أصبح الخلاف بين الحزب الاسلامي وقوى المعارضة في تونس يحتل صدارة الاحداث في البلاد بعد فشل الفرقاء في تعيين رئيس حكومة جديد لتشكيل حكومة تكنوقراطية تحضر الانتخابات العامة لاخراج البلاد من أزمتها التي ازدادت حدة مع تكرار اعتداءات الجماعات الجهادية التكفيرية. واختتمت أشغال آخر جلسة مفاوضات بين الأحزاب السياسية التونسية المشاركة في الحوار الوطني دون التوصل إلى أي اتفاق حول تعيين شخصية لتولي منصب رئيس الحكومة للمرحلة الإنتقالية الثالثة وذلك بسبب تمسك حركة النهضة الإسلامية وشريكها في الحكم حزب "التكتل" بترشيح أحمد المستيري (88 عاما) فيما تشبتتت بقية الأحزاب السياسية المعارضة بشخصية محمد الناصر (79 عاما) الذي يحظى بدعم 14 حزبا. لذا أعلنت الرباعية الراعية للحوار تعليق جلسات الحوار إلى أجل غير مسمى "في انتظار ايجاد أرضية صلبة لنجاحه". ولقد تبادلت قوى المعارضة والحزب الاسلامي الحاكم الاتهامات بشأن تأزم الوضع وفشل الحوار حيث اعتبر زعيم حزب النهضة الشيخ راشد الغنوشي أنه لا يوجد لدى المعارضة "مبرر واحد مقنع" لرفض ترشح المستيري لرئاسة الحكومة "رغم وضوح استقلاليته" مشددا على ان الائتلاف الحاكم "لن يسلم أمانة الحكم إلا لأيادي أمينة". ورغم ان الحياة السياسية والمؤسساتية مشلولة منذ اكثر من ثلاثة اشهر بعد اغتيال النائب المعارض محمد براهمي في شهر جويلية الماضي فان المتحدث قلل من خطورة فشل الحوار موضحا بأن تعليق الحوار الوطني سيكون "مؤقتا" وسيستأنف عما قريب بالنظر إلى "حاجة البلاد" إلى ذلك. وبدوره بين الناطق بإسم الإئتلاف اليساري المعارض "الجبهة الشعبية" حمة الهمامي ان أحزاب المعارضة "حرصت على إنجاح الحوار وقدمت كل التنازلات الممكنة". ويرى المتحدث ان الإئتلاف الحاكم بقيادة الحزب الاسلامي ما انفك "يتمسك ويحتكر حق" تعيين رئيس الحكومة "لافراغ التوافق من محتواه" وفق تعبيره . وأعلنت عدة تشكيلات سياسية الشروع في مشاورات من اجل دراسة كل الخيارات مع اتخاذ القرارات "الملائمة التي يتطلبها الوضع". ويرى المراقبون أن هذه الخلافات قد تعيد تونس إلى المربع الأول عند بدء المحادثات بين النهضة وأحزاب المعارضة برعاية اللجنة الرباعية التى يقودها الاتحاد العام التونسى للشغل على أساس خارطة الطريق التى طرحها فى 17 سبتمبر الماضى لإنقاذ البلاد من أزمتها السياسية. ولئن كانت تونس تعيش على وقع الازمة السياسية فان التهديدات الامنية ازدادت خلال الاشهر القليلة الماضية مما دفع بالرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي إلى اتخاذ قرار يقضي بتمديد حالة الطوارئ السارية المفعول في البلاد لمدة ثمانية أشهر علما بان تونس تعيش حالة الطوارئ منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14 يناير 2011 . ويرى المراقبون أن هذا التمديد في حالة الطوارئ ناجم عن التوترات الأمنية التي تعرفها البلاد في ضوء تكرار الهجمات الارهابية ضد الاجهزة الامنية وتفكيك عدة شبكات ارهابية وقيام وحدات الجيش بحملات تمشيط ضد معاقل تنظيم "انصار الشريعة" الارهابي الذي انتقل في مخططاته إلى محاولة شن الاعتداءات على مرافق القطاع السياحي الذي يشكل الركيزة الاساسية للاقتصاد التونسي. ويأتي هذا التمديد في حالة الطوارئ بعد ايام فقط من صدور قرار رئاسي يقضى بإحداث مناطق عمليات عسكرية تشمل شتى أرجاء البلاد في اعقاب إجتماع المجلس الاعلى للامن الذي اعرب عن "عزمه على ملاحقة العصابات الارهابية والقضاء عليها".