لا تزال الاحداث والتطورات الامنية و السياسية في مصر تستحوذ على اهتمام الاسرة الدولية المتخوفة من زج البلاد في حرب اهلية في الوقت الذي لايزال فيه الشارع المصري المنقسم بين مؤيد و معارض للرئيس المعزول محمد مرسي بالتزامن مع إصرار الجيش على اعتبار هذه الخطوة قرارا حتميا جاء لتلبية مطالب الشعب القائمة على الاعداد لانتخابات سريعة و منظمة. وفي ظل انشغالات و تخوف الاسرة الدولية من تفاقم الوضع السياسي و الامني في مصر أكدت الجزائر على لسان الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية عمار بلاني اليوم الثلاثاء بأن"الجزائر جد منشغلة بالأحداث الدامية التي وقعت خلال المظاهرات الأخيرة في مصر" مضيفا "ندعو كل الأطراف المعنية المصرية إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس من أجل إبعاد شبح العنف الذي يهدد استقرار وأمن هذا البلد الشقيق". ومن جهتها دعت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر بساكي الجيش المصري إلى إبداء أقصى درجات ضبط النفس مؤكدة على ان "استقرار مصر ومسارها الديمقراطي على المحك" معبرة في ذات الوقت عن أمل الولاياتالمتحدة في "التحرك العاجل من طرف الأحزاب المصرية المكونة للمشهد السياسي المصري نحو حل سلمي يوصل إلى مرحلة انتقالية ترجع فيها ألأمور إلى نصابها من جديد". —اعلان المعارضة رفضها المشاركة في الانتخابات يقود البلاد نحو طريق مسدود— و ما يعقد الازمة السياسية في البلاد المصحوبة بأزمة اقتصادية خانقة والاحتجاجات الاجتماعية و التظاهرات التي تتخللها أعمال عنف خاصة تلك التي شهدتها أمس الاثنين أمام مقر دار الحرس الجمهوري في مصر حيث كان يعتصم أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي للمطالبة بإعادته إلى منصبه و التي راح ضحيتها اكثر من 50 قتيلا و العشرات من الجرحى مما أدى إلى إعلان المعارضة عن مقاطعتها للانتخابات. وأعلنت "جبهة الإنقاد" المعارضة اليوم مقاطعتها للانتخابات عقب اجتماع بمشاركة قادتها وخصوصا محمد البردعي و عمرو موسى وحمدين صباحي قائلة ان هذا القرار جاء "لعدم استجابة السلطة لمطالبها لضمان نزاهة الانتخابات و على راسها تشكيل حكومة محايدة لإدارة شؤون البلاد لمسايرة الاحداث". و تؤكد المعارضة على أن دعوة الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور الى الانتخابات تخالف الدستور الذي ينص على "الراقبة السابقة" للمحكمة الدستورية العليا على قانون الانتخابات و تقول المعارضة أنه كان ينبغي وفقا لهذا النص الدستوري عرض تعديلات قانون الانتخابات على المحكمة الدستورية مرة اخرى قبل اقراره و هو ما لم يتم. و كانت المحكمة الدستورية اعترضت على عدة بنود في مشروع قانون الانتخابات النيابية و اعادته الى مجلس الشورى الذي يمتلك حاليا السلطة التشريعية فقام بتعديله واقراره من دون اعادة عرضه على المحكمة الدستورية مرة اخرى لتقرر ما اذا كانت البنود المعدلة تتوافق مع الدستور ام لا. و من بين المقترحات التي اقترحت في محاولة لاحتواء الازمة التي تمر بها البلاد قدم محمد البرادعي للرئيس المؤقت عدلي منصور برنامجا متكاملا تضمن اعطاء البرلمان المقبل صلاحية استجواب رئيس الجمهورية والاشتراك مع القضاء في تعيين النائب العام ونوابه وكذلك النص على انتخاب المحافظين للتخلص من المركزية الإدارية ونقل صلاحيات وزارة العدل إلى المجلس الأعلى للقضاء وإعادة تأهيل جهاز الأمن بما في ذلك الأمن الوطني والأمن المركزي وزيادة أجور رجال الشرطة. و يرى المهتمون بالملف المصري ان