طالبت منظمة الأممالمتحدة, يوم الإثنين, الدول المانحة بتقديم مساعدات إضافية لمواجهة الأزمات الإنسانية الناجمة عن النزاعات والحروب والكوارث الطبيعية التي يشهدها العالم. ففي الوقت الذي تشتد فيه الأوضاع الإنسانية تأزما في مناطق النزاع عبر العالم, وبينما تعتبر الكوارث الطبيعية الكبيرة سببا هاما لحدوث الوفيات وعمليات النزوح إلا أن أغلبية الأزمات الإنسانية المقلقة هي تلك المتعلقة بالنزاعات والتي تدوم لمدة طويلة من الزمن مثلما هو الحال بالنسبة لسوريا والعراق. وأمام هذه الأزمات الإنسانية المتفاقمة, تقف منظمة الأممالمتحدة عاجزة عن الاستجابة الحقيقية لاحتياجات المدنيين, بسبب عدم التزام الدول المانحة بتعهداتها وتخاذلها في الوفاء بالتزاماتها. وبالرغم من تعهد قادة الدول المشاركة في مؤتمر القمة العالمي للعمل الإنساني الأول المنعقد في مايو الماضي باسطنبول - تركيا - بالعمل قدما من أجل منع "المعاناة الإنسانية" من خلال الإعداد للأزمات والاستجابة لها, غير أن الأرقام على الواقع تنص على عكس ذلك, فالعديد من الدول المانحة لم تف بالتزاماتها. وتشير تقديرات الأممالمتحدة إلى أن ما بين 125 و130 مليون نسمة هم الآن بحاجة ماسة إلى الدعم الإنساني عبر العالم, بينما أدت الصراعات إلى نزوح 60 مليونا . وحسب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين, فإن المنظمة تحتاج إلى ما بين 25 إلى 30 مليار دولار أمريكي سنويا لتقديم المساعدات الإنسانية للأشخاص الأكثر تضررا عبر العام. وفي هذا الصدد, أطلقت الأممالمتحدة عبر مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية, يوم الإثنين, نداء ب 22.2 مليار دولار لمساعدة المتضريين من النزاعات والكوارث خلال العام 2017. ويزيد المبلغ المطلوب للعام المقبل, ب10 بالمائة عن عام 2016 مع تدمير الحرب والمرض لعدد من الدول, ويسعى المكتب للحصول على أكثر من ثلث الحاجة المتوقعة, (8.1 مليار دولار) لمساعدة مواطنين داخل سوريا ولاجئين في الخارج. ويحاول المكتب الأممي - الذي يعاني من عدم كفاية المساعدات المقدمة والعجز عن تحقيق أهدافه جراء ذلك - من خلال هذا النداء الذي أطلقه للعام المقبل, مساعدة حوالي 93 مليون شخص إما داخل 32 دولة عبر العالم أو لاجئين فروا منها, ينحذر ثلثيهم من إفريقيا. إفريقيا الأكثر احتياجا للمساعدات الإنسانية عبر العالم أكدت منظمة الأممالمتحدة أن القارة الإفرقية تعد من أكثر مناطق العالم حاجة للمساعدات الإنسانية باعتبار أنها تضم أكبر عدد من النازحين والمشردين بسبب النزاعات التي تشهدها عدد من بلدانها والكوارث الطبيعة التي بعاني منها عدد آخر. فحسب التقديرات, تضم إفريقيا أكثر من 18 مليون شخص من المشردين قسرا, وتحدث غالبية عمليات "التشريد القسري" داخل أراضيها, مما يجبر بلدانها على تحمل عبء كبير نتيجة استضافة قرابة 20 بالمائة من اللاجئين و30 بالمائة من المشردين داخليا على مستوى العالم. ويشمل المشردون, اللاجئين الذين يعبرون الحدود الدولية والمشردين داخليا الذين ينزحون من منطقة بأحد البلدان إلى أخرى. وقد استضافت بعض البلدان الإفريقية أعدادا كبيرة من السكان المشردين لأكثر من 20 عاما. وتبادر بلدان القرن الإفريقي ومنطقة البحيرات العظمى ومناطق أخرى في إفريقيا إلى مساعدة المشردين والمجتمعات المحلية المضيفة لهم. وحسب مدير برنامج المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين المعني بإفريقيا, فالنتين تابسوبا فمع الزيادة المطردة في عدد المشردين في القارة السمراء, - وهي الأعلى في تاريخها - فإن الموارد المتاحة لمساعدة المجتمعات المحلية المضيفة والحكومات على تحمل أعباء ضيافتهم الاستثنائية "لا تنمو بشكل يتناسب مع ذلك". وشدد المسؤول الأممي, على ضرورة أن يستثمر القادة الأفارقة في التنمية ومنع الصراعات وتسهيل إيجاد حلول سياسية للصراعات الحالية لتجنب موجات من نزوح السكان التي تضع الإجراءات الإنسانية الطارئة على رأس القضايا الإنمائية الأعمق التي لا تزال قائمة في عموم المنطقة. وأكد أن المنظمة تعمل جنبا إلى جنب مع البنك الدولي على دراسة قضايا اللاجئين, وفي هذا الصدد أعلن البنك الدولي عن اعتمادات بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 250 مليون دولار العام الجاري لأجل تقديم المساندة للاجئين والمشردين داخليا والعائدين والمجتمعات المحلية المضيفة لهم في جمهورية الكونغو الديمقراطية بمنطقة البحيرات العظمى, وفي إثيوبيا وجيبوتي وأوغندا في القرن الإفريقي وزامبيا. وفي ذات السياق, وجه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في نوفمبر الماضي نداء عاجلا إزاء الوضع الصعب الذي تعيشه بلاده بسبب موجة الجفاف التي تضرب البلاد داعيا الدول المانحة إلى التدخل السريع قبل تفاقم الوضع الإنساني وخروجه عن السيطرة. وقد ضربت موجة جفاف وقحط شديد مناطق واسعة من الصومال بسبب تأخر هطول الأمطار لخمسة مواسم متتالية, الأمر الذي أدى إلى كارثة إنسانية جديدة في معظم أقاليم البلاد خاصة في مناطق الوسط والشمال على غرار الكارثة الإنسانية التي اجتاحت البلاد في مطلع عام 2011. ويقدر عدد المتضررين في الحالة الراهنة بحوالي 760 ألف شخص في كل أقاليم البلاد التي تشمل أجزاء واسعة من أرض الصومال المعروفة ب(صومالي لاند وبونت لاند) وكذلك إقليم (هيران وجدو وجوبا السفلى وبكولو) والتي تقدر مساحتها بأكثر من ثلثي مساحة الصومال . يذكر أنه في عام 2014, حسبما ذكرت الأممالمتحدة تم إنفاق حوالي 540 مليون دولار من الميزانية المساعدات العالمية المقدرة ب 135 مليار دولار على خفض مخاطر الكوارث.