على بعد أقل من شهر من تاريخ الانتخابات الرئاسية المزمع اجراءها يوم 12 ديسمبر المقبل، انطلق السباق بين المترشحين الخمس الذين قبلت الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات ملفاتهم و صادق عليهم المجلس الدستوري. وبالرغم من اختلاف خلفياتهم، إلا أنه هناك أمر واحد يجمع هؤلاء المترشحين لبلوغ سدة الحكم ألا و هو رغبتهم في اقناع الجزائريين بالتوجه بقوة إلى صناديق الاقتراع. و التزم الوزير الأول السابق، عبد المجيد تبون البالغ من العمر 74 سنة، بعدم ادخار أي جهد في حال انتخابه رئيسا للجمهورية ل"تحقيق التطلعات الشرعية التي طالب بها حراك 22 فبراير" مقدما في سبيل ذلك "54 التزاما" لتأسيس جمهورية جديدة. و يعتزم السيد تبون الذي تقلد لعدة مرات منصب والي و وزير و الذي يدخل غمار الرئاسيات كمترشح حر، اطلاق سياسة جديدة للتنمية، مرافعا ل"نموذج اقتصادي جديد يرتكز على تنويع النمو و اقتصاد المعرفة". ويسعى خريج المدرسة الوطنية للإدارة لوضع "الحصول على سكن كأولوية قصوى" و العمل على "الحفاظ على منظومة الضمان الاجتماعي و التقاعد" و كذا "توفير لجميع المواطنين الحق في خدمات صحية فعالة". وفي مجال الشغل، يعد المترشح تبون بتخفيض نسبة البطالة لا سيما لدى الشباب و النساء. كما يعتزم السيد تبون "مراجعة" أهداف و "المهام التقليدية" للدبلوماسية الجزائرية من خلال تأسيس "دبلوماسية اقتصادية هجومية" و "دبلوماسية ثقافية و دينية" و اشراك الجالية بشكل فعال في اعادة البناء الوطني. من جهته، و بعد خسارته لمرتين في رئاسيات 2004 و 2014، يدخل السيد علي بن فليس، رئيس حزب طلائع الحريات غمار الرئاسيات و هو الذي لا طالما اعتبر أن تنظيم الانتخابات الرئاسيات يعد الطريق الأقل خطرا و تكلفة للبلاد. و وصف السيد بن فليس، الذي سبق له و أن تقلد منصب رئيس حكومة و وزيرا للعدل، اقتراع 12 ديسمبر المقبل ب"فرصة تاريخية" أتيحت للجزائريين، الذين دعاهم إلى "عدم جعل الانتخابات الرئاسية المقبلة مجرد اداة للمماطلة و منح الوقت لنظام سياسي في طريق الانهيار دون اي تغيير حقيقي". و يرافع السيد بن فليس من أجل "برنامج وطني استعجالي"، ملتزما في حال انتخابه رئيسا للجزائر بتنفيذ "ثلاث اجراءات أولوية" فور اداءه اليمين الدستورية. و يتعلق الأمر ب"إطلاق مشاورات" مع الأحزاب السياسية و افراد المجتمع المدني و الشخصيات الوطنية و "تكوين حكومة انفتاح سياسي" و "حل المجلس الشعبي الوطني". و يعتبر السيد بن فليس أن هناك سبع ورشات كبرى للتغيير الديمقراطي إذ يتعلق الأمر حسبه بالورشة المؤسساتية، و الدستورية و القضائية و ورشة الحريات و الحقوق و الورشة الاعلامية و أخيرا ورشة أخلقة الممارسة السياسية و الحياة العمومية. ==اجماع حول ضرورة الاستجابة لمطالب الحراك== من جهته، يعد رئيس حركة البناء عبد القادر بن قرينة الذي يشارك لأول مرة للانتخابات الرئاسية ب"الاستجابة لمطالب الحراك" و بفتح "حوار شامل". ويدعو هذا