تطلق 29 دولة مبادرة، الثلاثاء، في العاصمة الفرنسية باريس بحضور وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون لملاحقة المسؤولين عن الهجمات الكيميائية في سوريا والرد بذلك على الفيتو الذي استخدمته روسيا ضد مشروع قانون بهذا الصدد أمام الأممالمتحدة. ويأتي هذا المؤتمر قبل استئناف المحادثات تحت إشراف الأممالمتحدة، الخميس، في فيينا ومؤتمر السلام حول سوريا الذي تطلقه روسيا في 30 جانفي الحالي في سوتشي. ويعقد المؤتمر في باريس غداة اتهام نظام بشار الأسد، الاثنين، بشن هجوم كيميائي جديد على مدينة دوما في الغوطة الشرقية المحاصرة شرق دمشق. وانتقدت واشنطن التأثير الضعيف لموسكو على حليفتها السورية. ومن المقرر أن يخوض تيلرسون الذي حدد الإستراتيجية الأمريكية في سوريا في 17 جانفي، محادثات حول عملية السلام والوضع على الأرض بعد بدء هجوم تركي على الأكراد في شمال سوريا، السبت. وصرح تيلرسون، الاثنين: "نحن قلقون إزاء الحوادث التركية في شمال سوريا"، وذلك في اليوم الأول من جولته الأوروبية ودعا مجدداً تركيا العضو في الحلف الأطلسي إلى "ضبط النفس". ومن المقرر أن يجري نظيره الفرنسي جان إيف لودريان محادثات معه بحلول الظهر قبل افتتاح المؤتمر عند الساعة 14:00 (13:00 ت.غ) الذي سيتصدى لإفلات استخدام الأسلحة الكيميائية من العقاب. عملياً، سيتعهد ممثلو 29 دولة تقاسم معلومات وإقامة لوائح بأشخاص متورطين في استخدام أسلحة كيميائية في سوريا وأيضاً في أماكن أخرى من العالم يمكن أن تفرض عليهم عقوبات تشمل تجميد أصول وحظر التأشيرات أو ملاحقات قضائية على مستوى الدول. "لن نتركهم يفلتون" تأتي هذه المبادرة التي أطلقتها باريس بعد لجوء روسيا إلى حق النقض مرتين لاعتراض تجديد تفويض خبراء دوليين حول استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا. وقالت مصادر مقربة من لودريان: "الوضع عالق اليوم على أعلى مستوى في الأسرة الدولية"، في إشارة إلى مجلس الأمن الدولي. وشددت هذه المصادر "على ضرورة أن يعلم مستخدمو الأسلحة الكيميائية أنه من الممكن ملاحقتهم وأننا لن نتركهم يفلتون". ومن المقرر أن تعلن فرنسا تجميد أصول نحو 25 هيئة ومسؤولاً سورياً وأيضاً من فرنسا ولبنان والصين يشتبه في "مساهمتهم في برنامج الأسلحة الكيميائية السوري على صعيد التخطيط والتنفيذ"، حسب المصادر نفسها. وتقدر فرنسا، أنه تم شن 130 هجوماً كيميائياً على الأقل في سوريا بين 2012 و2017. وتوصل محققو الأممالمتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى خلاصة مفادها، أن النظام السوري مسؤول عن أربعة منها من بينهم هجوم بغاز السارين أوقع 80 قتيلاً على الأقل في 4 أفريل 2017 في خان شيخون. وتتهم روسيا التي تدعم سوريا عسكرياً المحققين بالانحياز. ليس الروس وحدهم وتشتبه الأسرة الدولية أيضاً بأن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) استخدم غاز الخردل في سوريا وفي العراق. وفي ماليزيا تم اغتيال الأخ غير الشقيق للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بغاز "في إكس" للأعصاب في فيفري 2017. على الصعيد العسكري، تبذل روسيا مساع من خلال مبادرة سلام تشارك فيها إيرانوتركيا وتأمل أن تتكرس في سوتشي في الوقت الذي تراوح فيه المحادثات برعاية الأممالمتحدة مكانها. ويهدف "مؤتمر الحوار الوطني السوري" إلى الجمع بين ممثلين من السلطة والمعارضة التي تدعمها تركيا. لكن قسماً من الفصائل المعارضة لم يتخذ قراره بعد بالمشاركة. من جهتها، أعلنت الولاياتالمتحدة في 17 جانفي، أنها ستبقي على وجود عسكري لها في سوريا إلى حين الانتصار التام على التنظيم المتشدد وأيضاً للتصدي للنفوذ الإيراني والمساعدة في تنحية الأسد من الحكم. وتأمل فرنسا المساهم الثاني في التحالف الدولي بقيادة واشنطن في سوريا، بأن تلعب دوراً في عملية السلام. وصرح لودريان، الاثنين: "لا يمكن أن يتوصل الروس وحدهم إلى تسوية للأزمة. يجب أن تتم إعادة بناء سوريا يوماً ووسائلهم لا تكفي"، ملمحاً إلى أنهم سيكونون بحاجة إلى الغربيين.