يسود جو من التفاؤل فعاليات المرحلة الثانية من مسار الحوار بين الفرقاء الماليين الذي ترعاه الجزائر وسط "التزام" متبادل بالعمل من أجل تحقيق السلم المستدام و"التطبيق التام" لبنود أي اتفاق مستقبلي يتم التوصل إليه بين الأطراف المعنية بالحوار. وأعربت العديد من الأطراف المعنية بالحوار الشامل بين الفرقاء الماليين، الذي انطلقت مرحلته الثانية بالجزائر يوم الاثنين عن اطمئنانها وتفاؤلها بشأن نجاح المرحلة الثانية من المفاوضات، حيث أكد وزير الخارجية المالي عبدولاي ديوب عن "أمله" و"ثقته" في إمكانية التوصل إلى"اتفاق شامل و نهائي". وجدد رئيس الدبلوماسية المالية التزام الحكومة ب"المشاركة الجادة" في مفاوضات السلام و"التنفيذ التام" لبنود أي اتفاق مستقبلي مع الحركات السياسية المسلحة، مؤكدا على أهمية "البحث عن الإطار الدستوري الأمثل والكفيل بضم جميع أطياف المجتمع المالي و التكفل بانشغالاتهم" وداعيا الجميع إلى اغتنام فرصة الحوار من أجل استكمال بناء مالي. نفس الالتزام أعرب عنه وزير المصالحة الوطنية المالي زهابي ولد سيدي محمد، الذي أكد أن"هذه المفاوضات ستكون جيدة و نزيهة و إيجابية لجميع الأطراف" خاصة وان "الجميع يعلم أن تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة مهم للشعب المالي و كل الدول المجاورة". وأعرب الوزير المالي عن تفاؤله "في أن تخرج هذه المفاوضات بنتائج إيجابية فيما يتعلق بالسلم و الأمن و التنمية و كل النقاط المدرجة في أجندة الحوار" مؤكدا "اقتناعه بإمكانية التوصل إلى حل سلمي يرضي جميع الأطراف". ويأتي هذا التفاؤل بعد النجاح الذي كللت به المرحلة الأولى من المفاوضات التي جرت بالجزائر من 17 إلى 24 يوليو المنصرم و لاقت "تجاوبا ايجابيا داخل و خارج مالي بكل المقاييس" كونها سارت في"الطريق الصحيح" خاصة و أنها اختتمت بالتوقيع على وثيقتين تتضمنان "خارطة الطريق للمفاوضات في إطار مسار الجزائر" و "إعلان وقف الاقتتال" والتي يتم بموجبهما استكمال المرحلة الثانية من الحوار. وقد تم تنظيم جلسات المرحلة الثانية من الحوار في أربع مجموعات تتناول المجموعة الأولى القضايا السياسية و المؤسساتية وتتكفل المجموعة الثانية بالقضايا الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية في حين تتطرق المجموعة الثالثة إلى مسائل الدفاع والأمن و المجموعة الرابعة بالمصالحة الوطنية و العدالة و القضايا الإنسانية. - الحركات السياسية المسلحة والمجتمع المدني المالي إلى جانب الخيار السلمي لحل الأزمة وبالمقابل، أكد السيد محمد آغ خريب خلال افتتاح الجولة الثانية يوم الاثنين متحدثا باسم تنسيقية الحركات السياسية المسلحة للأزواد التي تضم الحركات الموقعة على "إعلان الجزائر" في التاسع من جوان الماضي، وهي الحركة الوطنية لتحرير الأزواد و المجلس الأعلى لتحرير الازواد و الحركة العربية للأزواد التزام أعضاء التنسيقية بإضفاء كل مساهماتها خلال المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي. كما أكد السيد آغ خريب ضرورة التطرق إلى "جذور الأزمة والبحث عن أسبابها العميقة من أجل التوصل إلى حلول مستدامة خاصة و ان هذه الأزمة دامت لأكثر من 50 سنة من تاريخ دولة مالي". و في ذات السياق، دعا السيد إبراهيم آغ محمد الصالح متحدثا بإسم الحركات الموقعة على أرضية التفاهم