تشهد مغارات "بني عاد" ببلدية عين فزة (ولاية تلمسان) منذ بداية العطلة الشتوية إقبالا كبيرا للزوار القادمين من مختلف ولايات الوطن، حسب ما لوحظ بعين المكان. ويسعى هؤلاء الزوار من هواة السياحة الجبلية إلى إكتشاف هذه التحفة الطبيعية ذات الأغوار المترامية الأطراف كما أوضح أحد الزوار من مدينة بجاية الذي لم يخف إندهاشه لما تحويه "من نوازل و صواعد كلسية منسجمة في شكل زخرفة طبيعية". وإعتبر " إنها لا تقل أهمية عن تلك الموجودة بالمغارات الشهيرة بالعالم و إنها ببساطة تضاهي في الجمال و السعة مغارات المكسيك". أما سائح آخر كان على متن سيارة تحمل رقم ولاية باتنة فقد إكتفى بالقول " أنا مندهش" قبل أن يعرب عن رغبته في الإسراع بالعودة حتى لا يلتقي بسيارة أخرى تأتي من الاتجاه المعاكس "لأن الطريق ضيق و خطير". وبالفعل فإن هذا المعلم الطبيعي و الجميل أضحى يضيق بسيارات الزوار و لا يكاد يحتويها خصوصا في أيام العطل كما أن الطريق الوحيد المؤدي إلى هذا الموقع السياحي يعتبر ضيقا و خطيرا في آن واحد الشيء الذي جعل المجلس الشعبي البلدي لعين فزة يبادر بالتنسيق مع مديريات السياحة و البيئة والأشغال العمومية و محافظة الغابات إلى برمجة مجموعة من المشاريع لخلق فضاء سياحي مناسب و ترقية مرافق الاستقبال إستنادا لرئيس البلدية المذكورة. ومن أهم هذه المشاريع المقررة بهذا الموقع الطبيعي المحاط بشريط غابي جميل و شلالات "لوريط" المنتجع السياحي الذي دخل حيز التنفيذ تحت اشراف مديرتي البناء و البيئة بالتنسيق مع البلدية المعنية كما أوضح السيد حمزة مكاوي الذي لفت الى أن المشروع يتضمن سلسلة من "البنغالوهات" الغابية و مطاعم و فضاءات للراحة و الرياضة و التسلية و مشتلة بستانية و كذا متحف بيئي . كما تجري الدراسات التقنية لإنجاز طريق مزدوج يربط عين فزة بالمغارات من أجل تسهيل التنقلات و القضاء على الحوادث المرورية التي تقع بالطريق الحالي، يضيف ذات المسؤول. ومن جهتها سطرت محافظة الغابات لولاية تلمسان برنامجا خاصا لإعادة تشجير الشريط الغابي المحيط بالمغارات و المجاور لشلالات "الوريط " الذي تضرر في السنوات القليلة الأخيرة من الحرائق التي أتلفت مساحة كبيرة من الغابة بهذه المنطقة السياحية كما أوضح مسؤول بالمحافظة المذكورة الذي لاحظ أن البرنامج يتضمن غرس شجيرات الصنوبر الحلبي داخل المساحة الغابية و أشجار الكرز بالأراضي الفلاحية المجاورة لها من أجل تزيين محيط المغارات . للإشارة، فإن مغارات "بني عاد" الواقعة في أعلى جبل عين فزة على بعد بحوالي 10 كلم من مدينة تلمسان تتربع على مساحة تقدر بحوالي 2500 متر مربع و تصل إلى عمق 45 مترا تحت سطح الأرض وتتشكل من عدة جيوب ذات ألواح طبيعية توحي بمناظر فنية مبتدعة. وتنقسم المغارات إلى قسمين الكبرى والصغرى و تتشعب إلى مجموعة من الغرف ذات التسميات المختلفة و المدلولات المتنوعة وفق ما توحيه من صور جدرانية متشكلة من صواعد و نوازل كلسية أبدعتها الطبيعة على مدى القرون المتعاقبة لتعطي بعض التماثيل و الإيحاءات مثل تمثال الحرية و السيوف و المحارب الروماني بالأضافة إلى العديد من الصور التي يمكن تفسيرها حسب ذوق و مشارب كل زائر. ولحماية هذا التراث الطبيعي تعالت بعض الأصوات لخبراء و مدافعين على البيئة خلال لقاءات علمية و اعلامية بتلمسان تدعو إلى المحافظة على هذا المعلم وترشيد استغلاله السياحي للحيلولة دون تعريض مغاراته للمخاطر المحتملة مثل سقوط الصواعد و النوازل الكلسية التي تشكلت على إمتداد قرون من الزمن أو تلوث جوها الداخلي الذي يحتفظ على درجة حرارية مستقرة طيلة السنة (13 درجة مائوية).