تحتفي كينيا اليوم الخميس بالذكرى الخمسين لإستقلالها عن الإستعمار البريطاني كدولة لها وزنها السياسي والإقتصادي في منطقة شرق إفريقيا بالرغم من التحديات التي تعرفها البلاد وفي مقدمتها المحاكمة الدولية للرئيس كينياتا أوهورو والصراع العرقي و الفقر و الفساد. وبالمناسبة، دعا الرئيس الكيني كينياتا أوهورو خلال الفعاليات المخلدة لهذه الذكرى و التي إنطلقت الليلة الماضية شعب بلاده إلى الإحتفال بهذه المناسبة "التي رأت فيها كينيا النور و أصبح الكينيون مسؤولون عن مستقبلهم". وتوالت التهاني لكينيا شعبا وحكومة بهذه المناسبة حيث بعث رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ببرقية تهنئة أمس إلى الرئيس كينياتا جدد له فيها استعداده التام للعمل سويا على توطيد أواصر الصداقة والتضامن و التعاون التي تربط البلدين في حين عين السيد بوتفليقية رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح لتمثيله في احتفالات الذكرى الخمسين لاستقلال كينيا التي تجري اليوم في نييروبي. كما يشارك رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية السيد محمد عبد العزيز في هذه الاحتفاليات على رأس وفد هام وذلك على إعتبار أن اسم العاصمة الكينية نيروبي اقترن بالمواقف المشرفة لمنظمة الوحدة الافريقية (سابقا) والاتحاد الافريقي (حاليا) تجاه القضية الصحراوية. وتلقي الرئيس كينيتا برقيات تهنئة من العديد من الدول العربية و الإفريقية بالمناسبة تضمنت دعما و مساندة للبلاد في ظل الظروف التي تعيشها. وحصلت كينيا على إستقلالها من بريطانيا في 12 ديسمبر 1963 ونص الدستور الجديد على قيام ملكية دستورية في البلاد وفي عام 1964م تحولت كينيا إلى جمهورية وأصبح جومو كينياتا رئيسا للجمهورية. كينيا من أهم الدول التي تقود النمو في شرق إفريقيا رغم تحدياتها الأمنية ورغم التحديات الامنية التي تعيشها كينيا فإنها تعد من أهم الدول التي تقود النمو الإقتصادي في منطقة شرق إفريقيا حيث حققت نسبة نمو إقتصادي تقدر ب 4 بالمائة سنة 2012 في حين يرتقب أن تحقق 5.5 بالمائة من النمو خلال السنة الجارية كما أطلقت مشاريع تنموية ضخمة أهمها مشروع للسكة الحديدية يربطها من أوغندا وشرعت في تحديث مينائها الدولي وفق المعايير العالمية. وفي ذات السياق أكدت مديرة إدارة أفريقيا بصندوق النقد الدولي أنطوانيت صايح أن "الدول القديمة والحديثة الغنية بالموارد هي من قاد تحديدا النمو الاقتصادي للقارة الإفريقية التي ظلت تحقق نموا اقتصاديا قويا نسبيا في عام 2013 رغم التأثيرات الحتمية للركود الذي تشهده أوروبا والولايات المتحدة". وتشمل الدول "القديمة" كلا من جنوب أفريقيا والجزائر وأنغولا وغينيا الإستوائية والغابون ونيجيريا فيما تعد كينيا وغانا وتنزانيا من الدول "الجديدة" حسب المسؤولة الدولية. وتعيش البلاد حالة من الإقتتال العرقي تتصاعد حدتها في المواعيد الإنتخابية على غرار تلك التي حدثت عقب انتخابات عامي 2007-2008 والتي راح ضحيتها آلاف القتلى. في سنة 2010 حاول الكينيون بعد 20 سنة من التعددية الحزبية طي صفحة العنف من خلال إعتماد دستور جديد للبلاد كان من شأنه تجسيد إصلاحات سياسية و مالية وتطبيق المصالحة الوطنية بين أطياف المجتمع الكيني غير أن اعمال العنف لازالت متواصلة حيث تتجدد الإشتباكات في الشمال من حين لأخر. وفي الأسبوع الماضي اندلعت مواجهات شمال شرق البلاد على الحدود مع أثيوبيا ما تسبب في مقتل 100 شخص ونزوح آلاف المواطنين إلى الجانب الإثيوبي . ويدور الصراع في شمال كينيا بين مجموعة "بورانا" التي تعتبر أغلبية والتي سيطرت تقليديا على المنطقة منذ استقلال البلاد قبل خمسين عاما ومجموعات "رونديل" و"غابرا" و"بورجي" التي تحالفت فيما بينها مشكلة مجموعة واحدة أطلق عليها اسم "روجابو" وأصبحت تمثل قوة سياسية مهيمنة ملف المحاكمة الدولية للرئيس الكيني يميز الذكرى الخمسين لإستقلال البلاد تأتى الذكرى الخمسين لإستقلال كينيا في ظل ظروف متميزة حيث يواجه رئيس البلاد كينياتا أوهورو ونائبه وليام روتو دعوات قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية بزعم ضلوعهما في جرائم قتل وترحيل قسري للسكان واضطهاد خلال العنف الذي وقع عقب انتخابات عامي 2007-2008 في كينيا. وقد نفى المسؤولان الاتهامات المنسوبة إليهما. وفي هذا الشأن جدد وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة يوم الثلاثاء خلال اشغال الملتقى رفيع المستوى حول السلم والامن في افريقيا الذي انعقد بالجزائر على مدار ثلاثة ايام تضامن الاتحاد الافريقي مع المسؤولين الأفارقة المعنيين بالمتابعة الجنائية على غرار رئيسي السودان وكينيا على اعتبار أن هؤلاء الرؤساء يشكلون "رموز سيادة كل دولة إفريقية". كما شدد على أن "مبدأ الحلول الافريقية للمشاكل الافريقية مبدأ ثابت ومنبثق من فلسفة الاتحاد الافريقي أساسا" وأن "مطالبتنا بمساعدة الغير ليس من باب الاعانة فحسب وإنما من باب المسؤوليات المشتركة لجميع مكونات المجموعة الدولية في الحفاظ على السلم في القارة الافريقية على غرار المناطق الأخرى من العالم". وفي ذات السياق أعربت الصين عن أسفها لفشل مجلس الأمن الدولي في اعتماد مشروع قرار لتأجيل محاكمة القادة الكينيين أمام المحكمة الجنائية الدولية بطلب إفريقي حيث أنه في التصويت بالمجلس المكون من 15 عضوا دعم 7 أعضاء من بينهم روسياوالصين مشروع القرار فيما امتنع 8 أعضاء عن التصويت من بينهم بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة. وأشاد مندوب الصين الدائم لدى الأممالمتحدة "ليو جيه يي" بجهود الحكومة الكينية المتواصلة في إصلاح النظام القضائي والنهوض بالمصالحة الوطنية والتسوية السلمية للصراعات واستعادة الاستقرار والتنمية تدريجيا. وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أجلت في 31 أكتوبر الماضي محاكمة كنياتا إلى 5 فيفري 2014. ولكن الدول الأفريقية دعت إلى تأجيل إجراءات المحاكمة لمدة عام غير أن مجلس الأمن رفض هذا الطلب . ويرتقب أن ينعقد اجتماع المجلس الوزاري الإفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا يومي 16 و17 من ديسمبر الحالي لإتخاذ "موقف قوي وواضح" من المحكمة الجنائية الدولية.