حضي قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية، القاضي برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان، بترحيب دولي وسوداني كبير، ووصف بكونه خطوة إيجابية ستساهم في دعم جهود السلطات السودانية المتواصلة لتأسيس نظام سياسي يحضى ب"التوافق السياسي داخليا، ويجد قبولا لدى المجتمع الدولي". فقد رحبت السودان بالقرار واعتبرته تطورا "إيجابيا وهاما" في العلاقات، بين البلدين، ونتاجا طبيعيا لجهود مشتركة وحوار طويل وصريح، شاركت فيه العديد من المؤسسات من الجانبين ،وثمرة لتعاون وثيق بين الخرطوم و واشنطن في قضايا دولية وإقليمية محل اهتمام مشترك. ووصفه الرئيس السوداني، عمر البشير، ب"الإيجابي"، مؤكدا مضي بلاده نحو بناء علاقات طبيعية مع الولاياتالمتحدة، ومبرزا بالمناسبة، أهمية مثل هذا القرار كونه يتزامن مع مسيرة الحوار الوطني السوداني. ومن جهته، أشار وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، إلى أنه تم التوافق على هذا القرار بين الإدارتين الأمريكيتين الحالية بقيادة، باراك أوباما، والقادمة برئاسة ،دونالد ترامب"، موضحا أن رفع الحظر سيتم تحت مسمى "تراخيص عامة" لجميع المعاملات الواردة في القرارين. وتؤكد السلطات السودانية تصميمها على مواصلة التعاون والحوار مع الولاياتالمتحدة إلى غاية شطب إسم بلادها من قائمة "الدول الراعية للإرهاب"، وتجاوز كافة العقبات أمام طريق التطبيع الكامل للعلاقات بين البلدين، بما يحقق المصالح العليا لشعبي الدولتين. وكانت الولاياتالمتحدة قد أدرجت السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب عام 1993، وتفرض عليه عقوبات اقتصادية تشمل حظر التعامل التجاري والمالي منذ العام 1997 وتجددها منذ ذلك الحين بسبب استمرار النزاع في إقليم دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. وفي نوفمبر الماضي، مددت واشنطن لمدة عام عقوباتها المفروضة على الخرطوم، قبل أن يصدر الرئيس أوباما يوم الجمعة الماضي، أمرا تنفيذيا برفعها، في خطوة جاءت بهدف تشجيع حكومة السودان على الحفاظ على جهودها المبذولة بشأن حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، حسب الإدارة الأمريكية. ارتياح دولي لرفع العقوبات الأمريكية على الخرطوم وفور إعلان واشنطن عن رفع العقوبات على الخرطوم، سارعت الهيئات الدولية للترحيب بمثل هذا القرار الذي من شأنه أن ينهي معاناة الشعب السوداني ويوفر أرضية صلبة لتحقيق التنمية في البلاد. فقد اعتبرت منظمة الأممالمتحدة - على لسان منسقها المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في السودان مارتا رويدس - القرار بمثابة تقدير للخطوات التي اتخذتها حكومة السودان خلال الأشهر الأخيرة في عدد من المجالات المهمة. وبدورها، رحبت رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي إنكوسازانا دلاميني زوما، بقرار الرئيس الأمريكي، واعتبرته خطوة مهمة ستتيح للسودان الانخراط مجددا في التجارة الدولية وإنهاء معاناة الشعب، معربة عن أملها في أن تفكر الإدارة الأمريكية القادمة في "إلغاء دائم" للعقوبات والعمل من أجل تخفيف الدين على السودان كي يتمكن من بدأ فصل جديد من إعادة التعمير الاقتصادي. ومن جهته، أبرز الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، أنها خطوة رئيسية لمساندة هذا البلد العربي الكبير في استعادة عافيته الاقتصادية التي تضررت كثيرا من العقوبات الأمريكية، وأعرب بالمناسبة، عن تطلع الجامعة إلى مواصلة التعاون والحوار بين البلدين من أجل التطبيع الكامل للعلاقات بينهما بما يحقق المصالح العليا لشعبيهما ويساعد في معالجة قضايا دولية وإقليمية محل اهتمام مشترك. إصرار سوداني على مواصلة المسار السياسي وبالموازات مع هذا القرار الأمريكي الذي ينبؤ بتغير في سياسية واشنطن تجاه الخرطوم، ويفصح عن رغبة الإدارة الأمريكية في دعم هذا البلد الإفريقي في جهوده الرامية إلى تحقيق الاستقرار السياسي والأمني، يصر السودانيون من جهتهم على مواصلة مسارهم، بخطى ثابتة، نحو تأسيس نظام سياسي يحضى بتوافق السياسي داخلي، وقبول دولي. فقد أكد رئيس البرلمان السوداني، إبراهيم أحمد عمر، وجود خطوات نحو تأسيس نظام سياسي بالسودان يوافق الأطروحات السياسية الداخلية، ويحظى بالقبول لدى المجتمع الدولي. وأوضح أن التعديلات الدستورية جاءت من أجل توسيع قاعدة الحكومة وفق ما جاء في وثيقة الحوار الوطني، وأن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من التوافق الوطني بين مكونات البلاد السياسية المختلفة، مما يعزز من مسيرة الاستقرار. ونظرا للأجواء الإيجابية التي تمر بها االسودان وحالة التوافق الوطني التي أوجدها الحوار الوطني، دعا الرئيس السوداني، عمر البشير، المعارضة والحركات المسلحة إلى الاستفادة من ذلك والانضمام لمسيرة السلام والحوار التي "تعبر عن رغبات الشعب". وأكد أن أولويات المرحلة تستوجب العمل الوطني المشترك لمواجهة كافة التحديات، من خلال نهج الحلول السلمية التي أرستها خارطة الطريق الشاملة. وفي هذا الصدد، أعلن حزب "المؤتمر الشعبي" المعارض، مؤخرا، عن قراره المشاركة في حكومة الوفاق الوطني، المنتظر تشكيلها خلال الأيام القادمة، من الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني، وذلك بعد نحو 17 عاما من إنسحاب الحزب المعارض من الحكومة. وأوضح الأمين العام للحزب، إبراهيم السنوسي، أن الهيئة القيادية للحزب أصدرت قرارا فحواه المشاركة في حكومة الوفاق الوطني في مستوياتها كافة، بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة لإجازة التعديلات الدستورية المتوافق عليها. ومن أجل منح فرصة أكبر للحركات المسلحة للانضمام إلى مسيرة السلام، أعلن مجلس الوزراء السوداني، أول أمس الأحد، عن تمديد قرار وقف إطلاق النار مع هذه الحركات لمدة 6 أشهر إضافية اعتبارا من نهاية يناير الجاري. وكانت الحكومة السودانية قد أعلنت مؤخرا عن توصلها لاتفاق مع حركات دارفور المسلحة في القضايا الرئيسة، خلال لقاءات غير رسمية، معربة عن أملها في حسم القضايا بشكل نهائي خلال جولات مقبلة. وتتوقع السودان، أن يمارس المجتمع الدولي والإقليمي ضغطا على الحركات المسلحة حتى يكونوا جادين وراغبين، وأضاف "نتمنى ألا يحتاج السودانيون لضغوط من الخارج لجلب الأمن والاستقرار".