عاودت آفة إضمحلال الأرز الأطلسي الظهور مجددا بالحظيرة الوطنية لبلزمة بولاية باتنة بعد أن توقفت الإصابة بها منذ سنة 2005، حسب ما صرح به اليوم الأحد ل"وأج" مدير هذه الحظيرة السيد السعيد عبد الرحماني و ذلك قبيل إحياء اليوم الوطني للشجرة (25 أكتوبر). وتم اكتشاف أولى الحالات الجديدة يضيف السيد عبد الرحماني منذ منتصف شهر جوان الماضي على بعض أشجار الأرز الأطلسي المتواجدة على حواف الطرقات والمسالك بالحظيرة الوطنية لبلزمة لاسيما بحوزي بومرزوق و بورجم اللذين سبق وأن تعرضت أشجار الأرز الأطلسي بهما إلى الإصابة بالاضمحلال بنسب تتراوح بين 50 و90 بالمائة . وتبدو الإصابات الجديدة -وفقا لذات المسؤول-على شكل بقع حمراء تظهر على أوراق أشجار الأرز الأطلسي ثم تأخذ اللون الأصفر بمنظر يبدو للعيان على الأغصان الخضراء مؤكدا أن هذه الظاهرة لوحظت على عدد من الأشجار لكن الواقعة فقط على حواف الطرقات . وتم إعداد محضر متابعة لتطور هذه الآفة التي تبقى مقتصرة حاليا على تغير لون الأوراق من الأخضر إلى الأحمر ثم الأصفر دون ظهور أعراض أخرى-يضيف نفس المصدر- الذي أوضح في إتصال هاتفي ل"وأج" أن إدارة الحظيرة الوطنية لبلزمة قد أخطرت المديرية العامة للغابات بظهور الاضمحلال مرة أخرى بغابات بلزمة حيث تم إيفاد مختصين من المعهد الوطني للبحوث الغابية إلى الجهة للوقوف على الحالات المصابة. وتوجد حاليا المناطق التي مستها الآفة من جديد حسب مدير الحظيرة الوطنية لبلزمة تحت الرقابة الدورية مشيرا إلى أن الاضمحلال هذه المرة ظهر بشكل مخالف عن سابقه حيث كان يبدأ من أعلى شجرة الأرز ثم ينتقل إلى باقي أطرافها الأساسية فتضعف وتصبح هشة وتتساقط أوراقها ثم تموت نهائيا في وقت قياسي. ويرى مختصون في الميدان من الحظيرة الوطنية لبلزمة بأن ظهور هذه الآفة مجددا وإن كان يدعو للقلق فعلا بالنظر لمكانة وأهمية شجرة الأرز بمنطقة الأوراس وبالحظيرة الوطنية لبلزمة خاصة إلا أنه لم يعد محيرا مثل المرة الأولى التي ظهر فيها بالمنطقة لأن سبب الاضمحلال أصبح معروفا اليوم. فمن خلال الأيام الدراسية والأبحاث التي احتضنتها ولاية باتنة بين سنتي 2000 و2008 حول الظاهرة التي حيرت المختصين في أول الأمر تبين بأن السبب الرئيسي لها يعود إلى قلة التساقط و ارتفاع درجة الحرارة . وهي الفرضية التي أكدها فريق بحث من مخبر أبحاث جامعة "أريزونا" بالولايات الأمريكية سنة 2008 الذين زاروا المنطقة في أفريل من ذات السنة و توصلوا وقتها إلى أن حوالي 62 بالمائة من آفة اضمحلال شجرة الأرز وخاصة بحظيرة بلزمة تعود إلى الفترات المتقاربة للجفاف بين سنتي 1998 و 2002. وأكد هذه الحقيقة الباحث من مخبر جامعة أريزونا بالولايات المتحدةالأمريكية البروفيسور رمزي توشان خلال الملتقى الدولي حول شجرة الأرز الأطلسي الذي احتضنته مدينة باتنة في ديسمبر 2011 والذي شرح أيضا بالمناسبة كيف أدى الجفاف و ارتفاع درجة الحرارة إلى تضرر أشجار الأرز الأطلسي بلبنان . وبين هذا الباحث- الذي زار منطقة الأوراس سنة 2006 في إطار زيارة علمية للبحث في ظاهرة إضمحلال شجرة الأرز بالجهة من خلال علم دراسة التغيرات المناخية انطلاقا من حلقات نمو الأشجار- علاقة التغيرات المناخية والآثار السلبية التي ألحقتها الملوثات بطبقة الأوزون على ظهور آفة اضمحلال شجرة الأرز الأطلسي بفعل تفاقم الاحتباس الحراري . وكانت أشجار الأرز الأطلسي بولاية باتنة التي تتربع على أكثر من 7 آلاف هكتار تقع كلها بالحظيرة الوطنية لبلزمة قد مستها آفة الاضمحلال منذ سنة 2003 بنسبة وصلت إلى 40 بالمائة مما تسبب في موت كل الأشجار المصابة. وأحدثت هذه الآفة حسب مختصين بكل من الحظيرة الوطنية لبلزمة ومحافظة الغابات بباتنة بعد ذلك تغيرا في النمط البيولوجي للمنطقة حيث بدأت أنواع أخرى من الأشجار في الظهور مكان أشجار الأرز الأطلسي مثل أشجار البلوط الأخضر. وباشرت الحظيرة الوطنية لبلزمة انطلاقا من سنة 2008 حملة تطهير واسعة لغاباتها من خلال قطع وإزالة أشجار الأرز الميتة على مساحة 2200 هكتار خاصة بمناطق تالمات وبورجم وبومرزوق الجبلية مكنت إلى حد الآن يشير السيد عبد الرحماني من تجاوز الهدف المسطر أي تطهير 2350 هكتار من الغابات و استرجاع أكثر من 30 ألف متر مكعب من الخشب الذي تم بيعه من طرف محافظة الغابات . وعلى الرغم من أن الاضمحلال أتى في سنوات قليلة على مئات الأشجار المعمرة من هذا الصنف النبيل إلا أن جهودا كبيرة يتم بذلها حاليا على مستوى الحظيرة الوطنية لبلزمة من أجل إعادة تشبيب المناطق المصابة من خلال تجارب لإعادة استزراع شجرة الأرز بغابات بلزمة التي كانت دوما مشهورة بهذه الشجرة المهددة اليوم بالزوال بكل منطقة الأوراس.