يعتقد البعض أن باعة الحشائش العطرية على شكل "حزم" مثل الكرافص والبقدونس والكسبرة بالكاد يكسبون قوت يومهم من ممارسة هذه التجارة "البسيطة" بالمسيلة لكن الواقع يثبت بأنهم يحققون مكسبا مريحا. و استنادا لعديد الباعة "المختصين" الذين وافقوا على الإجابة على أسئلة وأج فإنه بإمكانهم تحصيل ربح صافي يقارب 3500 د.ج يوميا مما يجعل مردودهم الشهري 105 آلاف دج شهريا و هو أكبر بكثير من الأجرية للموظفين العاديين. و يتضاعف هذا العدد ب3 أو 4 مرات خلال شهر رمضان الفضيل حسبما يعترف به فيصل و هو تاجر بسيط التقت به وأج عند مدخل سوق بالمدينة. بضعة أمتار مربعة تكفي وجمع البعض منهم بين إنتاج الكرافص والبقدونس والكسبرة وبيعها كون المساحات التي تغرس فيها لا يشترط أن تكون واسعة كما يقول فيصل الشاب القاطن بحي بوخميسة شمال-شرق المسيلة مردفا بأنه يكفي لعدة أمتار مربعة من بستان الحشائش أن تكون مصدر رزق عائلة و ذلك لأنه يتم حش هذه الحشائش كلما ارتفعت عن سطح الأرض لتعاد العملية عديد المرات ونادرا ما تتم إعادة غراستها. ومن بين منتجي هذه الحشائش من يعمد إلى غرسها في مساحات تتوسط الأشجار المثمرة على غرار مناطق النوارة وبوخميسة بمدينة المسيلة ومعذر بوسعادة (بوسعادة) حيث يعكف الناشطون في المجال عادة على استغلال مساحات صغيرة محاذية لبيوتهم. كما توجد عائلات بعاصمة الحضنة من لا تحبذ شراء الحشائش من السوق إنما تستغل مساحات صغيرة في أحواش منازلهم لغراسة الكسبرة و البقدونس الذي يباع في الوقت الحالي ب20 دج للحزمة الصغيرة. ولكن لا توجد الكسبرة و البقدونس فقط حسب أحمد.ب و هو فلاح من منطقة أولاد ماضي فبعض المزارعين مختصين في زراعة السبانخ (يطلق عليه أيضا السلق) على مساحات واسعة لاسيما بالمحيط الفلاحي لمنطقة معذر بوسعادة وهو نوع من السبانخ ذات الأوراق الكبيرة حيث ينمو بكثرة قرب الأودية و ضفاف المجاري المائية وهو مطلوب بكثرة لدى الزبائن. "التجار المنتجون" و الآخرون... هناك من بين الباعة فئة تعتبر "أقل ذكاء" لكونها تقوم باقتناء هذه الحشائش المطلوبة من الفلاحين قبل أن تعيد بيعها مما يجعل هامش ربحها منخفضا حيث تشتري "الربطة" الواحدة ب15 دج و تبيعها ب20 د.ج. ويتسم هذا النوع من الحشائش بكونه يذبل بسرعة ويصبح غير قابل للبيع غير أن الباعة وبالتجربة يعرفون بالتقريب الكميات المطلوبة منها يوميا وحسب الفصول والمناسبات. ففي شهر رمضان مثلا كثيرا ما تسوق الحشائش خلال الساعات الأولى من المساء و إن تأخر الزبون عن ذلك الوقت فإنه لن يعود إلى البيت بربطة البقدونس أو الكرافس فيما يشهد السبانخ نوعا من الكساد خلال تلك الفترة من السنة. وللحفاظ على سلعتهم من التلف السريع خصوصا خلال ارتفاع درجة الحرارة يعمد باعة الحشائش إلى توفير جو من الرطوبة من خلال إحضار أكياس الخيش ووضعها واحدة داخل الأخرى مع تبليلها لتحافظ بداخلها على درجة حرارة منخفضة و كذا رطوبة عالية فهي على الأقل تسمح بالحفاظ على المنتج لساعات عديدة بدلا من وقت لا يتعدى الساعتين على أكثر تقدير في الحالات العادية . ويميز الباعة حسب آراء العديد منهم الذين يمارسون تجارتهم بأسواق مدينتي المسيلةوبوسعادة بين أنواع الكرافس والبقدونس التي تزرع و تسقى بطريقة صحيحة وبين تلك التي تسقى من طرف بعض المزارعين عديمي الضمير عن طريق المياه المستعملة. وفي حالة الحفاظ على هذه الحشائش في وسط بارد و رطب ومحاولة بيعها بعد ذلك فإن الباعة عموما والمتمرسين منهم خصوصا سيعرفون بالتقريب وقت قطافها بل ومن بينهم من يعرف المنطقة التي أنتجت بها انطلاقا من رائحتها الزكية. ومن ذلك يعرف اذا ما انتجت في وسط طبيعي وطول السيقان وخضرتها الشديدة اذا ما استعمل في إنتاجها السماد غير الحيواني وبين حشائش أنتجت في منطقة جليدية والتي غالبا ما يكون لون سيقانها مائلا الى الاصفرار والمنتجة في مناطق غير جليدية كبوسعادة ومناطق جنوب الولاية والتي كثيرا ما تكون سيقانها وأوراقها خضراء.