مثلت منطقة الطاسيلي أزجر التي كانت تابعة للولاية السادسة التاريخية ممرا هاما في عملية تموين الثورة التحريرية بالأسلحة والعتاد الحربي الذخيرة الحية حيث ساعد الموقع الجغرافي لهذه المنطقة حسب مختلف الشهادات في امداد جيش التحرير الوطني بالأسلحة القادمة من مختلف البلدان المجاورة وتمريرها عبر الصحراء الشاسعة نحو الشمال الى غاية حيث المعارك قائمة ضد الاستعمار الفرنسي. وتؤكد عديد الشهادات التي استقتها وأج من مجاهدي الولاية الذين عايشوا الثورة التحريرية أن هذه المنطقة أدت دورا بارزا في عملية إدخال الأسلحة والعتاد الحربي من عديد الدول الشقيقة وتمريره نحو باقي ولايات شمال الوطن. وكان من بين هذه الأسلحة ما يأتي من مصر مرورا بليبيا .وكان يتم جمع السلحة بمنطقة غدامس (الليبية) الحدودية مع منطقة الدبداب (الجزائر) قبل أن يتم نقلها فيما بعد عن طريق قوافل الإبل عبر الصحراء الجزائرية نحو شمال الوطن. وكان يتم إخفاء كميات الأسلحة القادمة من هذه البلدان بزرعة المجاهد "روابح قدور" بمنطقة الدبداب ( 500 كلم شمال ولاية إيليزي).وكان السلاح ينقل في صناديق خشبية ثم يتم وضعه في أكياس من الخيش تسمى ب "غراير" كانت تنسجها نساء مجاهدات بالمنطقة من وبر الابل -كما ذكرت المجاهدة بن فردية الزهرة أرملة المجاهد ماضوي محمد. الدراية الكبيرة بالصحراء ساعدة المجاهدين على تمرير السلاح ان الدراية الكبيرة لمجاهدي منطقة الدبداب بتشعبات الصحراء المترامية الأطراف مكنتهم من ادخال الأسلحة إلى التراب الوطني في ظروف آمنة إنطلاقا من الصحراء الليبية وإلى غاية أعماق الصحراء الجزائرية . وكان هؤلاء المجاهدون ومنهم المجاهدين المجاهد غدير علي بن الساسي و بن عروبة مختار وماضوي محمد وبقية يتنقلون عن طريق قوافل الإبل محملين بكميات من الأسلحة من أجل إرسالها إلى باقي مناطق التراب الوطني كانت معارك الثورة التحريرية ضد الاحتلال الفرنسي تصنع السير نحو الاستقلال والحرية. وكان المجاهون الأشاوس يتمتعون بالحنكة والذكاء من خلال اعتمادهم على عديد الطرق التي تمنع المستعمر الفرنسي من اكتشاف المهمة العسكرية التي كانوا يقومون بها.فكانوا على سبيل المثال يلجئون إلى طريقة دفن الأسلحة بالقرب من منازلهم ويتخذون من ذلك المكان مصلى حتى لا يكتشف العدو أمرهم. وبعدها تأتي الى منطقة الدبداب مجموعة أخرى من المجاهدين من مناطق واد سوف و ورقلة والمنيعة منهم المجاهد "علي بوغزالة" و "بن فردية علي" من أجل نقل هذه الأسلحة نحو مدنهم ليتم فيما بعد نقلها إلى شمال البلاد عن طريق فريق آخر من المجاهدين و المسبلين. إعتماد بوابة أخرى لضمان إمداد الثورة التحريرية بالأسلحة ولتفادي اكتشاف العدو لأمرهم وبعد العديد من المحاولات الناجحة لإدخال العتاد الحربي إلى التراب الوطني قرر المجاهدون المكلفون بهذه المهمة العسكرية بهذه المنطقة تغيير نقطة إدخال الأسلحة ودائما عن طريق ليبيا وذلك باعتمادهم بوابة التراب التونسي لتصل فيما بعد إلى صحراء "رمادة" (تونس) قبل أن يتم إدخالها إلى مدينة واد سوف ومنها إلى باقي مناطق الوطن -كما تروي المجاهدة بن فردية الزهرة. ومن جهته يذكر المجاهد "بن سبقاق أحمد" والملقب ثوريا "ببوضراعة" (86 سنة) والقاطن بحي "إفري" بمدينة جانت جنوب ولاية إيليزي أنه قام رفقة المجاهد "محمد الوهراني" بنقل أسلحة على متن 12 شاحنة رباعية الدفع من محافظة "الإسكندرية" (مصر) وذلك سنة 1959 وايصالها إلى غاية تونس حيث تم منحها إلى مجموعة أخرى من الثوار مكلفين بإدخالها إلى الأراضي الجزائرية. وفي نفس السياق يقول مدير المجاهدين لولاية إيليزي السيد قدي صالح أن منطقة الطاسيلي أزجر كان لها دور بارز في إمداد الثورة التحريرية بالأسلحة والعتاد الحربي. وتروي شهادات شفوية تم جمعها من قبل ثلة ممن عايشوا أحداث الثورة التحريرية المجيدة أن الأسلحة كانت تنقل من مختلف الموانئ الليبية مرورا بصحرائها ليتم إدخالها إلى الجزائر عن طريق مناطق الدبداب وطارات وجانت المتاخمة للحدود الليبية. وفي هذا الصدد تعكف مديرية المجاهدين لولاية إيليزي بتسجيل هذه الشهادات الحية بالصوت والصورة حفاظا على الذاكرة الوطنية وذلك بالتنسيق مع متحف المجاهد من أجل توثيق أحداث الثورة التحريرية المظفرة والصعوبات التي واجهها المجاهدون في التموين بالسلاح والذخيرة. وبذلك تكون منطقة أزجر بإيليزي قد صنعت صفحات ناصعة في سجل أحداث تاريخ ثورة أول نوفمبر 1954 الخالدة بفضل مساهمتها الكبيرة في مجريات الثورة التحريرية سواءا من حيث ضمان طرق إمداد الثورة بمختلف الأسلحة والعتاد الحربي القادم من دول شقيقة أو من خلال مساهمة سكانها كذلك ومن مختلف الفئات بمختلف الوسائل المتاحة في دحر الإستعمار الفرنسي.