أكد مشاركون في ملتقى نظم اليوم الأحد بأدرار أن التعبئة الشعبية بالجبهة الجنوبية، ومساهمة المهاجرين الجزائريين المقيمين بمنطقة الساحل الإفريقي شكلت حلقة هامة في مسار دعم الثورة التحريرية المظفرة. وشدد متدخلون من أساتذة جامعيين وباحثين ومؤرخين في هذا اللقاء الذي نظم بمبادرة من مخبر المخطوطات الجزائرية بإفريقيا بجامعة أدرار، ومديرية المجاهدين و ذوي الحقوق، على أهمية توثيق الشهادات الحية للمجاهدين بالجبهة الجنوبية والذين مازالوا على قيد الحياة، و إبراز دورهم في التعبئة و جمع الاشتراكات للثورة الجزائرية، والتجنيد و التدريب بالمراكز التي كانت منتشرة بالساحل الإفريقي و الجنوبالجزائري عموما. كما تناول المتدخلون خلال هذا اللقاء المنظم ضمن إحياء الذكرى ال 62 لمظاهرات 11 ديسمبر 1960 ظروف إنشاء الجبهة الجنوبية و عرض نماذج من مجاهدين كانت لهم إسهامات بارزة في التعبئة الشعبية بمنطقة الساحل الإفريقي لتشكيل الجبهة الجنوبية بدولتي مالي و النيجر لدعم نضال و كفاح الثورة الجزائرية من خلال أدوارهم الكبيرة بين محور شمال دولة مالي مرورا بولايات الجنوبالجزائري بعد أن تمكنوا من تحقيق التفاف واسع من طرف المهاجرين الجزائريين ببلدان الساحل الإفريقي حول الثورة و دعمها بمختلف الوسائل المتاحة. وفي هذا الجانب، عرض الدكتور أقصاصي شعيب، من جامعة أدرار عينة من وثائق لمراسلات رسمية تبرز مدى التواصل و التنسيق بين قيادة الثورة الجزائرية و المجاهدين بالجبهة الجنوبية و التي كانت تؤكد دوما على وحدة الوطن و إفشال مخططات المستعمر الفرنسي و مناوراته لتشتيت صفوف الثورة الجزائرية على غرار مراسلة مؤرخة في أبريل 1962 بين المجاهد الراحل أحمد درايعية بالقيادة العامة للثورة مع المجاهد الحاج مختار أقصاصي الذي كان مكلفا بالتنسيق بالجبهة الجنوبية في منطقة رقان. كما تطرق المشاركون الى جهود المجاهد الراحل عبد القادر دحاج الذي توفي قبل سنتين وقد ساهم في توفير الدعم اللوجستي للثورة التحريرية بالجبهة الجنوبية انطلاقا من مالي مستعينا بنشاطه التجاري بواسطة المقايضة في الساحل الإفريقي، حيث ساهم في ضمان نقل المجاهدين الجزائريين و قطع السلاح من منطقة مالي إلى الجنوبالجزائري. وفي هذا الجانب، أوضح المحاضر بابا عبد الله من جامعة أدرار أن تواجد ساكنة ينحدرون من منطقة توات جنوب الوطن ببلدان الساحل الإفريقي منذ الرحلات العلمية للشيخ محمد بن عبد الكريم المغيلي بربوع إفريقيا، أي قبل الإحتلال الفرنسي ساهم بشكل فعال في تمهيد الأرضية لإنشاء الجبهة الجنوبية لدعم الثورة التحريرية الجزائرية. وبدوره أوضح مدير ملحقة متحف المجاهد بأدرار، محارزي عبد الرحمن، أن دولة مالي فتحت ذراعيها بكل وعي و تضامن ثوري لاحتضان الجبهة الجنوبية التي أرادها قادة الثورة - كما أضاف- أن تكون قاعدة خلفية للثورة الجزائرية على غرار الجبهات الثورية الأخرى المجاورة للجزائر. ودعا المتدخل إلى ضرورة توجيه و تركيز الدراسات و الأبحاث التاريخية على الجوانب الإستراتيجية و التكتيكية للثورة الجزائرية من أجل إبراز قوة التخطيط و التنسيق المحكم الذي شكل دعامة قوية لنجاح أهداف الثورة التحريرية المجيدة. وأكد من جهته، الدكتور مصطفي زروق، من المدرسة العليا للأستاذة ببوزريعة (الجزائر العاصمة) أن الجبهة الجنوبية ساهمت بشكل فعال و بارز في دعم الثورة التحريرية المظفرة من خلال التعبئة الشعبية، و إنشاء مراكز تدريب وعبور للمجاهدين من الساحل الإفريقي إلى الوطن، و جمع التبرعات المالية و تأمين نقل السلاح ودعم و إسناد الكفاح المسلح جنوب الوطن و توزيع المناشير ضد الاحتلال الفرنسي.