تطبع الإحتفالات بالسنة الأمازيغية الجديدة (2967) التي يحييها سكان قصر ورقلة العتيق هذه الأيام مشاهد ثقافية وتراثية متنوعة تبرز مدى تعلقهم واحتفاظهم بعادات وتقاليد مستوحاة من تراث شعبي يحمل أبعادا ثقافية واجتماعية متجذرة. ويسترجع سكان قصر ورقلة على وجه الخصوص في مثل هذه المناسبات السنوية بعض العادات القديمة رغم تعرضها للعديد من العوامل التي تهدد باندثارها لكنهم يحرصون على التمسك بها من خلال السهر على نقلها من جيل إلى جيل حسبما أوضح لوأج رئيس جمعية القصر للثقافة والإصلاح حسين بوغابة. وتبرز في هذا الصدد بعض صور هذه العادات المتداولة التي يتم إحياءها إحتفالا بالسنة الأمازيغية الجديدة ومن بينها إعداد طبق الكسكسي برأس الغنم وهو الأكثر شعبية في أوساط الورقليين المعروف ب''الكسكسي بالبوزلوف". ويتم إعداد هذا الطبق عشية إحياء المناسبة (12 يناير) بعد ذبح شاة وطهي رأسها بعد تنقيته ويرصع به طبق كبير من الكسكسي حيث يتم تبادله وتوزيعه فيما بين سكان القصر العتيق في يوم الإحتفالات كما أضاف السيد بوغابة. وتحمل هذه العادة الإجتماعية الهادفة في جوهرها رسالة تحث على روح التآزر و التضامن و تعزيز أسس التماسك و التكافل الإجتماعي حسب المتحدث. و تعكف جمعية القصر للثقافة والاصلاح بورقلة من خلال عديد المبادرات إلى إعادة إحياء بعض التقاليد المهددة بالإندثار قصد الحفاظ على الموروث المادي و اللامادي لسكان المنطقة من خلال برامج التوعية بأهمية استدامة الأعراف والتقاليد المتوارثة. و يحمل "يناير" أو " ينار" بعدا إجتماعيا عميقا لدى سكان ورقلة عامة وسكان القصر بصفة خاصة بحيث يعتمدونه أيضا موعدا لانطلاق الموسم الفلاحي الجديد وتسود أوساطهم مشاعر التفاؤل بحلول السنة الأمازيغية الجديدة لتحقيق إنتاج فلاحي "وافر" مثلما يؤكد المصدر. كما يعبر ''ينار'' -حسب الأعراف المحلية- عن قيم التسامح وتوثيق الروابط العائلية. ويتجلى ذلك من خلال تبادل الزيارات والتفاف الجميع حول عديد الأطباق التقليدية التي تحرص العائلة الورقلية على تحضيرها بهذه المناسبة والتي من بينها أيضا المسفوف و الكليلة وما يسمى "الكعبوش" وهي عبارة عن كريات من التمر المعجون بالسميد و الزبدة. أنشطة ثقافية متعددة للتعريف بالتراث الأمازيغي للمنطقة ويعرف إحياء السنة الأمازيغية الجديدة بولاية ورقلة تنظيم أنشطة ثقافية وتراثية متعددة تهدف إلى التعريف بالتراث و الموروث الثقافي الأمازيغي لسكان المنطقة. و تم بالمناسبة تنظيم معارض متنوعة منها ما هو مخصص للكتب التي تتحدث عن الشخصيات التاريخية و الفنية الأمازيغية و أخرى للقصص و الكتب التربوية و التعليمية بالإضافة إلى عرض صور تاريخية خاصة بمدينة ورقلة القديمة فضلا عن معارض للفنون التشكيلية حسب المنظمين. كما تشمل هذه التظاهرة الإحتفالية التي تتواصل بدار الثقافة "مفدي زكرياء" عرض نماذج حول البيت التقليدي الورقلي ومعرض للعطور التقليدية و أدوات الزينة و أخرى في التحف المنزلية و الخياطة و الحلويات التقليدية و النسيج و الزرابي والتي تنظم من قبل جمعيات محلية ناشطة في المجال على غرار جمعية "الأمل" و جمعية ''الفن التقليدي لإحياء التراث" وغيرها. و تنشط ضمن هذه الفعاليات الإحتفالية أمسيات شعرية أمازيغية من تنظيم النادي الأدبي "تواصل" من قبل ثلة من شعراء المنطقة من بينهم عبد الوهاب صحراوي وعبد النور جدي و محمد بدة فضلا عن تنظيم حفل فني أمازيغي من تنشيط الفنان "التافنة''." و تتواصل التظاهرة بإلقاء محاضرة بعنوان "الثقافة الأمازيغية بين التراث المادي و اللامادي في مدينة ورقلة" للأستاذ عبد الوهاب صحراوي تبرز الهوية الثقافية لسكان القصر العتيق الضاربة في أعماق التاريخ فضلا عن برمجة مسابقة في الأكلات الشعبية التقليدية و عروض للفرق الفلكلورية.