قدم رئيس الجمهورية ، السيد عبد المجيد تبون الأحد في أديس أبابا ، تقريره بصفته منسق الاتحاد الافريقي حول الوقاية من الارهاب و التطرف العنيف و مكافحتهما. هذا هو النص الكامل للتقرير الثالث لرئيس الجمهورية: " سيدي الرئيس،السيدات والسادة رؤساء الدول والحكومات ،أصحاب السعادة، السيدات والسادة ،اسمحوا لي أولا أن أشكركم على منحي هذه السانحة لتقديم تقريري عن الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، بصفتي منسقا للاتحاد الإفريقي حول هذه المسألة. على الرغم من الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي في مكافحة التطرف العنيف والإرهاب، لا تزال هذه الآفة تنخر العديد من بلدان العالم، ولاسيما في قارتنا، حيث اتخذ التهديد الإرهابي أبعادا تنذر بالخطر، خاصة في منطقة الساحل الصحراوي متسببا في خسائر كبيرة وأضرار بشرية ومادية، والتي تتجاوز هذا الشريط ليمتد من حوض التشاد إلى جنوب إفريقيا مرورا بشرق إفريقيا. ثم إن الهجمات التي ترتكب يوميا تودي بحياة البشر وتنشر الرعب بين السكان وتزيد من اللااستقرار وظاهرة نزوح المنكوبين، وتزداد خطورة هذا التهديد نتيجة تهجير المقاتلين الإرهابيين الأجانب وعودتهم، وذلك جراء إفلاس الجماعات الإرهابية خاصة في الشرق الأوسط. كما أنه من المرجح أن تزود الروابط المؤكدة بين الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان الجماعات الإرهابية بوسائل مالية هائلة، ولاسيما من خلال دفع الفديات، والمخدرات، والاتجار بالبشر، والتهريب والقرصنة. ومن جهة أخرى، فإن جهود مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف تعرقلها وسائل التعبئة الواسعة التي يوفرها "الفضاء الافتراضي" بعد خسارة المعركة في "الفضاء المادي". وهكذا يصبح الفضاء الإلكتروني مسرحا لاستمالة الجماعات الإرهابية وتوظيفها. يوفر الاستخدام المتزايد لتكنولوجيا الإعلام والاتصال والوصول إلى الشبكات الاجتماعية، ولاسيما بين الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة وهي الشباب والنساء، فرصا غير متوقعة للتطرف لزيادة قدرته على إلحاق الأذى. وبالتالي فإن الراديكالية هي في طريقها إلى الانتشار أكثر، خاصة في أوساط الفئات السكانية الأكثر حرمانا اقتصاديا. وهكذا فإن بلداننا التي تأثرت بالفعل بشكل كبير بتداعيات جائحة كورونا والركود الاقتصادي الناتج عنها مجبرة على تخصيص موارد هي نادرة أكثر فأكثر قصد تطوير استراتيجيات واكتساب وسائل التصدي للتهديد الإرهابي. سيدي الرئيس،لا يمكن كسب المعركة ضد الإرهاب والتطرف العنيف دون اتباع نهج مفهوم قائم على الانتشار على مستوى جبهتين، وهما محاربة الجماعات المتطرفة، لكن وقبل كل شيء القيام بجهود الوقاية من التطرف. وإدراكا منها لتأثير هذه الآفة على السلم والاستقرار في المنطقة وعلى التنمية المستدامة في قارتنا، سعت المنظمة الإفريقية إلى تطوير مجموعة واسعة من الأدوات القانونية والتنظيمية لوقف انتشار هذه الظاهرة في القارة. وهكذا فقد تم اعتماد اتفاقية لمنع الإرهاب ومكافحته سنة 1999 ، تلتها خطة عمل لمكافحة الإرهاب سنة 2004. وفي إطار تنفيذ ولايتها كمنسق لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف في إفريقيا، بحيث كلفت بها خلال مؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي في 2017، ومن أجل تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال مكافحة تمويل الإرهاب، نظمت الجزائر، بمعية الاتحاد الإفريقي في الجزائر العاصمة شهر أبريل 2018، اجتماعا رفيع المستوى للاتحاد الإفريقي حول مكافحة تمويل الإرهاب. وقد اعتمد مجلس السلم والأمن مخرجات هذا الاجتماع بمناسبة اجتماعه ال812، الذي انعقد في نوفمبر 2018، والذي طلب من المفوضية والدول الأعضاء التنفيذ الفوري لقرارات وتوصيات الاجتماع رفيع المستوى. كما قدمت الجزائر مخرجات الاجتماع بمناسبة انعقاد مؤتمر مكافحة تمويل داعش والقاعدة الذي نظم في باريس تحت شعار "لا مال للإرهاب". سيدي الرئيس، ومن أجل بث روح جديدة للمسعى الجماعي الرامي إلى منع ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، ومراعاة لحالة عدم الاستقرار في منطقة الساحل الصحراوي وتفاقم التهديد الإرهابي والتهديدات الأخرى ذات الصلة في عدة مناطق من القارة، اقترح بلدي خلال 2021 نهجا إفريقيا جديدا، من المرجح أن يؤطر ويحفز الوقاية ومكافحة هذه الآفة، من خلال رسالة موجهة إلى رئيس الاتحاد الإفريقي، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، السيد. فيليكس تشيسكيدي تشيلومبو. وإذ تعبر عن قلقها إزاء آثار الإرهاب والجريمة العابرة للأوطان وتأثيرها على الحكم الرشيد والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسلم والأمن، تناشد الجزائر دوما من أجل اتباع نهج شامل ومتكامل في الاستراتيجيات التي سيتم تنفيذها من أجل فهم أفضل للآفة ومحاربة الإرهاب والجريمة على المستويين الوطني والدولي. وتهدف هذه المقترحات إلى تنشيط المؤسسات وتقوية آليات الاتحاد الإفريقي لمكافحة هذه الظاهرة العابرة للحدود والخطيرة، من خلال دمج مفاهيم ووسائل وموارد جديدة ذات طبيعة معيارية وعملياتية من أجل تحسين العمل الإفريقي. وعليه فإن هذه الرؤية الجديدة تستند إلى سلسلة من المقترحات تهدف إلى تعزيز المساعي الجماعية للدول الإفريقية وآليات الاتحادالأفريقي في مجال مكافحة الإرهاب، لاسيما من خلال: - استكمال المخطط الافريقي الثاني لمكافحة الإرهاب الذي سيأتي كبديل للمخطط الذي صادق عليه الاتحاد الافريقي سنة 2003 طبقا للمذكرة حول قواعد لعمل مشترك للاتحاد الافريقي ضد آفة الإرهاب والتطرف العنيف الذي طرحته الجزائر بصفتها منسق مكافحة الإرهاب في افريقيا والمصادق عليه من طرف ندوة رؤساء الدول والحكومات (جمعية/ا.ف/17/5XXXII). - تفعيل الصندوق الافريقي الخاص لمكافحة الإرهاب. - تفعيل اللجنة الفرعية لمكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن والسلم. - وضع قائمة إفريقية للأشخاص والمجموعات والكيانات المتورطة في أعمال إرهابية بما في ذلك المقاتلين الإرهابيين الأجانب. - تجسيد مشروع الأمر بالقبض الافريقية وهي أداة أبرز ضرورتها مجلس السلم والأمن خلال جلسته لشهر نوفمبر 2018 المخصص للظاهرة الإرهابية في افريقيا. وقبل الاختتام أستسمحكم لتجديد التزام بلادي لمرافقة عمل الاتحاد الافريقي في مجال الوقاية ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف بهدف الحفاظ على السلم والاستقرار وترقية التطور المستدام لقارتنا. أشكركم على حسن الاصغاء " .