المبدئية بشأن الحوار في 14 جوان الماضي وهي التنسيقية من أجل شعب الأزواد و تنسيقية الحركات والجبهات القومية للمقاومة و الحركة العربية للأزواد (المنشقة) إلى "اغتنام فرصة الحوار الجاري من أجل التوصل إلى حلول مستدامة و تحمل المسؤولية أمام الأجيال القادمة". وأكد في هذا الصدد، أن الحركات التي يمثلها "تقف متحدة" من اجل تحقيق السلم و"لن تنحنى أبدا أمام الحرب"، مجددا الالتزام بالوحدة الترابية لمالي ولائيكية دولتها. وممثلا عن المجتمع المدني المالي أكد رئيس تنسيقية قبائل "إمغاد" التارقية في شمال مالي السيد عزاز أكلودقدق وقوفه إلى "جانب الحل السلمي والسياسي للأزمة وضد استعمال السلاح أو الحرب كوسيلة لتحقيق أي مطلب كان"، مؤكدا أن أن "الهدف الحقيقي" من مسار الحوار الذي ترعاه الجزائر هو"البحث عن السبل الكفيلة بتحقيق السلم في مالي". وضم السيد عزاز صوته إلى أصوات الحركات المطالبة "بتعزيز الحكامة و تحرير الإدارة و تحقيق التنمية والأمن عبر كامل التراب المالي وكلها مطالب يمكن تحقيقها بطريقة سلمية". -إشادة دولية "بالدور الفعال" الذي تقوم به الجزائر في الأزمة المالية وخلال فعاليات افتتاح الجولة الثانية من جلسات الحوار المالي الشامل، أكد وزير الخارجية رمطان لعمامرة نيابة عن دول الجوار، أن هذه المفاوضات "ستكون في مستوى الطموحات التي تنتظرنا لتجسيد ما هو منتظر من مسار الجزائر"، مبرزا أن الفرصة "سانحة لفتح صفحة جديدة لمصلحة الشعب المالي". وفي هذا السياق، أكد رئيس الدبلوماسية الجزائرية "استعداد الجزائر الدائم في إطار المنظومة الدولية لتجاوز أسباب المرحلة وتوجيه نظرة ثاقبة نحو المستقبل". ودعما لذات التوجه، أعرب رئيس الوفد الموريتاني المشارك ضمن الفريق الدولي للوساطة في الحوار السيد سيدي محمد بن حنن عن قناعته بنجاح هذه المفاوضات في الخروج "بنتائج ملموسة" حول الأزمة في مالي منوها "بالدور الفعال" الذي تقوم به الجزائر في هذا الصدد. وأضاف الدبلوماسي الموريتاني الذي تتولي بلاده الرئاسة الدورية للإتحاد الإفريقي "ما يزيدني قناعة بشأن نجاح هذه المفاوضات هو ثقة جميع الأطراف في الجزائر كوسيط لحل هذه الأزمة"، معبرا عن دعم بلاده للجهود التي تبذلها الجزائر بمرافقة المجموعة الدولية من أجل التوصل إلى حلول مستدامة للمسائل محل المفاوضات. نفس المستوى من الدعم أعرب عنه الممثل الخاص للمجموعة الاقتصادية لتنمية دول غرب إفريقيا بمالي أبودو شياكا حيال جهود الجزائر للوساطة في الحوار المالي "والتي مكنتنا من الخروج من الحلقة المفرغة التي كنا ندور فيها دون احراز أي تقدم". وبدوره اعتبر الممثل الخاص للأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة ألبير جيرار بيرت كوندرس أن هذه المرحلة من الحوار "أساسية" للتوصل إلى السلم في هذا البلد مشيرا إلى أن فريق الوساطة "جاهز بهذه المناسبة". ونظمت الجزائر منذ يناير الفارط سلسلة من اللقاءات تهدف إلى توفير الشروط الكفيلة بإطلاق حوار شامل بين الماليين و كانت ثمرة هذه الجهود التوافق على بدء الحوار المباشر بين أطراف النزاع بداية شهر يوليو الماضي وذلك بناءا على "إعلان الجزائر "و أرضية التفاهم المبدئية" التي وقعت عليها الحركات السياسية المسلحة الست ناشطة في شمال مالي المعنية حاليا بالحوار المباشر مع الحكومة المركزية ببماكو.