تحاول دول العالم التي تعاني من جائحة كوفيد 19, الموازنة بين الصحة و الاجراءات التي من شانها العودة الى الحياة العادية وسط مخاوف واسعة بعد اعلان منظمة الصحة العالمية من امكانية استمرار الوضع على حاله طالما لم يتوفر اللقاح الكفيل بالقضاء على الفيروس القاتل. فحالات الإغلاق الهادفة إلى كبح انتشار فيروس كورونا المستجد يصاحبها كساد, وفي المقابل فإن فتح الأسواق و المدارس و الاماكن العامة قد يعني حالات إصابة أكثر. وقررت بعض الدول تخفيف القيود, لكن البعض منها اضطرت مرة أخرى إلى اتخاذ إجراءات جديدة بعد رصد زيادات في أعداد المرضى وحالات الوفاة, فقد توقفت الصين عن إعادة فتح البلاد بشكل كامل, وأعادت إجراءات كانت قد رفعتها سابقا, بعد تسجيل إصابات جديدة بفيروس كورونا, لا سيما في مدينة ووهان التي تعد بؤرة الوباء. و لكن ووهان سجلت الاثنين الماضي 6 حالات جديدة, لتكسر 35 يوما من عدم تسجيل إصابات. ورغم ذلك, لم تقم الحكومة بإعادة فرض الإغلاق, لكنها تجري اختبارات لجميع سكان المدينة البالغ عددهم نحو 11 مليون نسمة. ==العودة تدريجيا للحياة العادية == و بينما بدأت ألمانيا تخرج من إجراءات الإغلاق بشكل تدريجي, لا تزال السلطات تشدد الإجراءات على المناطق التي شهدت قفزات مفاجئة وسجلت ارتفاعا في عدد الإصابات بفيروس كورونا مؤخرا, وتضمنت إجراءات الطوارئ التي تم تفعيلها في تلك المناطق, الحد من الحركة العامة وفرض الفحص الطبي على جميع عمال المصانع للتأكد من خلوهم من الفيروس. اما كوريا الجنوبية فبعد تسجيلها في 9 مايو الجاري 34 إصابة بفيروس كورونا, بعد أسابيع من إبقاء عدد الإصابات دون العشرة, الأمر الذي دفع السلطات إلى إعادة إجراءات الإغلاق, و تم اكتشاف الإصابات الجديدة في منطقة تحتوي على ملهى ليلي في سيول, ومنذ ذلك الحين تم إغلاق الحانات والنوادي في العاصمة مرة أخرى, وتم تأجيل إعادة فتح المدارس وبعض الشركات. وجاء الإغلاق الجديد بعد أقل من أسبوع من رفع البلاد للقيود المفروضة بخصوص التباعد الاجتماعي, والإعلان عن أن كوريا الجنوبية تستعد لبدء "حياة يومية جديدة مع فيروس كورونا". من جهتها, فرضت ايران حظرا جديدا على مقاطعة خوزستان الجنوبية الغربية الاثنين الماضي, مع استمرار السلطات في إعادة فتح المدارس في أماكن أخرى, بعدما تراجعت حتى 2 مايو الجاري حيث وصلت إلى حوالي 800 إصابة, لكن مؤشر الإصابات بدأ في الصعود مرة أخرى بشكل مطرد, وسجلت البلاد الاثنين الماضي حوالي 1700 حالة جديدة. بريطانيا, من جهتها اعترفت على لسان رئيس وزرائها, بوريس جونسون, بأن هناك شعورا عاما بالإحباط من الإجراءات التي اتخذتها حكومته للتخفيف من إجراءات العزل العام المفروضة بسبب فيروس كورونا. و قد انضمت الإثنين الماضي ل من فرنسا وبلجيكا إلى قائمة الدول الأوروبية التي بدأت في الرفع التدريجي للحجر الصحي, حيث فتحت فرنسا صالونات تصفيف الشعر ومحلات الملابس ومحلات بيع الزهور ومحلات بيع الكتب فتح أبوابها مرة أخرى, فيما لا تزال المطاعم والمسارح ودور السينما مغلقة. وستقبل المدارس الابتدائية أعدادا قليلة من التلاميذ استنادا إلى المساحة المتوفرة. وبات ارتداء الكمامات واجبا في المواصلات العامة, ويتمكن الجميع من الخروج بدون الحاجة إلى رخصة, لكن لن يتمكن الناس من الانتقال لمسافة تفوق 100 كيلومتر عن مكان إقامتهم, إلا لأسباب قاهرة. وستعيد المدارس الابتدائية فتح أبوابها بشكل جزئي يوم الإثنين في هولندا. كما سيعود العمل في مدارس تعليم القيادة وصالونات تصفيف الشعر ولدى أخصائيي العلاج الطبيعي والمكتبات, مع اتخاذ تدابير للتباعد الاجتماعي. ماسيمكن نصف سكان إسبانيا البالغ عددهم حوالي 47 مليون شخص من الاجتماع مع العائلة أو الأصدقاء في تجمعات تصل إلى 10 اشخاص, تم استبعاد مدريدوبرشلونة الأكثر تضررا من تدابير التخفيف, رغم أن أندية برشلونة لكرة القدم استأنفت التدريب الجمعة الماضي. و اعاد لبنان الأربعاء الماضي, بعد أيام من رفع حظر استمر أسابيع عدة, فرض إجراءات الإغلاق مجددا لمدة اربعة أيام بسبب الارتفاع الكبير في عدد الإصابات الجديدة, منذ منتصف أبريل الماضي, كانت البلاد تسجل أقل من 10 حالات جديدة في اليوم, لكن في 7 مايو, ارتفعت الحالات الجديدة اليومية إلى 34 إصابة, بعد فتح الاماكن العامة. من جانيها,اعلنت مصر إغلاق المحلات و المراكز التجارية والمطاعم والحدائق والمتنزهات والشواطئ ابتداء من أول أيام العيد المصادف يوم الأحد المقبل وحتى يوم الجمعة 29 مايو المقبل موضحة أنه بداية من منتصف يونيو المقبل سيتم الإعلان عن العودة التدريجية للعديد من الأنشطة في البلاد . و تأي قرارات العودة الى الحياة الطبيعية بصفة تدريجية في عدد من الدول وسط مخاوف و استعدادات حيث ولا تزال أعداد الوفيات والإصابات في مختلف مناطق العالم في ارتفاع مستمر, وسط غياب لقاح ينهي هذه الجائحة, وتوقعات خبراء ومختصين بأن اللقاح لن يكون جاهزا قبل سنة ونصف السنة.