أدانت السلطات اللبنانية اليوم الاحد بشدة حادثة اطلاق صاروخين على ضاحية بيروتالجنوبية محذرة من تداعياتها على إستقرار المنطقة ومطالبة بالنأي عن الصراع الدائر في سوريا منذ أكثر من سنتين وذلك في ظل إستمرار التوتر الأمنى في مدينة طرابلس اللبنانية جراء الإشتباكات بين مؤيدي ومعارضي النظام السوري. وفور سقوط صاروخين صباح اليوم على موقف للسيارات قرب كنيسة في (الشياح) في الضاحية الجنوبيةببيروت وأخرى على منزل في المنطقة أعرب الرئيس اللبناني ميشال سليمان عن إدانته للحادثة واصفا من قام بهذا العمل ب"الإرهابيين الذين لا يريدون السلم والاستقرار للبنان واللبنانيين". كما دعا سليمان المواطنين الى ان يكونوا في "اقصى درجة من اليقظة والوعي والمساعدة المدنية حيال أي مشتبه أو تحرك مشبوه والابلاغ عنه وذلك لقطع دابر أي محاولة لأثارة الفتنة والتوتر الامني حفاظا على الامن الوطني والسلم الاهلي". وعلى وقع ذات الحادثة حذر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي من إحداث توتر أمني بالمنطقة معتبرا أن هذه حادثة "هدفها احداث بلبلة أمنية ومحاولة إستدراج ردود فعل معينة وهذا أمر واضح من ناحية التوقيت و الهدف" وداعيا الى "التيقظ والتنبه والتعاطي مع دقة الوضع بحكمة لمنع الساعين الى الفتنة من تحقيق مآربهم". وبدوره وصف وزير الداخلية اللبناني مروان شربل الحادثة بالعمل التخريبي معربا عن أمله في "الا تصل الاحداث في سوريا الى لبنان الذي لا يتحمل ذلك". وأسفر حادث سقوط قذيفين صاروختين في الضاحية الجنوبية من بيروت عن إصابة خمسة اشخاص بينهم ثلاثة سوريين . — دعوات بتكثيف التحريات من أجل محاسبة مرتكبي الحادثة — وعقب الحادثة توالت الدعوات إلى ضرورة تكثيف التحقيقات من اجل معرفة المرتكبين حيث طالب الرئيس سليمان "الأجهزة المعنية بتكثيف تحرياتها وتحقيقاتها لملاحقة المرتكبين بأقصى سرعة واحالتهم الى القضاء المختص". وأكد وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية فايز غصن أن "الجيش اللبناني والأجهزة الامنية والقضائية يعملون حاليا على استكمال التحقيقات" داعيا الجميع الى "عدم الانغماس في إطلاق التحليلات والتكهنات وترك القضية في عهدة الأجهزة المعنية التي لها وحدها ان تقول الكلمة الفصل". وفي إطار هذه التحقيقات عثر الجيش اللبناني على ثلاثة منصات لإطلاق الصواريخ بين بلدتي بسابا وعيتات أطلق من خلالها الصاروخين اللذان انفجرا في وقت سابق اليوم بينما ضربت عناصر الجيش اللبناني طوقا أمنيا مشددا حول أمكنة القواعد المكتشفة فيما تواصل البحث عن صاروخ ثالث أطلق من ذات القواعد ولم ينفجر. — إنسجام بين الرؤى الرسمية والحزبية في الملف الأمنى شمال لبنان— وفي سياق إستنكاره للحادثة دعا وزير الدفاع اللبناني فايز غصن إلى التصدى لمحاولات زعزعة إستقرار لبنان واضعا عملية إطلاق الصواريخ على جنوببيروت " في خانة العبث بالأمن والاستقرار الداخليين" معتبرا أن "المستفيد الأول من هذا العمل العدواني هم أعداء لبنان الذين لا يروق لهم رؤية اي هدوء يسود البلاد". وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد دعا أكثر