عكفت السلطات العمومية على مواصلة الإصلاحات في مجال الحكامة من خلال تعزيز دولة القانون وعصرنة الإدارة العمومية, حسب نص بيان السياسة العام للحكومة الذي سيعرضه الوزير الأول أحمد أويحيى أمام المجلس الشعبي الوطني الاثنين المقبل. ويؤكد بيان السياسة العامة, على مواصلة إدارة الداخلية والجماعات المحلية ديناميكيتها في الإصلاح والعصرنة من خلال تعميم وثائق التعريف البيومترية وترقية اللامركزية, حيث تم في هذا الصدد إصدار 13 مليون جواز سفر بيومتري وقرابة 11 مليون بطاقة تعريف بيومترية والشروع في إصدار رخص السياقة البيومترية, بالإضافة إلى "إحداث وتعميم رقم التعريف الوطني ليشمل كافة المواطنين, وقد مكنت هذه القاعدة المعلوماتية من تخفيف عدد من الملفات الإدارية والمعالجة السريعة لعدة عقود إدارية". كما تعكف الحكومة على "ترقية" اللامركزية, حيث شرعت في هذا السياق "لجنة وزارية مشتركة في تحويل بعض مجالات الاختصاص من المستوى الوزاري إلى مستوى الولايات, وشملت هذه العملية 14 إجراء تمثلت أهمها في "المصادقة على المخططات التوجيهية للتهيئة والتعمير الخاصة بالمدن التي يقل عدد سكانها عن 1 مليون نسمة, منح رخص البناء للمشاريع العقارية التي تتعدى 600 سكن, منح رخص البناء لكافة المشاريع الاستثمارية, إنجاز المناطق الصناعية ومناطق التوسع السياحي وتصديق الشباك المحلي للوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار على كافة الاستثمارات التي لا تتعدى قيمتها 10 ملايير دج". وفي مجال عصرنة الحكامة الإقليمية, تم إطلاق "ورشة مراجعة التشريع الخاص بالمجالس الشعبية البلدية والولائية ودمجه, على أن تعرض نتائجها على البرلمان سنة 2019", وبغية ترقية اللامركزية تم "تعزيز صلاحيات الولاة المنتدبين بالجنوب, إحداث مقاطعات إدارية جديدة على مستوى المدن الكبرى, وإحداث عدة مندوبيات بلدية عبر الوطن. كما تم انتهاج سياسة خاصة بتكوين موظفي الجماعات المحلية استفاد منها قرابة 2000 منتخب محلي". وفي ذات الإطار, تم الشروع في "تحضير مشروع القانون المتعلق بإصلاح المالية المحلية, على أن يعرض على البرلمان سنة 2019", بالموازاة مع الشروع في تفويض الخدمة العمومية الذي "لا يعد خوصصة على الإطلاق" بل يهدف إلى "تثمين مختلف المنشآت المحلية". وبالنسبة للتنمية المحلية, فقد تم "رفع الاعتمادات المخصصة لبرامج التنمية البلدية من 60 إلى 100 مليار دج في السنة لسنتي 2018 و2019, وتعزز هذا الجهد بإسهام صندوق تضامن الجماعات المحلية الذي رصد في سنتي 2017 و2018 مبلغ 136 مليار دج لتمويل مئات المشاريع التنموية المحلية", بالإضافة إلى تنفيذ "مشاريع مختلفة خلال السنتين الأخيرتين تهدف إلى تحسين التزود بالماء الشروب واستعمال الطاقات المتجددة وضمان نجاح المواسم الصيفية", وكذا "استفادة المناطق الحدودية من برامج تكميلية سطرت لعدة سنوات". ويتطرق بيان السياسة العامة, إلى رقمنة الإدارة العمومية, حيث "تم تكليف لجنة وزارية مشتركة بمتابعة هذا الملف بالتنسيق مع قطاع الرقمنة", ويؤكد ذات البيان على أن "هذا العمل يسجل تقدما يبعث على الارتياح, من خلال العمل حاليا على إحداث مرجع وطني للأمن المعلوماتي على مستوى كافة الإدارات والمصالح العمومية واستكمال إدخال التوقيع الالكتروني حيز التطبيق وإطلاق +مركز معطيات+ يأوي المعطيات الرقمية الخاصة بكافة الإدارات والمصالح العمومية". تعزيز دولة القانون وترقية الحريات العمومية وعصرنة العدالة ويشير بيان السياسة العامة إلى إطلاق ورشات في أعقاب مراجعة الدستور بهدف "تحيين التشريع المتعلق بالاجتماعات والتظاهرات العمومية وكذا بالأحزاب السياسية". وتبذل "جهود معتبرة" في مجال الأمن العمومي ومكافحة الآفات الاجتماعية لاسيما في وسط الشباب, حيث يتم "تعزيز شبكة الهياكل المناسبة, لأجل الحفاظ على الأمن والنظام العموميين, وتوزيعها بإحكام عبر التراب الوطني", ويؤكد ذات المصدر أن "لجوء الشرطة القضائية إلى استعمال الطرق العصرية مكن من تحسين النتائج بشكل معتبر". وفيما يخص مكافحة الهجرة غير الشرعية, يتم تنظيم "عمليات لترحيل المهاجرين غير الشرعيين, في