تتصاعد الازمة الاوكرانية جراء انتهاكات وقف إطلاق النار على طول خط التماس في شرق أوكرانيا، مؤخرا، وسط جهود دبلوماسية ودعوات لضبط النفس والامتناع عن اتخاذ أي إجراءات أحادية في هذه "اللحظات الحساسة". يأتي ذلك فيما هيمنت الأزمة الروسية - الأوكرانية على أعمال مؤتمر ميونيخ للأمن في دورته ال58 والتي تزامن انعقادها مع إعلان موسكو سقوط قذيفة أطلقت من أوكرانيا، في مقاطعة روستوف الروسية قرب الحدود بين الدولتين، في الوقت الذي أعلن فيه الجيش الأوكراني مقتل أحد جنوده في قصف نفذه انفصاليون امس السبت في شرق البلاد. وفي السياق، سجل مراقبو منظمة الامن و التعاون في اوروبا في بيان أمس السبت أزيد من 1500 خرقا للهدنة خلال 24 ساعة و التي من المفروض ان تكون سارية المفعول على الجبهة في شرق أوكرانيا، و هو رقم قياسي هذا العام. و حسب أرقام المنظمة فإن العدد الاجمالي للخروقات تضاعف مقارنة مع ال24 ساعة الماضية. و قد سجلت المنظمة بين الاربعاء و الخميس 870 خرقا. و في سياق تزايد التوتر بين روسيا والغرب، أطلقت روسيا تدريبات استراتيجية نووية شملت إطلاق صواريخ /باليستية/ و /مجنحة/، في وقت اعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أن الولاياتالمتحدة مستعدة لإرسال قوات إضافية إلى شرق أوروبا ل"تعزيز أمن" أعضاء حلف الناتو في حال تصاعد التوتر حول أوكرانيا. وقال أوستن في لقاء جمعه في فيلنيوس مع وزير الخارجية الليتواني غابريليوس لاندسبيرغيس : "نتحمل بأكبر قدر من الجدية التزاماتنا أمام الناتو والحلفاء. لقد أرسلنا قوات أمريكية إضافية إلى الشرق لتقوية حلفائنا في الناتو وتم وضع الآلاف في حال الجهوزية للنقل إذا لجأ الناتو إلى إشراك قوات الاحتياط التابعة له". مساع لتجنب التصعيد ولتجنب نشوب صراع في أوكرانيا تزامنا مع التدريبات التي اعلنتها روسيا، ارسل ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي خطابا إلى سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي للمشاركة في حوار في إطار مجلس /الناتو/ و روسيا. كما أعرب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، من جهته، عن تأييد الاتحاد لمقترح الممثل الخاص لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بعقد جلسة غير عادية لمجموعة الاتصال الثلاثية (والتي تضم ممثلين عن أوكرانيا و روسيا ومنظمة الأمن والتعاون). و أبدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي -في كلمة ألقاها بمؤتمر ميونيخ للأمن- استعداد بلاده للحوار والدفاع عن نفسها. وقال الرئيس الأوكراني أنه عرض على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اختيار طريقة الحوار التي يرغب فيها والشركاء الذين يريدهم ضمن هذا الحوار وقال إن كييف "مستعدة للمحادثات في أي مكان ومع أي طرف". من جانبه، أعلن الكرملين في وقت سابق أن روسيا لا تمثل تهديدا لأحد ولا تخطط لشن عدوان ضد أي بلد، مع أنه لم يستبعد وقوع استفزازات يراد منها إعطاء المزاعم حول خطط روسيا ل"غزو" الأراضي الأوكرانية قدرا من المصداقية، محذرا من أن محاولة السلطات في كييف حل النزاع في دونباس بقوة السلاح ستكون لها عواقب وخيمة. وبهذا الشأن، قال وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف لنظيره الفرنسي جون ايف لودريان في مكالمة هاتفية أن إصرار كييف على رفض تطبيق اتفاقات مينسك وراء الجمود في تسوية نزاع دونباس. و أعلنت الخارجية الروسية في بيان لها أن المكالمة تطرقت إلى المبادرة الروسية الرامية إلى إنشاء نظام ضمانات قانونية للحفاظ على أمن أوروبا، حيث شدد لافروف على ضرورة وفاء كافة الدول بالالتزامات التي تم تنسيقها على أعلى مستوى في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وضمن العلاقات الثنائية بين روسيا و /الناتو/، بخصوص ضمان الأمن المتكافئ وغير القابل للتجزئة اعتمادا على توازن مصالح جميع الأطراف. وبخصوص تصعيد الوضع في دونباس، أقر لافروف بغياب أي تقدم يذكر في تسوية النزاع الأوكراني الداخلي، لافتا إلى أن سبب ذلك يعود إلى "تعنت سلطات كييف و إصرارها على رفض تنفيذ الالتزامات المترتبة عليها بموجب اتفاقات مينسك بالكامل" بما يشمل التزاماتها بإطلاق حوار مباشر مع ممثلي جمهوريتي "دونيتسك" و "لوغانسك" الشعبيتين المعلنتين ذاتيا وتثبيت وضع قانوني خاص لدونباس ضمن الدولة الأوكرانية في دستور البلاد. وحمل لافروف، فرنسا و ألمانيا (العضوين في "رباعية النورماندي") المسؤولية عن "صرف النظر عن تقاعس كييف في تطبيق التزاماتها بموجب اتفاقات مينسك وحشدها قواتها عند خط التماس في دونباس و إطلاقها حملة لعسكرة الناس ومواصلتها الاستفزازات باستخدام السلاح". وذكر البيان أن الوزيرين أكدا مرة أخرى على غياب أي بديل عن اتفاقات مينسك لإحلال السلام المستدام في أوكرانيا.