تميز تنظيم المهرجانات الثقافية بالجزائر خلال العام 2016 بإعادة تنظيم لخريطة المهرجانات وتخفيضات في ميزانياتها بالإضافة لاضطرابات مست مواعيد العديد منها. وعرف عام 2016 انطلاقة متأخرة للمهرجانات المؤسسة التي تم تنظيمها شهر يوليو بدل مايو كما جرت عليه العادة وهذا بعد مراجعة من طرف وزارة الثقافة للمهرجانات التي تم تخفيضها إلى 77 مهرجانا فقط بدل 186 (أي بحوالي النصف) منها 28 دولية و31 وطنية و18 محلية. وتم خلال الثلاثي الأخير من السنة الحالية تنظيم العديد من المهرجانات الدولية، الأكثر متابعة من طرف الجمهور، بشكل متداخل في الغالب على غرار صالون الجزائر الدولي للكتاب (سيلا) ومهرجان عنابة للفيلم المتوسطي ومهرجان الجزائر الدولي للشريط المرسوم (فيبدا) بالإضافة للمهرجان الدولي للموسيقى الكلاسيكية والمهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية والموسيقى العتيقة. كما تأخر تنظيم العديد من التظاهرات على غرار المهرجان الوطني لموسيقى الديوان والمهرجان الوطني للمسرح المحترف إلى شهري سبتمبر ونوفمبر على التوالي بدل مايو، موعدهما الإعتيادي، بينما تأخر تنظيم مهرجان قسنطينة الدولي لموسيقى الجاز (ديما جاز)، أهم موعد موسيقي بمدينة الجسر العتيق، إلى شهر نوفمبر ما تسبب في تداخله مع العديد من المواعيد الثقافية الأخرى. وللسنة الثانية على التوالي تم أيضا إلغاء المهرجان الدولي لفنون الأهقار بتمنراست وهو التظاهرة الوحيدة المنظمة بمنطقة الجنوب الجزائري والمخصصة لثقافات منطقة الساحل كما تم أيضا إلغاء مهرجان موسيقى الشعبي. ومست أيضا هذه المراجعة في مواعيد التظاهرات، الوطنية منها والدولية، كل من المهرجان الدولي لموسيقى الديوان الذي صار يعقد مرة كل عامين والمهرجان الدولي للفنون المعاصرة الذي تم تأجيله بالإضافة إلى المهرجان الدولي للرقص المعاصر والمهرجان الدولي للأدب وكتاب الشباب اللذين تم تأجيلهما لعام 2017 وفقا للمنظمين. وعرفت من جهة أخرى التظاهرات الثقافية المنظمة في 2016 في أغلبها انخفاضات جوهرية في ميزانياتها على غرار المهرجان الوطني للمسرح المحترف الذي انخفضت ميزانيته ب"90 %" حيث تراجعت من "50 إلى 5 مليون دينار جزائري" وفقا لمحافظ التظاهرة محمد يحياوي. كما انخفضت ميزانية مهرجان موسيقى الديوان ب"أكثر من 25%" وكذلك ميزانية المهرجان الدولي للمسرح ببجاية التي تقلصت ب"50%" وفقا لمنظم التظاهرة المخرج المسرحي عمر فطموش. ولم يتلق من جهته المهرجان الدولي للسينما بالجزائر (فيكا) "أي إعانة من وزارة الثقافة" وفقا لمحافظته زهيرة ياحي ونفس الشيء مع المهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية والموسيقى العتيقة المنظم وفقا لمحافظه عيسى رحماوي ب"دعم من المتعاملين الإقتصاديين". وكان وزير الثقافة عز الدين ميهوبي قد اعتبر في عدة مناسبات أن "الوضعية الإقتصادية الحالية لا تسمح للدولة بتمويل جميع التظاهرات وجميع الإنتاجات" غير أنه كان قد أعلن أيضا عن تمويل للمهرجانات بما "يقارب 40 بالمائة من مخلفات ميزانية عام 2015" كما دعا في عديد المرات الفاعلين الإقتصاديين الخواص للمساهمة في تمويل التظاهرات الثقافية. توافد كبير على تظاهرات الجمعيات تأسف ملاحظون للساحة الفنية الجزائرية لإلغاء أو تأجيل بعض التظاهرات الثقافية وخصوصا في الجنوب إلى مواعيد "غير ملائمة" مجددين دعواتهم ل"استغلال أحسن لجدول المواعيد" و"إيجاد جسور تواصل مع المواسم السياحية" وهو ما طالبت به مرارا السلطات العمومية. ورغم اضطراب مواعيد المهرجانات إلى أن تظاهرتين تركتا أثرهما خلال العام 2016 بالتوافد الكبير للجمهور عليهما وهما مهرجان قسنطينة الدولي لموسيقى الجاز (ديما جاز) الذي نظمت دورته ال14 في نوفمبر الماضي من طرف جمعية "ليما" والدورة ال13 لمهرجان "راكونت-آر" المنظم شهر يوليو الفارط من طرف رابطة الفنون السينماتوغرافية والدرامية وعدد من لجان القرى. وتمكن مهرجان "ديما جاز" -الذي تأسس في 2003 وتم ترسيمه في 2009- من كسب رهان الإستمرارية جاذبا جمهورا بمعدل يتجاوز الألف زائر للسهرة الواحدة بعروضه الموسيقية المحلية والدولية التي احتضنتها قاعة العروض الكبرى "أحمد باي" بقسنطينة رغم الصعوبات التنظيمية التي واجهته وتأخره لمدة خمسة شهور ورغم أيضا رفع ثمن تذاكر الدخول ب100 %. وأما مهرجان "راكونت-آر" المتنقل فرغم أنه لم يتلق أي دعم من السلطات العمومية إلا أنه تمكن من جذب حوالي 300 مشارك بين فنان ورجل ثقافة بينهم حوالي الستين مشارك أجنبي مثلوا عدة بلدان على غرار تونس والمغرب وموريتانيا والنرويج وإيطاليا. وقد توافد خلال هذه التظاهرة الثقافية "أكثر من 15 ألف زائر" على قرية "الصومعة" في البلدية التي تحمل نفس الإسم بولاية تيزي وزو من أجل الحضور للعروض واللقاءات والورشات في مختلف الميادين الفنية. وكان عام 2016 قد عرف أيضا تأسيس العديد من التظاهرات الثقافية المحلية وخصوصا منها المسرحية والسينمائية والأدبية حيث بادرت بها جمعيات ثقافية ناشطة بالعديد من مدن البلاد.