تعد تظاهرة أسبوع المولد النبوي الشريف المعروفة محليا ب " سبوع النبي" التي تتأهب الواحة الحمراء تيميمون بولاية أدرار لإحياءها ابتداءا من أمسية الثلاثاء محطة ثقافية ودينية لازالت تحظى بقدسية اجتماعية كبيرة لدى سكان منطقة قورارة شمالا وزاوية كنته بإقليم توات بجنوب ولاية أدرار والجنوب الغربي للوطن عموما. وتنبع هذه القدسية الإجتماعية لهذه المناسبة السنوية من كونها ترتبط ارتباطا وثيقا بالموروث الثقافي لسكان المنطقة الذين لازالوا متشبثين بطقوسها الفريدة من نوعها التي تتمظهر في عدة مشاهد تحمل دلالات اجتماعية وتراثية معبرة وهو ما جعلها محط اهتمام و استقطاب للآلاف من الزوار من مختلف جهات الوطن الذين يتوافدون على المنطقتين للمشاركة في هذا الموعد الإحتفالي . ---مميزات ثقافية وتراثية أهلت التظاهرة للتصنيف من قبل اليونسكو--- يشكل التصنيف الذي حظي به أسبوع المولد النبوي الشريف من قبل المنظمة الأممية للتربية والعلوم والثقافة ( اليونسكو) التي أدرجته ضمن القائمة التمثيلية للتراث الإنساني أواخر السنة الجارية ثمرة جهود مضنية ومتواصلة بذلها باحثون وأكاديميون جزائريون مهتمون بالثقافات الشعبية سيما من خلال أبحاثهم التي نشرت في عدة مجلات ونشريات متخصصة مثلما أشير إليه . وقد أهلت الخصائص الثقافية والتراثية المتميزة لهذه التظاهرة الإجتماعية التي تكتسي طابعا احتفاليا خاصا بهذه المنطقة من خلال تلك الطقوس الفريدة من نوعها للحصول هذا التصنيف وهو ما كان محل تثمين كبير من طرف الفعاليات الثقافية المحلية. ولعل من بين ما مكن تظاهرة أسبوع المولد النبوي الشريف لأن تتبوأ مكانة ثقافية عالمية هو ذلك البرنامج الإحتفالي المتميز في مختلف فقراته المشوقة التي هي أشبه ما تكون بمسيرة احتفالية تشمل محطات عديدة تتواصل على مدار 24 ساعة كاملة. ---جوانب متعددة وعروض متنوعة تصنع أهمية أسبوع المولد النبوي الشريف--- وتنطلق هذه الفعاليات من أمسية 18 ربيع الأول من السنة الهجرية لتتواصل حتى نهاية اليوم الموالي بعد أداء صلاة المغرب وهي تحمل أبعادا وقيما عديدة و مختلفة مزجت بين الجوانب الدينية و الصوفية و السياحية من خلال العادات و التقاليد و الأهازيج و العروض و الرقصات الفلكلورية التي تزداد ضخامتها من موسم لآخر. وتعود احتفالات أسبوع المولد النبوي الشريف إلى القرن العاشر الهجري في أيام شيخ المنطقة سيدي الحاج بلقاسم الذي عاش في القرن 10 هجري وتوفي في القرن أل 11 هجري حيث أسس زاوية و مدرسة ساهمت في نشر العلم و تنوير العقول والتي تخرج منها عديد الطلبة الذين تولوا المشيخة في عدد من القصور المنتشرة بإقليم قورارة كما تروي مصادر تاريخية . وقد دأب الشيخ بلقاسم في تلك الفترة على إحياء المناسبة من خلال جمع طلبته و معاصريه من المشايخ لترديد المدائح الدينية في فضل المصطفى صلى الله عليه و سلم واغتنام هذه المناسبة الدينية لإصلاح ذات البين و الصلح بين قبائل المنطقة وفقا لما أوضح ل"وأج" الشيخ طلحاوي الحاج أحمد من قصر تلالت بتيميمون. و بعد وفاة الشيخ سيدي الحاج بلقاسم يقول الشيخ طلحاوي إستمرت من بعده هذه العادة الإحتفالية التي واصلها أحفاده و طلبته و معاصريه و أتباعهم من خلال التوجه حاملين رايات كبيرة والتي تمثل كل واحدة منها أحد الشيوخ المتواجدين بقصور تبلكوزة و قصر قدور و قصر أولاد عياش بالجهة الشمالية و الشرقية لإقليم قورارة نحو زاوية سيدي أحمد بن يوسف بقصر ماسين حيث تستقبلهم فيها راية سيدي الحاج بلقاسم التي يحملها الوفد القادم من زاويته قبل أن يستقبل الوفود القادمة من الجهة الغربية لإقليم قورارة. وقد هيأت السلطات المحلية و الفعاليات الجمعوية بتيميمون كل الظروف الضرورية لاستقبال هذا الحدث السنوي من خلال تنظيف الشوارع و تهيئة و إنارة الأماكن و الساحات العامة التي تحتضن هذه الإحتفالات و الجموع الغفيرة من الزائرين و السياح إستنادا لما أشار إليه نائب رئيس المجلس الشعبي لبلدية تيميمون حكومي عبد الحميد. من ناحيتها جندت الوكالات السياحية و المؤسسات الفندقية كل إمكانياتها المادية و البشرية لاستقطاب أكبر عدد من السياح الذين حرص عدد كبير منهم على عدم تفويت المناسبة سيما في هذا الموسم الذي جمع بين مناسبات احتفالية مختلفة في مواعيد متقاربة . ---تطلع إلى إستغلال التظاهرة لترقية المكانة السياحية للمنطقة--- و تتطلع السلطات المحلية و المجتمع المدني بالمنطقة بأمل ''كبير'' لمثل هذه المناسبات التي تستقطب جموعا غفيرة من داخل و خارج الولاية لتحقيق مكاسب إيجابية تعود بالنفع على وتيرة التنمية بهذه المنطقة التي تعد وجهة سياحية عالمية بامتياز لما تزخر به من مقومات طبيعية و تراثية و ثقافية جعلت منها رقما هاما في المشهد السياحي الوطني و العالمي مثلما أشار إليه الوالي المنتدب للمقاطعة الإدارية بتيميمون علي عون. و في هذا الجانب تسعى الهيئات المعنية إلى تعزيز قدرات الإستقبال بما يتناسب مع حجم التوافد السياحي المتزايد نحو منطقة قورارة من موسم لآخر من خلال الإسراع في استكمال المشاريع التي تنجز في قطاع السياحة خصوصا تلك المدرجة ضمن منطقة التوسع السياحي بعين تادلس بتيميمون إلى جانب الإهتمام بنظام الواحات التي تشكل ميزة سياحية بهذا الإقليم يضيف نفس المصدر .