الوزير السابق للسياحة و النائب الجزائريين إلى "التجند من أجل البحث عن السبل الممكنة لمختلف الأزمات التي تعصف بالبلاد تحت شعار جزائر متحدة". وإذ دعا إلى "مشاركة قوية" للموعد الانتخابي المقبل بهدف "الحفاظ على الجزائر"، يؤكد هذا النقابي السابق أن برنامجه "يرتكز أساسا على مبدأ استشارة الجزائريين حول سبل الخروج من الأزمة". ويلتزم في هذا السياق ب"استرجاع الأموال المنهوبة" و "ضمان الأمن الغذائي و الترابي للجزائر" و "اعادة الأمل للشعب الجزائري". كما يعد السيد بن قرينة في حال انتخابه ب"تحسين الظروف المعيشية للجزائريين و ضمان التوازن الجهوي من خلال توزيع عادل للبرامج التنموية و رفع الأجور و منح المزيد من المزايا للمرأة المرضعة و حشد الوسائل الضرورية لمناخ ملائم بالجزائر". أما الأمين العام بالنيابة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، عزالدين ميهوبي الذي يشارك لأول مرة في الانتخابات الرئاسية، فلقد كشف عن برنامجه الانتخابي الذي يرتكز على الاقتصاد محاولا بذلك اقناع الجزائريين بضرورة التوجه بقورة لصناديق الاقتراع. واقترح السيد ميهوبي في برنامجه الانتخابي 150 اقتراح تهدف إلى الاقلاع بالاقتصاد الوطني، مرافعا من أجل استحداث وزارة للاقتصاد تشكل قطاعات الطاقة و المالية و الصناعة و الاتصالات و البريد. وحسب هذا الوزير السابق للثقافة، فإن هاته القطاعات تعاني من "نقص حقيقي في التنسيق" و تتطلب اعداد "مخطط خاص"، مبرزا أهمية التوفر على "دبلوماسية فاعلة ترتكز على الاقتصاد". و يراهن السيد ميهوبي في سياسته الجديدة على تطوير اقتصاد مقاولاتي كما يتعزم تشجيع خلق المؤسسات الانتاجية من أجل تحضير البلاد لمرحلة ما بعد البترول. كما يرتقب القيام باصلاح لقطاع المالية و للاطار التشريعي الذي ينظم الاستثمار الأجنبي بهدف "تحقيق انفتاح اقتصاد حقيقي" يعتمد على ترقية الاستثمار، لا سيما الأجنبي منه. ويعتزم السيد ميهوبي أيضا مواصلة مكافحة الفساد و تعزيزه ب "أليات أكثر نجاعة". أما المترشح عبد العزيز بلعيد (56 سنة ) و هو أصغر منافس لمنصب رئيس الجمهورية فتعد هذه المشاركة ثاني محاولة له بعد خسارته سنة 2014. وإذ أكد أن الانتخابات الرئاسية المقبلة هي "الحل الوحيد للخروج من الأزمة التي يمر بها البلد"، يدعو السيد بلعيد الجزائريين للمساهمة في نجاح هذا الموعد الانتخابي، حيث يعد باطلاق "اصلاحات عميقة" من أجل الاستجابة لمطالب الشعب. ولإطلاق الاقتصاد الوطني، يعتزم السيد بلعيد "الاستثمار في المورد البشري" و "تطهير الحياة السياسية". كما يعد ب"القضاء على الفساد و ضمان استقلالية القضاء و تكريس الديمقراطية التشاركية و ممارسة رقابة فعلية من خلال مختلف الأليات التي سيتم وضعها". و يلتزم كذلك ب"مراجعة الدستور" الذي وضعه من بين أولوياته القصوى و كذا مراجعة قانون الاعلام و القضاء على البطالة و اعادة النظر في أجور الموظفين و ضمان الحصول على مسكن لائق و ترقية حقوق المرأة.