إطار اتفاقات مبرمة مع بلدانهم الأصلية, تتم هذه العمليات على عاتق الدولة وحدها, بكل ما يستدعيه الأمر من مرافقة طبية وإنسانية". واعتبرت ذات الوثيقة أن إصلاح العدالة هو "أول ورشة أطلقها السيد رئيس الجمهورية", وقد أحرز هذا الإصلاح "تطورات معتبرة" وتوسعت أهدافه أكثر برسم الدستور الذي تمت مراجعته سنة 2016, وتعكف الحكومة على "مواصلة هذه الورشة الكبيرة من خلال, تكييف الإطار التشريعي ذي الصلة وعصرنة العدالة والجهاز القضائي وتثمين الموارد البشرية بالقطاع وتعزيز المنشآت القضائية وكذا تعميق إصلاح السجون". فبخصوص تكييف الإطار التشريعي, سجل البيان "حركية حثيثة ما فتئت تستمر", ومن ضمن القوانين الجديدة والقوانين التي تمت مراجعتها, القانون العضوي المتعلق بالدفع بعدم الدستورية وهو نظام جديد يسمح بمراقبة بعدية للقوانين ولاسيما لفائدة المتقاضين, بالإضافة إلى القانونين المتعلقين بمجلس الدولة, وبحماية المعطيات الشخصية, وكذا التغييرات المتتالية التي أدخلت على قانون الإجراءات الجزائية ومراجعة قانون التنظيم القضائي. ومن بين مشاريع القوانين "قيد الاستكمال والتي ستعرض على البرلمان خلال العهدة التشريعية الحالية", كشف البيان عن مراجعة بعض النصوص وتحيين بعضها وكذا نصوص جديدة تخص "الوقاية من الفساد ومحاربته, القانون المدني, قانون الجنايات, القانون التجاري, قانون الإجراءات المدنية, المتاجرة بالمخدرات, نظام الصرف, مكافحة الجريمة المعلوماتية وحق المواطنين في الاطلاع على الوثائق والمعلومات العمومية، طبقا لأحكام الدستور". وفي ذات السياق, سجلت عصرنة العدالة "تقدما معتبرا" في مجال الدعوى العمومية من خلال "وظيفية المحكمة الجنائية مع عملها بمبدأ التقاضي على درجتين والتعميم التدريجي لاستعمال السوار الالكتروني في تنفيذ العقوبات, مع دعم ذلك بوحدة مركزية لمراقبة الأشخاص الخاضعين لهذا النظام العقابي وكذا تطبيق إجراءات جديدة للمتابعة الجنائية في مجال الجرائم والجنح المرتكبة بالخارج من طرف أجانب والتي تمس بأمن بلدنا أو بمصالحه الأساسية". وفي مجال تنفيذ العقوبات, تم "إحداث إطار جديد لتحصيل الغرامات وتكاليف العدالة, حيث مكّن هذا الأخير من تحصيل أكثر من 7 مليار دج, إضافة إلى اتخاذ إجراءات جديدة (مع اللجوء إلى بنك معلومات) متعلقة بصحيفة السوابق العدلية للأشخاص الذين ارتكبوا جنحا خاصة بحركة المرور بالطرقات وبشرب الخمر وتعاطي المخدرات". وأكد بيان السياسة العامة للحكومة أن رقمنة العدالة مكنت من "اطلاع المواطن عن بعد على الخدمات القضائية على غرار سحب صحيفة السوابق العدلية وشهادة الجنسية الموقعتين الكترونيا, وتصحيح الأخطاء المرتكبة في وثائق الحالة المدنية, وإحداث +اللفيف+ الذي يعد عقدا يعترف به الشرع الإسلامي عبر الدليل بالبيّنة المعد مقدما". وقد تعززت إمكانيات العدالة في مجال المنشآت القضائية, من خلال "استكمال شبكة مجالس القضاء عبر كافة ولايات الوطن, فتح 44 محكمة إدارية على أن تفتح المحاكم الأربع الأخرى في الأجل القريب وإعادة تأهيل العديد من الجهات القضائية الموجودة وعصرنتها". بالإضافة إلى "فتح مدرسة عليا جديدة للقضاء تتسع ل 1000 مقعد, تمكّن من إعداد سياسة جديدة لتكوين القضاة على مدى أربع سنوات, وتعزيز إعادة تأهيل القضاة الذين يزاولون مهامهم بما في ذلك في مجال التحكيم الدولي والجريمة المعلوماتية والملكية الفكرية". وبالنسبة لإصلاح السجون, فقد تم "مواصلة تكوين الموظفين المعنيين وإعادة تأهيلهم وتحسين نسبي لشبكة منشآت السجون في حين أغلق سجن سركاجي نهائيا ليحول إلى متحف ومواصلة سياسة تكوين المسجونين وتعزيزها حيث تم خلال السنة الدراسية المنصرمة تسجيل 43000 سجين في التعليم العام, وقرابة 3300 متفوق في الامتحانات, فيما تابع 39000 سجين تكوينا مهنيا توج بقرابة 30000 نجاح". إلى جانب مواصلة سياسة إعادة الإدماج ولاسيما في مجال الحرية المشروطة والحرية النصفية والوقف المؤقت للعقوبات لفائدة "أكثر من 5000 مسجون ومرافقة المسجونين لإعادة إدماجهم مهنيا, حيث استفاد من هذا الإجراء أكثر من 1000 شخص في السنتين الأخيرتين".