من مرة "القيادات والفاعليات السياسية كافة بالتعاون مع الجيش والقوى الأمنية لضبط الأوضاع في الشمال وإبعاد طرابلس عن التجاذبات السياسية وعدم إعتبارها بوابة لتوجيه الرسائل الداخلية والاقليمية" وكذا الإلتزام بإعلان (بعبدا) الذي ينص على ضرورة النأى بالنفس من الأزمة السورية و الحفاظ على البلاد من التجاذبات التي تعرفها المنطقة وذلك بالتوازي مع تفعيل العمل على الالتزام بالاستحقاقات اللبنانية الداخلية. كما شدد الرئيس ميشال سليمان على أن حماية لبنان تكون عبر تطبيق القرار الدولي 170 والتزام قرارات الشرعية الدولية والالتزام بإعلان بعبدا الذي ينص على "الابتعاد" عن سياسة المحاور و" الحياد" عما يحيط بلبنان. وتنسجم هذه الرؤية الرسمية اللبنانية فيما يتعلق بالأمن و الإستقرار في الشمال مع توجهات العديد من الأطياف السياسية في البلاد حيث دعا الامين العام لحركة "حزب الله" اللبنانية حسن نصر الله في خطاب له أمس السبت إلى ضرورة تحييد لبنان عن الصراع في سوريا وذلك بعد نحو أسبوع من الاشتباكات بين موالين ومعارضين للنظام السوري في طرابلس بشمال لبنان. وفي ذات السياق حذر عضو "جبهة النضال الوطني" النائب هنري حلو اليوم من "مخاطر التورط الميداني لأطراف لبنانية في النزاع المسلح في سوريا " معتبرا أن حادثة اليوم (إطلاق الصاروخين)" يظهر مدى الإنكشاف الأمني للبنان على كل المخاطر" بفعل الصراع السورى. و طالب من جهته رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان "بالاسراع في تحديد الفاعلين داعيا "الجيش الى الضرب بيد من حديد حيث لا مكان بعد اليوم للمجاملة ولا يجوز التعامل معها بعقلية ربح الوقت حتى انجلاء الشأن الاقليمي ". — إستمرار الإشتباكات في مدينة طرابلس ومخاوف من تفاقم الوضع الأمنى— وتأتى هذه التطورات الأمنية في ظل التوتر المستمرفي مدينة طرابلس شمال لبنان حيث أصيبت مواطنة لبنانية اليوم في جبل محسن بالمدينة وذلك في الإشتباكات المسلحة التي أودت لحد الآن بحياة 28 قتيلا وأزيد من مائتي مصاب في أعقاب مقتل أربعة أشخاص أمس السبت أحدهم متأثرا بجروح أصيب بها قبل أيام. وكان هذا التوتر الأمني في المدينة قد بدأ الأحد الماضي على محاور الصراع التقليدية بين "باب التبانة" و"جبل محسن" ويتجدد بين الحين والآخر جراء توفر السلاح وأخذت دائرة الصراع في التوسع لتشمل محاور أخرى في طرابلس بما ينذر بخطورة الوضع. وتتأكد هذه المخاوف على إستقرار لبنان من خلال تصريحات رئيس بعثة اللجنة الدولية في لبنان يورغ مونتاني حيث أكد "إن العنف المسلح في منطقة حضرية مكتظة بالسكان مثل طرابلس سيؤثر حتما على أمن وسلامة الأشخاص هناك(...) ونحن ندعو جميع الأطراف إلى السماح للمصابين بالوصول الفوري والآمن إلى المستشفيات والإمتناع عن إلحاق الأذى بالمدنيين والسماح لهم بمغادرة المناطق المتضررة من العنف". وفي خضم هذا الوضع جاءت التأكيدات من طرف قائد الجيش اللبناني جان قهوجي على قدرة القوات الجيش اللبناني على حماية البلاد من "استهدافات الداخل والخارج" مجددا "التزام المؤسسة العسكرية بالحفاظ على المبادىء الدستورية من أجل وطن سيد وحر".