يصوت الناخبون بقبرص اليوم الاحد لاختيار رئيس جديد للبلاد في ظل تحديات اقتصادية خانقة مثيرة لتزيد من عمق ازمة تقسيم الجزيرة المتوسطية المستمرة منذ حوالى اربعة عقود. ودعي الى هذه الانتخابات ما يزيد عن نصف مليون قبرصي يوناني لاختيار الشخص الذي سيقود البلاد للسنوات الخمس المقبلة في حين ستجري جولة الإعادة في 24 من الشهر الجاري إذا لم يحصل المرشح على أكثر من 50 بالمائة من عدد ألاصوات. وذكرت وكالة أنباء قبرص, أن عملية الاقتراع تمضي "بسلاسة حيث يتبع الناخبون النظام ولم تبلغ حتى الآن على أية شكاوي". ويتنافس في هذه الانتخابات 11 مرشحا يتصدرهم مرشح المعارضة نيكوس اناستاسيدس. ويعد نيكوس اناستاسيادس (66 عاما) زعيم حزب التجمع الديمقراطي اليمني المعارض والمدعم من الحزب الديمقراطي ثالث اكبر تجمع حزبي في الجزيرة "الاوفر حظا للفوز في هذه الانتخابات. ويرى محللون أن اناستاسيادس قد يفوز بالاغلبية المطلقة في الجولة الاولى او الفوز بهامش مريح في انتخابات الاعادة يوم الاحد المقبل خصوصا اذا ما ارتفعت نسبة الامتناع عن التصويت في حين لم يترشح الرئيس الشيوعي الحالي ديميتريس كريستوفياس لولاية ثانية. وفي حالة الاعادة ربما يواجه اناستاسيادس منافسه ستافروس مالاس (45 عاما المستقل ووزير الصحة السابق في الحكومة السابقة الذي تدعمه الحكومة اليسارية الحالية بقيادة حزب (اكيل) او جيورجوس ليليكاس وزير سابق يدعمه حزب (اديك) الاشتراكي وقطاع من ناخبى احزاب الوسط الاخرى. وكان اناستاسياديس تعهد في حملته الانتخابية بالتوصل لاتفاق سريع مع الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي بشأن خطة انقاذ مالي حتى ولو كان ثمن ذلك الدخول في خطة تقشف كبيرة. وأشارت مصادر اعلامية الى ان ستافروس مالاس مرشح الجناح اليسارى يحتل المركز الثانى في قائمة المرشحين للفوز في الانتخابات ويركز على ضرروة استغلال قبرص للاحتياطيات الضخمة من الغاز الطبيعي الذى اكتشف في بحر ليفانتاين لتعزيز اقتصادها بدلا من اللجوء للحصول على صفقات انقاذ خارجية. وحسب التقارير الاعلامية فان المرشح المستقل جورج ليكاس يحتل أيضا مركزا متقدما في قائمة المرشحين في انتخابات الرئاسة القبرصية , والذي يؤكد على ضرورة التركيز على السياحة واجتذاب الاستثمارات الخارجية لاخراج البلاد من دائرة الركود الاقتصادي". وتظهر إستطلاعات الرأي أن المرشح اناستاسياديس وهو أكثر الشخصيات المؤيدة لخطة الإنقاذ بين المرشحين الرئيسيين للرئاسة متقدم ب15 نقطة على أقرب منافسيه ستافروس مالاس, ولكن ربما لا يضمن الحصول على الأغلبية القاطعة التي يحتاجها لتفادي خوض جولة إعادة الإنتخابات بعد بأسبوع. وفي حالة فوزه سيواجه الرئيس ارثا ثقيلا ومشكلات ملحة تركها الرئيس الحالي ديمتريس كريستوفاس حيث يتعين عليه التعامل مع ازمة اقتصادية عميقة اجبرت قبرص على طلب حزمة مساعدات مالية دولية. وتكون مهمة الرئيس الفائز الأولى التفاوض مع الاتحاد الأوروبي للحصول على حزمة انقاذ مالي وتأمين نقد كافي لادارة الدولة خلال الشهور القليلة المقبلة لانتشال البلاد من أزمتها الاقتصادية. وتوجد بعض الصعوبات التي تواجه حصول قبرص على قروض مالية من بينها أن المستثمرين يرون أنها لن تستطيع الوفاء بديونها إضافة إلى التساؤلات حول التزامها بسياسة مكافحة غسيل الأموال وعلاقتها الوثيقة بروسيا. وتقدر قبرص التي تتفاوض حاليا مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي انها تحتاج الى 17 مليار يورو منها 10 مليارات لتمويل مصارفها المتأثرة بالديون اليونانية. تجدر الاشارة إلى أن خسائر البنوك القبرصية وصلت إلى 5ر4 مليار يورو , فيما انخفض الناتج القومي الاجمالي بنسبة 25 في المائة. واختارت قبرص مع تعثر المفاوضات حتى الان خطة تقشف قاسية لكن الرئيس رفض المطالب التي تدعوه إلى الخوصصة. بموازاة ذلك يعاني الاقتصاد تقشفا كبيرا من دون اي افق لانتعاش قبل 2015 وتضاعف معدل البطالة خلال عامين ليصل الى 7ر14 بالمائة. وافادت صحيفة "بيلد" الالمانية مؤخرا ان خبراء ترويكا الجهات الدائنة (الاتحاد الاوروبي والمصرف المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي) يتدارسون التداعيات المالية لاحتمال افلاس قبرص اذا لم تحصل الجزيرة المتوسطية على مساعدة دولية. وقالت الصحيفة ان "خبراء من الترويكا يحسبون ولا سيما بضغط من برلين التداعيات المالية لافلاس لقبرص". واضافت ان اليونان ستكون الدولة الاكثر تضررا من هذا السيناريو بسبب العلاقة المصرفية التي تجمع بين البلدين ذلك ان كبرى المصارف القبرصية لديها فروع في اليونان تختزن 10 بالمائة من ودائع اليونانيين. وفي جوان الفارط طلبت قبرص مساعدة اوروبية بعدما طلب مصرفاها الرئيسيان من الحكومة مد يد المساعدة اليهما بسبب انكشافهما الكبير على الديون اليونانية. وقرر وزراء مالية دول منطقة اليورو خلال اجتماع في بروكسل مؤخرا ارجاء اتخاذ القرار حول مساعدة قبرص الى ما بعد الانتخابات الرئاسية. وتبقى مسالة اعادة توحيد البلاد المقسمة منذ 1974 والسعى من اجل ايجاد حل مع القبارصة الاتراك للاتحاد مع شرق الجزيرة الواقعة في البحر المتوسط رهانا اخر يضاف الى اجندة الرئيس الفائز.