تنطلق في وقت لاحق اليوم الخميس محادثات السلام السورية بالعاصمة النمساوية فيينا, في محاولة لكسر الجمود المتواصل في العملية السياسية منذ سنتين بينما يشهد الوضع الميداني تدهورا حادا لا سيما مع تواصل القصف التركي المكثف على مدينة عفرين السورية المتاخمة للحدود التركية, فيما يحقق الجيش السوري من جهته تقدما ملحوظا في ريف إدلب. وبعد نحو شهر من فشل جولة محادثات سابقة عقدت في جنيف في إحراز أي تقدم لحل النزاع السوري المستمر منذ نحو سبع سنوات وصل وفدا الحكومة و المعارضة أمس الأربعاء إلى العاصمة النمساوية لخوض جولة تاسعة من المحادثات. وعشية انعقاد المحادثات المقرر أن تستمر لمدة يومين وصفا ب" الحاسمين", قال مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى سوريا, ستيفان دي ميستورا, أن المحادثات "تجري في مرحلة حرجة", غير أنه أضاف لمسة أمل قائلا "بالطبع أنا متفائل لأنه لا يسعني أن أكون غير ذلك في مثل هذه اللحظات". وتعليقا على تصريحات دي ميستورا, قال رئيس وفد المعارضة السورية نصر الحريري خلال مؤتمر صحفي عقده مساء أمس "باعتقادي أن هذين اليومين سيكونان اختبارا حقيقيا لجدية كل الأطراف لإيجاد حل سياسي". وفي وقت سابق قال المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة من المعارضة السورية يحي العريضي " فعلا تمر المفاوضات بفترة حرجة وأحد ملامح ذلك أن هذه الجولة تعقد ليومين و يومين حاسمين". و كان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعلن عن ارتفاع أعداد الضحايا جراء القصف التركي على منطقة عفرين إلى 120 قتيلا. وفي إدلب جرت اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش, ومسلحي "النصرة" والميليشيات المتحالفة معها, على محاور في الريف الشرقي لإدلب, تمكنت خلالها قوات الجيش من التقدم والسيطرة على قرية غرب بلدة أبو الظهور, لتوسع نطاق سيطرتها في محيط البلدة وتأمين مطار أبو الظهور العسكري بشكل أكبر. يذكر أن الحكومة السورية أدانت العملية العسكرية التركية على اراضيها. وأكدت الخارجية السورية على لسان مصدر رسمي في الوزارة قوله ان "سوريا تدين بشدة العدوان التركي الغاشم على مدينة عفرين التي هي جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية" معتبرة أن العملية العسكرية الى اطلقتها تركيا السبت الماضي في عفرين "تمثل الخطوة الأحدث في الاعتداءات التركية على السيادة السورية". دمشق: اتهامات واشنطن وباريس باستخدام السلاح الكيميائي "تعيق أي جهد لحل الأزمة" واجهت الحكومة السورية منذ بدء النزاع اتهامات دولية باستخدام السلاح الكيماوي خلال هجمات في مناطق خاضعة للمعارضة, وهو ما تنفيه دمشق مرارا. وفي هذا السياق استنكرت وزارة الخارجية السورية أمس الأربعاء التصريحات الأمريكية والفرنسية حول استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا واصفة إياها ب"الأكاذيب والمزاعم", ومعتبرة أن الاتهامات الموجهة لسوريا هدفها "إعاقة أي جهد يسهم في إيجاد مخرج للأزمة السورية". ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر رسمي في الخارجية السورية قوله أن "دمشق أبدت - على الدوام - التعاون ووفرت الظروف لإجراء تحقيق نزيه وموضوعي ومهني حول استخدام الاسلحة الكيميائية إلا أن زمرة الغرب الاستعماري هي من أعاقت ذلك دائما ومارست شتى أنواع الضغوط على فرق التحقيق بغية تسييسه". وأضاف المصدر إنه "ليس غريبا أن تسوق المجموعات المعادية لسورية مثل هذه الاتهامات والمزاعم قبل أيام من انعقاد مؤتمر الحوار الوطني السوري السوري في سوتشي وقبله في فيينا فقد دأبت على ذلك قبل أي استحقاق سياسي بهدف إعاقة أي جهد يساهم في ايجاد مخرج للأزمة السورية". من جهتها وصفت الخارجية الروسية تصريحات المسؤولين الأمريكيين حول الهجمات الكيميائية في سوريا ب"الاستفزازية", مشيرة إلى تعمد واشنطن إصدار هذه التصريحات مع اقتراب موعد مؤتمر السوريين في "سوتشي". للإشارة فإنه سيعقب المحادثات المرتقبة في فيينا اليوم, مؤتمر سلام يعقد في منتجع سوتشي البحري الروسي في 29 و30 من الشهر الجاري. ودعا المندوب الروسي الدائم لدى الأممالمتحدة فاسيلي نيبينزا, أمس لتشكيل هيئة تحقيق دولية جديدة غير مسييسة بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا. وقال خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن إنه "يجب تجميع وقائع على أساس أدلة صادقة وموثوق بها تم الحصول عليها بشفافية, وتقديمها لمجلس الأمن لتحديد هوية المسئولين عن استخدام المواد السامة كالأسلحة الكيماوية في سوريا", داعيا إلى ضرورة التأكد من وقوع هجمات من هذا النوع قبل التسرع بإصدار أحكام تتهم دمشق وموسكو بالمسؤولية . وكان وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون, قد اتهم الحكومة السورية بالاستمرار في استخدام الأسلحة الكيميائية, محملا روسيا المسؤولية في نهاية المطاف, من جهته قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان, "أن من يلجأ للسلاح الكيميائي فعليه أن يعرف أنه سيحاسب يوما رغم تعطيل مجلس الأمن". للتذكير فإن الحكومة السورية كانت قد أعلنت سابقا تدمير ترسانتها من الأسلحة الكيمياوية, بعد اتفاق روسي أمريكي في العام 2013.