صدر بالعدد الاخير من الجريدة الرسمية القانون المتضمن التعديل الدستوري الذي تمت المصادقة عليه يوم 7 فبراير المنصرم من طرف البرلمان بغرفتيه. ويتوزع قانون الدستور المعدل الذي أصدره رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة على 3 أبواب و 12 فصلا تتضمن 218 مادة الى جانب الديباجة و أحكام انتقالية. وقد خصص الباب الأول للمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، فيما يتمحور الباب الثاني حول تنظيم السلطات أما الباب الثالث فيتعلق بالرقابة و مراقبة الانتخابات و المؤسسات الاستشارية. وترمي الأحكام التي ينطوي عليها التعديل الدستوري إلى توفير الضمانات السياسية الكفيلة بفتح الممارسة السياسية و توسيع فضاء الحريات و تعزيز دور الدولة في بعده الاجتماعي وقدرتها على توطيد التلاحم والوحدة الوطنية. وجاء القانون الأسمى للبلاد في صيغته المعدلة ليترجم مسألة تعزيز الحريات الديمقراطية التي ستتجسد عبر حرية التظاهر السلمي وحرية الصحافة التي لا يمكن أن تخضع لعقوبة الحرمان من الحرية. ويؤكد النص بشكل واضح على مبدأ التداول على السلطة من خلال العودة إلى تحديد العهدات الرئاسية و إمكانية إعادة انتخاب رئيس الجمهورية مرة واحدة فقط وهو المبدأ الذي أدرج --بمقتضى التعديل-- ضمن الثوابت الوطنية بحيث لا يمكن لأي تعديل دستوري أن يمس به مستقبلا. كما يكرس هذا القانون أيضا تعزيز الديمقراطية من خلال تدعيم الحقوق المعترف بها للمعارضة في ظل توسيع قدرات ضمان مهام المراقبة. فبموجب الأحكام الجديدة ، يتسنى للمعارضة البرلمانية اقتراح جدول أعمال خلال جلسة شهرية على مستوى كل غرفة كما سيصبح بإمكانها إخطار المجلس الدستوري بخصوص القوانين المصادق عليها من قبل البرلمان فضلا عن تشكيل لجان تحقيق وبعثات إعلامية والحصول على التقرير الوطني لمجلس المحاسبة. أما فيما يتعلق بالتعددية الحزبية التي تعد أيضا من أهم محاور التعديل الدستوري فهي مكرسة من خلال حق جميع الأحزاب السياسية "دون تمييز" في التعبير و تنظيم الإجتماعات. كما تستفيد المعارضة في ذات الإطار من حق المرور عبر وسائل الإعلام وفقا لتمثليها على المستوى الوطني و من تمويل عمومي حسب تمثيلها في البرلمان. وعلى صعيد آخر، حظي نظام الإنتخابات بدوره بضمانات جديدة تهدف إلى ضمان مصداقية هذه الاستحقاقات.فقد استدعت "الضرورة الدستورية لتنظيم انتخابات شفافة و نزيهة" إنشاء لجنة عليا مستقلة لمراقبة الإنتخابات "تسهر على ضمان شفافية المسار الإنتخابي منذ استدعاء الهيئة الناخبة إلى غاية الإعلان عن النتائج المؤقتة". كما يتطرق النص أيضا إلى دسترة ثوابت الهوية من أجل رفع اللغة الأمازيغية إلى مستوى لغة وطنية و رسمية. أما على الصعيد الإجتماعي، فتؤكد الوثيقة على واجب الدولة في الحفاظ على التماسك الإجتماعي من خلال تعزيز دورها و قدراتها في الحفاظ على الطبقات الإجتماعية من الفوارق التي قد تهدد وحدتها.