد عنصر المفاجأة للقيام بعملهم الدنيء" حسبما أشار إليه أحد سكان الحي لوأج بمهدية. و"بتصرفه البطولي هذا أنقد الشهيد محمد الأمين حياة مئات الأشخاص وجنب تدمير منشأة صناعية حيوية للاقتصاد الوطني" يضيف شاب آخر كان يرتدي قشابية تقيه من البرد الشديد الذي يميز هذه المنطقة من ولاية تيارت. وبالرغم من الحزن العميق والصدمة جراء فقدان فلذة كبده إلا أن والد شهيد الواجب الحاج ساعد لحمر لا يزال يستقبل المعزين بكل ثبات في منزله العائلي المتواضع حيث يؤكد لكل من جاء لمواساته "لقد إغتالوا إبني إلا أنه مات رجلا واقفا ومتحملا مسؤوليته وأدى واجبه إلى أخر رمق". وأبرز أن عائلته "تفتخر بتضحية الشهيد محمد أمين الذي كان يمتاز منذ صغره بالشهامة والشجاعة وحبه للجميع والذكاء الكبير إذ تمكن في سن ال12 من العمر من حفظ نصف القرآن الكريم وتجويده إضافة إلى انضباطه الدائم" يضيف الوالد. كما ثمن الحاج ساعد لحمر المجهودات التي قام بها مسؤولو مجمع "سوناطراك" من خلال التكفل بإجراءات نقل جثمان الفقيد بتخصيص طائرة من عين أمناس إلى مطار "عين بوشقيف" بتيارت ليدفن بمسقط رأسه مهدية. ومن جانبها لا تزال والدة الشهيد تحت وقع الصدمة فبالكاد تستطيع وبجهد جهيد نطق بعض الكلمات بصوت منكسر وضعيف وبعيون ملؤها الدموع. "لم أصدق بعد أن إبني قد قتل. لقد كلمني بضعة ساعات فقط قبل الحادثة ليسقط خبر اغتياله كالصاعقة صباح الأربعاء". ''لا زلت الى الآن غير قادرة على تصديق ذلك" تضيف الوالدة مردفة "أمين لم يقم إلا بواجبه ولا راد لقضاء الله". أما هواري شقيق بطل تيقنتورين فلا يستطيع محو الذكريات المشتركة مع محمد الأمين "لقد كان في ال 32 من العمر ولا يزال يعيش في المنزل العائلي" مشيرا إلى أن الفقيد "أودع ملفا منذ سنوات على مستوى دائرة مهدية للإستفادة من سكن إجتماعي". وفي حديثه عن العمل البطولي الذي قام به أخوه ذكر هواري أن "كل العمال بالموقع الغازي أجمعوا على أن تضحية محمد الأمين وشجاعته ومواجهته للإرهابيين حالت دون حدوث خسائر مادية وبشرية أكبر". وأجمع أفراد أسرة الشهيد البطل محمد الأمين لحمر وسكان مدينة مهدية أن ابنهم يعد رمزا من رموز الجزائر المقاومة والمكافحة للإرهاب. "محمد أمين مات تاركا وراءه أرملة وسيبقى بالنسبة لنا مثالا يحتذى به فنحن نفتقد حضوره الدائم وابتسامته وظرافته" يشير ميلود أحد شباب الحي الذي رافق ومئات المواطنين الفقيد إلى مثواه الأخير.