اصلاح القطاع الأمني لا يمكن أن يتم بمعزل عن برنامج إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي شامل يرتكز على تفعيل مجموعة من الخطوات التدريجية والمحسوبة بما في ذلك تطوير المنظومة القانونية التي تحكم التفاعل بين المؤسسات الأمنية والسلطة المدنية. تباين الآراء حول مدى نجاح الرئيس المصري المؤقت في تحقيق برنامجه الخاص بالانتخابات المقبلة- تبايت الآراء حول مدى امكانية نجاح الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور في تحقيق برنامجه الخاص بالانتخابات عقب الاعلان الدستوري الذي يعطيه سلطة إصدار قوانين بعد التشاور مع الحكومة الجديدة ويشير إلى أن استفتاء على دستور جديد للبلاد سيتم بعد 4 أشهر تليه الدعوة إلى انتخابات برلمانية في حين أن الدعوة لإنتخابات رئاسية ستكون بعد 6 أشهر من الآن. وفيما اعتبر محللون سياسيون ان هذا الاجراء قد يؤدي الى احتواء الازمة نسبيا اعتبرت اوساط اعلامية ان هذا المبتغى صعب نوعا ما تحقيقه كون الفريق السيسي و الرئيس المؤقت منصور لديهما اسابيع ليس اشهر لإثبات انهما يعملان لمصلحة مصر و عليهم ان يثبتوا ان الجيش لن يتدخل في عمل الحكومة المؤقتة و ان اي انتخابات تبعد الاخوان المسلمين لن تكون نتيجتها ذات مصداقية قد تاجج الشارع اكثر مما هو عليه حاليا. و بعد سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى في أعمال عنف أعقبت قرار الجيش المصري عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي وتعيين رئيس مؤقت مع تعطيل الدستور طرحت قوى سياسية وشخصيات عامة مبادرات قالوا إنها "تهدف لحقن الدماء وحماية البلاد من مزيد من التدهور في الأوضاع". وفي حين أدى رئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور اليمين الدستورية كرئيس مؤقت لمصر وغابت المعلومات عن الجهة التي يحتجز بها مرسي أو ظروف احتجازه فإن أنصاره يواصلون اعتصامهم في عدة ميادين في مقدمتها رابعة العدوية شرق القاهرة والنهضة غربها للمطالبة بعودته إلى السلطة واصفين ما حدث بأنه انقلاب عسكري ينتهك الشرعية. ومع أن بيان الجيش الذي أعلن فيه وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي عن التغييرات الجديدة تحدث عن خريطة مستقبلية لا تقصي أيا من الأطراف إلا أن حملة من الاعتقالات طالت قيادات من جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها في حين اشتعل العنف بالقاهرة وعدة محافظات ووصل الأمر في بعضها إلى مهاجمة مقار للجيش والشرطة خصوصا في شمال سيناء. وخلال مؤتمر صحفي لنفي تكليف محمد البرادعي برئاسة الحكومة الجديدة كان أحمد المسلماني المستشار الإعلامي للرئيس المؤقت قد صرح إنه يعمل حاليا على مبادرة للتفاوض مع "جماعة الإخوان المسلمين" مؤكدا أنه لا توجد نوايا للإقصاء أو الخصومة مع أي تيار إسلامي إلا لمن يحمل السلاح في مواجهة الدولة. ولم يكن هذا كل شيء على صعيد المبادرات لإنهاء الأزمة المعقدة فقدت اقترحت الجماعة الإسلامية وذراعها السياسية حزب البناء والتنمية إجراء استفتاء شعبي على قبول خريطة الطريق التي قررها الجيش أو بقاء مرسي في موقعه كرئيس منتخب واعتبرت أن الأزمة لا يمكن حلها إلا في إطار الحفاظ على الشرعية والدستور وتوافق الشعب المصري. و تبقى امال المصريين و المجتمع الدولي عالقة بخصوص المخرج الكفيل بحل الازمة السياسية و الامنية و الاقتصادية للبلاد حيث الاستقطاب السياسي و كذلك محاولة احتكار الادارة السياسية مع تهميش قوى فاعلة مهمة لن يساعد في بناء الثقة و ارساء الامن في البلاد.