أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني, محمد العربي ولد خليفة, يوم السبت بانطاليا (تركيا) أن الشرط الأساسي لتفعيل التنمية هو توفيرالأمن والإستقرار, مبرزا مساهمة الجزائر في هندسة أمن إفريقيا وفي إرساء قواعد وآليات مكافحة الارهاب والجرائم. وأوضح السيد ولد خليفة في كلمة له خلال الاجتماع البرلماني الدولي المنعقد بالموازاة مع أشغال المؤتمر التقييمي العالي المستوى للأمم المتحدة لمراجعة خطة عمل إسطنبول حول البلدان الأقل نموا, أن الجزائر "ترى أن الشرط الاساسي لتفعيل التنمية هو توفير الأمن والإستقرار". وأضاف أن الجزائر من هذا المنظور "تساهم في هندسة الأمن في إفريقيا وفي إرساء قواعد وآليات مكافحة الارهاب والجرائم ذات الصلة بتطويرالاتفاقية الإفريقية لمكافحة الارهاب و المركز الافريقي للدراسات و البحوث حول الارهاب الى جانب مبادرة دول الميدان بالساحل الإفريقي". =الجزائر تسعى دوما الى حل الازمات بالطرق السلمية= واستطرد السيد ولد خليفة قائلا بأن الجزائر"تسعى دوما إلى حل الازمات بالطرق السلمية, كما فعلت مع أثيوبيا واريتريا, و بوساطة ناجعة في بناء تصور لحل الازمات المستعصية في مالي. وذكر رئيس المجلس الشعبي الوطني بأن الجزائر"دافعت دوما عن حقها و حق الدول حديثة الاستقلال في التنمية مع دعوتها لإصلاح النظام الاقتصادي الدولي لجعله أكثر عدلا و إنصافا". واضاف بأن هذا المسعى يرمي الى "تمكين كل الدول, خاصة الاقل نموا, من تحصين سيادتها الاقتصادية وتعزيز مقدراتها الوطنية المادية و البشرية في ظل تضامن دولي وإنساني بعيدا عن كل تدخل في الشؤون الداخلية أو محاولات فرض الوصاية". وأشار الى أن الجزائر "التي راهنت منذ الستينيات من القرن الماضي على التنمية المندمجة بتثمين الإمكانيات الوطنية, ما زالت تعمل على تطوير تعاونها مع الدول الافريقية, خاصة عن طريق تكوين آلاف الإطارات من صنف هذه الدول, سواء بالمنح الجامعية طويلة المدى أو بالتكوين الإقامي قصير المدى". كما قامت الجزائر ب"تقديم المساعدات المالية و المادية لهذه الدول ومسح ديون 14 دولة, ما يفوق مليار دولار أمريكي في السنوات القليلة الماضية, لتمكينها من تحسين أوضاعها المالية و الاقتصادية و دعم استقرارها الاجتماعي و السياسي". وفي هذا الاطار أكد السيد ولد خليفة بأن الجزائر تعمل "من أجل قارة آمنة و نامية عن طريق المساهمة باقتراح مبادرة النيباد من أجل تحقيق شراكات جهوية ودولية تسمح بالتكامل الاقتصادي الافريقي". وبادرت الجزائر أيضا ب"إنشاء الشبكة الافريقية للاتصالات عن طريق الألياف البصرية ومحاولة دعم تواصل دول الساحل وغرب افريقيا بالمنطقة المتوسطية والعالم عن طريق تطوير الطريق السيار الرابط بين الجزائر ونيجيريا, الى جانب شروعها في بناء موانئ على البحر الأبيض للمتوسط لتمكين البلدان الإفريقية البعيدة عن الشواطئ من تنشيط تجارتها الخارجية". =33 دولة من بين البلدان الأقل نموا توجد بإفريقيا= وفي ذات السياق تطرق السيد ولد خليفة الى الوضع التنموي في القارة الافريقية حيث ذكر بأن هذه القارة "تحتوي على أكبر عدد من الدول الأقل نموا في العالم ب 33 دولة من بين 49 المصنفة في هذه الوضعية, على الرغم من غنى إفريقيا بالموارد الطبيعية والطاقوية و الأراضي الخصبة". وأكد بأنه "لا يمكن فهم هذه الوضعية إلا بالرجوع للتاريخ الكولونيالي لهذه الدول وما بعده", مشيرا الى ان هذه الدول "ما زالت في وضع تبعي على مستوى الانتاج والتجارة الخارجية". كما نبه السيد ولد خليفة الى أن القارة الافريقية "تعرف عديد الازمات والتهديدات والمخاطر التي تشكل عناصر إضافية في صناعة التخلف وتعقيد عمليات النمو, بل أحيانا ترهن إستقرار الدول وجوارها الجيوسياسي". وفي هذا الاطار, أشار رئيس المجلس الشعبي الوطني الى انه "توجد في الساحل الافريقي عدد من الدول الأقل نموا والتي تعرف أزمات متعددة الأبعاد مرتبطة ببناء الدولة وما تتعرض له من أزمات سياسية واقتصادية بالإضافة إلى مجموعة من التهديدات خاصة الارهاب وأدواته مثل الجريمة العابرة للحدود والمتاجرة بالمخدرات والسلاح والبشر". و أكد بأنه "أمام هذه الأوضاع الصعبة, فقد بادر الاتحاد الافريقي بمقاربة شاملة للتنمية في آفاق 2063 تقوم على الربط بين الابعاد السياسية والمؤسساتية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية للتنمية مع العمل على تحقيق اعتماد متبادل بناء بين مختلف الدول الافريقية". من جانب آخر, أوضح السيد ولد خليفة بأن العالم يشهد "مفارقات كبيرة في ظل التداعيات الراهنة للعولمة التي أدت الى توسيع الهوة التنموية بين الدول الأقل نموا والإقتصاديات الأكثر تطورا على الرغم من المبادرات الدولية والجهوية العديدة المتخذة منذ عقود لخلق الشروط الكفيلة بالرفع من مستويات النمو في هذه البلدان الهشة". وذكر بأن "غالبية هذه الدول تعاني مستويات متأخرة من حيث مؤشرات التنمية الانسانية التي تعكس الفقر المتفشي وضعف الانتفاع من شروط الحق في الحياة الكريمة من رعاية صحية وماء وغذاء وتعليم مع ارتفاع نسب البطالة وضعف الرعاية الإجتماعية".