دخلت العملية العسكرية التي ينفذها الجيش النظامي السوري ضد عناصر المعارضة المسلحة في مدينة حمص وسط سوريا يومها الثاني عشر في محاولة لاستعادة السيطرة على الخط الدولي الرابط بين حلب ودمشق في الوقت الذي أعلنت فيه موسكو عن استعدادها للحوار مع قادة المعارضة بغية الوصول إلى حل سياسي للأزمة الدامية التي تعيشها البلاد منذ أكثر من عامين. فقد واصل الجيش النظامي السوري اليوم الثلاثاء قصفه على أغلب أحياء مدينة حمص المحاصرة بينما تجددت المواجهات المسلحة بين "عناصر الجيش السوري الحر" المعارض وعناصر الجيش على أطراف "حي الخالدية" مما أسفر عن تدمير أجزاء من جامع خالد بن الوليد حسبما التقارير الإعلامية. وتعرض حيا "الخالدية" و"باب السباع" لقصف عنيف استخدمت فيه قوات النظام مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى ونشوب حرائق في بعض المنازل حسبما ذكر شهود عيان. ومن جهته أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن الاشتباكات العنيفة مستمرة بين عناصر المعارضة المسلحة والقوات النظامية ومسلحين تابعين لها عند أطراف حي الخالدية وأشار إلى ورود أنباء عن خسائر في صفوف الطرفين. ووفقا للتقارير الواردة من حمص فقد تمكنت القوات النظامية من الدخول إلى أجزاء من "الخالدية" بعد قصف كثيف حيث وصف الوضع في المدينة ب"الخطير جدا" أين حوصرت 800 عائلة. وكان ناشطون سوريون قد أطلقوا منذ أيام مناشدات "للتدخل لإغاثة مدينة حمص المنكوبة" حيث يتواجد حاليا في أحيائها حمص القديمة عشرات العائلات التي تعاني من ظروف معيشية سيئة جراء خلفها نقص الغذاء والماء وقلة الأطقم والمواد الطبية والإسعافية إضافة إلى دمار في البينة التحتية جراء القصف والعمليات العسكرية. وقبل أيام تمكن الجيش النظامي من تحقيق تقدم في البلدة بعد أن استعاد السبت الماضي سيطرته على منطقة القابون الصناعية (شمال شرق دمشق) عقب سلسلة عمليات أمنية كما تمكن من السيطرة على أجزاء من المنطقة الشمالية والغربية من بلدة السيدة زينب بريف دمشق (جنوبا). ويواصل الجيش السوري عملياته العسكرية النوعية في حمص التي بدأها منذ 28 جوان الماضى لاستعادة البلدة من سيطرة مسلحي المعارضة مثلما كان الحال بالنسبة لبلدة القصير. — موسكو مستعدة للاجتماع مع المعارضة السورية التي تعيش حالة من اللاإستقرار— وبغية استنفاذ كافة السبل التي من شأنها الدفع قدما بالحل السياسي للأزمة السورية التي دخلت عامها الثالث والتي حصدت حتى الآن أرواح أزيد من مائة ألف شخص أعربت موسكو عن استعدادها للاجتماع مع قادة المعارضة السورية التي تعيش بدورها أزمة داخلية وحالة من اللاإستقرار طبعتها الاستقالات المتتالية لمسؤوليها. فقد أعلنت روسيا أمس الاثنين عن استعدادها لإجراء اتصالات مع القيادة الجديدة ل"الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة" بهدف المساهمة في إنهاء النزاع السوري عبر الحوار الوطني من دون تدخل خارجي مشيرة إلى تحفظها على بعض التصريحات التي أدلى بها رئيس الائتلاف السوري المعارض الجديد أحمد عاصي الجربا في وقت سابق. وكان "الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة و المعارضة" قد انتخب السبت الماضي فى مدينة اسطنبول التركية أحمد الجربا رئيسا جديدا له خلفا لأحمد معاذ الخطيب الذي استقال في مارس الماضي. وفي الوقت الذي توصل فيه أعضاء الائتلاف إلى توافق حول رئيس جديد له أعلن رئيس "الحكومة السورية المؤقتة" التي شكلتها المعارضة في الخارج غسان هيتو أمس الاثنين إعتذاره عن الاستمرار في مهمة تشكيل "الحكومة المؤقتة". وللتذكير فقد كان "الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" قد اختار خلال اجتماع عقد في مدينة اسطنبول التركية في مارس الماضي رجل الأعمال السوري غسان هيتو المقيم بالولايات المتحدةالأمريكية لتشكيل حكومة تعمل ضمن الأراضي السورية. — الأممالمتحدة ترحب بدعوة دمشق إلى التحقيق في استخدام الأسلحة الكيميائية— ومع كثرة الحديث على الساحة الدولية حول امكانية استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية من أجل قمع عناصر المعارضة المسلحة في البلاد دعت دمشق أمس الاثنين على لسان مندوبها لدى الأممالمتحدة إلى إرسال مراقبين لمواصلة التحقيق في الأمر مجددة اتهامها ل"الجماعات الارهابية المسلحة" بالوقوف وراء ذلك. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن ترحيبه بعرض حكومة النظام لمواصلة المناقشات بشأن بعثة الأممالمتحدة للتحقيق في الادعاءات باستخدام أسلحة كيماوية في سوريا غير أنه أكد شعوره بقلق جدي بشأن كل الادعاءات باستخدام الأسلحة الكيماوية هناك. وكان مندوب سوريا الدائم لدى الأممالمتحدة بشار الجعفري قد دعا رئيس فريق الأممالمتحدة للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا آكي سيلستروم لزيارة دمشق لمناقشة ما أثير بشأن استخدام أسلحة محظورة في البلاد كما دعا أيضا إلى مسؤولة نزع السلاح بالأممالمتحدة أنجيلا كين لزيارة دمشق لإجراء محادثات حول تحقيق الأممالمتحدة بهذا الخصوص مؤكدا "ثقته" بأن أنجيلا كين وآكي سيلستروم سيجريان مفاوضات بناءة مع المسؤولين السوريين من أجل التوصل إلى اتفاق متبادل على شروط مرجعية المهمة وآليتها وإطارها الزمني". وأشار المندوب السوري بهذا الصدد إلى أن سلطات بلاده قد اكتشفت 281 برميلا مليئا بمواد كيميائية خطرة في مدنية بانياس بإمكانها تدمير مدينة بأكملها مؤكدا بأن التحقيق مازال جاريا بشأن هذه المواد الكيميائية التي لها صلة "بالمجموعات الإرهابية المسلحة". ويتهم المجتمع الدولي النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية في مواجهته لعناصر المعارضة المسلحة الأمر الذي تنفيه دمشق كلية وتؤكد بأن "الجماعات الإرهابية المسلحة" هي من يستخدم هذه الأسلحة.