وسط مجموعة كبيرة من أنواع الكعك و الحلويات التقليدية التي تسيل لعاب الصائمين القسنطينيين الذين لا يعرفون إلى أي اتجاه يميلون بين البقلاوة و القطايف أو تشاراك و طمينة اللوز يقدم قلب اللوز نفسه بين الجميع بمثابة '' قوة هادئة ناعمة '' و يحظى بطلب أكثر عليه بين مختلف الحلويات التقليدية المعروضة قسنطينية . فخلال شهر رمضان و مع اقتراب عيد الفطر يتنافس قلب اللوز و "الهريسة" القسنطينية. وعلى الرغم من مظهرهما المتطابق فإن الفرق حسب ما يورده قسنطينيون عارفون بخبايا الأمور و تراث الصخر العتيق هام و كبير بين النوعين. وسواء خلال الشهر الفضيل أو عشية عيد الفطر المبارك فإن قلب اللوز أصيل منطقة الجزائر العاصمة أو "الهريسة" القنسطينية يخوضان صراعا كبيرا على الريادة بين ضفتي وادي الرمال وهو التنافس الذي لا يبدو أنه يغضب ذواقة الحلويات التقليدية ومحبيها الشرهين . -الهريسة اللذة التي لا مفر منها في قسنطينة-- وإذا كان العديد من سكان قسنطينة يتدافعون لشراء بعض مربعات "الهريسة" الحلوى الشعبية ذائعة الصيت من عند "زلابجية" أعلنوا أنفسهم كذلك دون سابق إنذار فإن مهنيي هذه الصناعة يعتبرون من جهتهم إعداد هذا النوع من الحلويات '' فنا قبل كل شيء'' قائما بذاته . ويقول حمودي صانع زلابية و حلويات تقليدية بالمكان المسمى لبطحة الذي يضم أفضل مهنيي هذا النوع من الحرف "إن ذلك يتطلب مهارة حقيقية وبعض الحيل التي بدونها لن تكون الهريسة المصنوعة سوى مجرد تقليد شاحب بدون مذاق". ويفيد ذات المتحدث الذي تجاوز بالكاد الخمسين سنة من العمر و الذي يمكن اعتباره خبيرا في الموضوع بأن اختيار السميد (دقيق القمح الصلب) له أهمية قصوى في إعداد الهريسة لأنه مكونها الأساسي. وعلاوة على ذلك يجب إنجاح تحضير السائل من أجل إعطاء نكهة منعشة تحظى بتذوق المستهلكين العارفين قبل العامة''. يستعمل هذا السائل المتكون من ماء و سكر ومستخلص زهر شجر الأرنج في سقي العجين الخارج لتوه من الفرن كما يقول حمودي". ولا ينبغي لهذا السائل أن يكون كثيفا مثل العسل ولا خفيفا جدا'' يفسر حمودي قبل ذلك مؤكدا على أهمية الطهي الجيد للعجين الذي يجب أن يأخذ لون "الكراميل". فهذا العارف بخبايا صناعة "الهريسة" القسنطينة الشهيرة الذي تعلم حرفته -كما قال- لدى متخصصين تونسيين كانوا يعرفون سابقا ب"الشرقي" حينما أقاموا لسنوات طويلة سابقة بالجهة - يشير إلى فارق جوهري هام بين حلويتي قلب اللوز العاصمية و "الهريسة" القسنطينية يتمثل في أن الأخيرة لا تعتمد في مكوناتها على اللوز على عكس نظيرتها العاصمية . وحتى و إن كان حمودي يبدو فرحا برؤية الزبائن يتوافدون بكثرة على محله من فإنه يعترف بالمقابل بأن المنتوج الذي يصنعه اليوم له منافس عنيد ممثلا في قلب اللوز. ويؤكد نفس المصدر على الرغبة في إبقاء نفسه في الطليعة أو لزيادة الثقة بنفسه بأن الأعمال "المبيعات جيدة حاليا وخصوصا خلال شهر رمضان" إذ يقصده زبائن أوفياء من قسنطينة و كذا من عدد من الولايات المجاورة منذ سنوات طويلة لكنه يعترف في الأخير بأن قلب اللوز أصبح مطلوب بكثرة من طرف القسنطينيين خلال الشهر الفضيل''. - بروز قلب اللوز الجزائر العاصمة-- وبشارع الشهيد محمد بلوزداد بوسط مدينة قسنطينة تظهر لافتة كبيرة مكتوب عليها "قلب اللوز الجزائر العاصمة " و صورة لهذه الحلوى التقليدية الشهيرة تثير شهية الصائمين بساعات قليلة قبل الإفطار . ولا يكاد المحل الصغير لرضا القادم من الجزائر العاصمة منذ فترة قصيرة يفرغ من زبائنه. ففي الرابعة بعد الزوال يصبح الظفر بمربعات قلب اللوز عند هذا التاجر أمرا مستحيلا بالنظر إلى الإقبال الكبير. وقال رضا في هذا السياق "لم أكن أتوقع أن الإقبال على قلب سيكون بهذا الشكل". وعلى عكس "الهريسة" القسطينية فإن قلب اللوز العاصمي معروف أنه محشو باللوز المسحوق. و ربما يكون هذا هو الفارق الوحيد بين هاتين الحلويتين التقليديتين ذات الأصول الجزائرية .