أجمعت آراء العديد من المؤرخين والأساتذة على أن مجازر الثامن مايو 1945, وبالرغم من الألم الذي خلفته في نفوس وذاكرة الشعب الجزائري, كانت الشرارة التي أوقدت لهيب ثورة أول نوفمبر 1954 بعدما تبين بأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. وفي هذا الاطار, يرى أستاذ مادة التاريخ بجامعة الجزائر, عامر رخيلة, أن الادارة الاستعمارية حاولت "تقزيم" تلك المجازر الرهيبة التي ذهب ضحيتها 45 ألف شهيد, حين وصفتها ب"اللاحدث". وتابع المتحدث في حديث لواج أن مجازر الثامن ماي "لم تقتصرعلى مدن سطيف, قالمة وخراطة كما ادعى الاستعمار بل امتدت إلى 19 مدينة في الشرق الجزائر والعديد من المدن في الوسط والغرب ودامت الى غاية 25 مايو من سنة 1945". وبعد أن وصف ما حدث من تقتيل وتشريد وطرد ب"الإبادة الجماعية", نبه السيد رخيلة الى أن فرنسا "التي كانت تتغنى بشعارات الحرية والعدالة, ارتكبت نفس الجرائم التي قامت بها النازية والفاشية في تلك الحقبة". وبخصوص حقيقة عدد شهداء تلك المجازر, أكد المتحدث بأن حزب الشعب الجزائري "هو من قدر عدد الشهداء ب45 ألف شهديد خلال المذكرة التي بعث بها الى الجامعة العربية التي كانت قد تأسست منذ أشهر فقط, في حين قدرت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين العدد ب90 ألف شهيد". وفي هذا الإطار, أكد الأستاذ رخيلة بأن الاستعمار الفرنسي "عمل على إخفاء الحقيقة وتضليل الرأي العام الوطني والدولي, بداية بتصريحه بأن عدد الضحايا بلغ 1200 فقط الى جانب تعمده عدم تسجيل المتوفين في سجلات الحالة المدنية لإخفاء العدد الحقيقي للضحايا". من جانبه, إعتبر الباحث الجامعي, محمد طيبي, في حديث لواج أن أحداث الثامن مايو 1945 كشفت حقيقة الاستعمار الفرنسي من حيث "بنيته العسكرية ذات الميول الفاشية" كما ترجمت "تنكر فرنسا للمقاتلين الجزائريين الذين حرروها من النازية". وبخصوص سعي الادارة الاستعمارية إلى اخفاء حقيقية ما وقع قبل 70 سنة, قال الباحث بأن المسألة "لا تقتصر على عدد الشهداء بل تتعداها الى الأضرار النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي خلفتها" مما يبين-- كما أوضح-- بأن الأمر "يتعلق باستهداف شعب برمته ذنبه الوحيد انه طالب بحريته على غرار بقية شعوب العالم عقب انتصار الحلفاء على النازية خلال الحرب العالمية الثانية". وبعد أن أبرز دور تلك الأحداث في "بلورة الوعي الوطني", اعتبرالمتحدث بأن مجازر الثامن مايو 1945 شكلت "المرجعية الروحية لبيان ثورة أول نوفمبر". أما المؤرخ محمد القورصو فيرى أن استعمال كلمة "مجازر" لوصف ما حدث خلال تلك الحقبة "غير كاف" و "لا يفي بالغرض", معتبرا أن استعمال كلمة "إبادة جماعية" هي الانسب" لوصف ما حدث. وقال في هذا الشأن بأنه انطلاقا من شهادات و قصص معاشة, فإن المعمرين الفرنسيين قاموا ب"تجنيد مختلف أسلاك الجيش لقمع الجزائريين الذين خرجوا لمشاطرة الاوروبيين فرحتهم بعد انتصار الحلفاء على النازية و الفاشية خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945) بعد ان حاربوا في نفس الجبهة مع الفرنسيين". وأضاف السيد القورصو بأن القوات الاستعمارية قد اقترفت في ال8 مايو 1945 "حربا عرقية ضد الجزائريين عن طريق القتل العشوائي التعسفي دون تمييز بين الرجال و النساء والاطفال و الشيوخ". وتابع المؤرخ بأن "الابادة لم تدم يوما واحدا و إنما سنة بكاملها, أي من مايو 1945 الى يونيو 1946", مضيفا ان "الصحافة و التقارير الاستعمارية في تلك المرحلة قد اكدت عودة الهدوء في يونيو 1946". وطالب الرئيس الاسبق لمؤسسة 8 مايو 1945 من فرنسا "الاعتذار" مذكرا بان الرئيس جاك شيراك كان قد قدم خلال عهدته الرئاسية اعتذار بلاده للشعب اليهودي عما حدث في زمن الماريشال بيتان. ولم يقتصر التنديد بفضاعة ما وقع في تلك المجازر على الباحثين الجزائريين, بل تعداه الى الفرنسيين أيضا حيث أكد المحامي الفرنسي جاك فرجاس سنة 2010 خلال لقاء خصص لتقديم كتابه "حب المقاومة" أن فرنسا لازالت الى اليوم تحاول إخفاء حقيقة ما حدث في سطيفوقالمة وخراطة. ويرى فرجاس أن "المجازر التي ارتكبت يوم 8 مايو 1945 كانت مؤشرا لاندلاع الثورة التحريرية التي سبقتها هزيمة فرنسا في ديان بيان فو بالفيتنام". من جانبه أكد المؤرخ الفرنسي جيل مانسرون خلال لقاء نشطه بقالمة سنة 2011 أن مجازر 8 مايو 1945 في الجزائر "يجب الاعتراف بها على أنها جريمة ضد الإنسانية".