يظل الطابع المعماري التقليدي " القبة" الذي يميز المنشآت العمرانية لمنطقة "سوف" (ولاية الوادي) صامدا أمام تصاميم الهندسة المعمارية العصرية التي زحفت على المنطقة و"شوهت" إلى حد كبير المنظر العمراني بها حيث يواجه هذا النمط من العمران القديم الذي تشتهر به المنطقة عوامل الإندثار مما يتطلب تكثيف الجهود من أجل حمايته باعتباره تراثا ماديا ذي بعد حضاري وتاريخي. ورغم امتدادها لتاريخ العمارة العربية الإسلامية إلا أن "القبة" بدأت تختفي من ملامح النمط المعماري لمنطقة "سوف" لدرجة أنه في أغلب المواقع السكنية لا يرى لها أثرا حيث غياب الأعمدة والأقواس والقباب والقبة هي تصميم هندسي فريد من نوعه عبارة عن شكل نصف دائري يعتلي أسقف المنازل والبيوت. ويرجع المجلس المحلي للمهندسين المعماريين بولاية الوادي غياب النمط العمراني التقليدي المحلي على المنازل والمنشآت العمرانية إلى "انعدام "الرقابة و"غياب" التدابير الردعية للهيئات المكلفة بمتابعة ورشات الإنجاز من جهة ولجوء من جهة أخرى عديد أصحاب مكاتب الدراسات العمرانية إلى اعتماد تصاميم هندسية للمنازل "دخيلة" و"غريبة" عن التراث المعماري المحلي وذلك نزولا عند رغبة صاحب المنزل لدرجة أن بعضهم حسب ذات الهيئة-- يلجأ إلى جلب التصاميم الهندسية لمنزله من دول أجنبية . ويلاحظ في هذا الخصوص عدم إدماج " القبة" في التصاميم الهندسية للوحدات السكنية والمنشآت القاعدية المعدة من طرف مكاتب دراسات مختصة في الهندسة المعمارية باعتبارها نمطا عمرانيا محليا يستجيب لمميزات الطبيعة المناخية والخصوصيات الإجتماعية والثقافية لمنطقة "سوف". ويتم في هذا الشأن إعتماد تصاميم معمارية "دخيلة" و "وافدة" -- حسب وصف عدد من المختصين -- بحجة عصرنة تصاميم الهندسة المعمارية وهي الخيارات "الغير مدروسة" التي كانت محل استفسارات جهات مركزية مكلفة بالتعمير . القبة" ليست مجرد تراث معماري ... بل نمط مميز لخصوصيات المنطقة... يؤكد عديد المختصين من أصحاب مكاتب الدراسات العمرانية بالواديي أن "القبة" ليست مجرد تراث معماري إستحدثه السكان القدامى للمنطقة نظرا لجماليته الهندسية بل هو نمط إبتكر إستنادا إلى معايير تقنية بحتة لأنه يتلاءم مع خصوصيات هذه المنطقة الصحراوية بكل متغيراتها المناخية والجغرافية والإجتماعية . وتعد "القبة" طابعا معماريا فريدا من نوعه في العالم وكانت قديما تنجز بمواد بناء محلية تعتمد على حجارة "اللوس" لتشييد الهيكل باستخدام الجبس المصنوع من حجارة "الترشة" . و يتطلب تدارك الإندثار الذي بات يهدد هذا الطابع المعماري التقليدي الذي تشتهر به منطقة "سوف" والذي يواجه تصاميم هندسية "دخيلة" تدخلا " ملحا" من الجهات المعنية للمحافظة على هذا الموروث المعماري حيث يستدعي ذلك تفكيرا "جادا" ينبغي أن يرتكز على إستراتيجية عملية كفيلة بمواجهة إنعكاسات التصاميم الهندسية الحديثة على المشهد العمراني العام للمنطقة حسب عديد المهتمين بالتراث المعماري لمنطقة " سوف". ويتعين في هذا الصدد-- حسبهم-- ضرورة تفعيل عمل لجنة التنسيق التي تضم المديريات التنفيذية المكلفة بمتابعة المشاريع السكنية و البنى التحتية وأصحاب مكاتب الدراسات لوضع خطة عمل تعتمد على آليتي الرقابة والردع بما يسمح باحترام الخصوصيات العمرانية للمنطقة .