لا زالت فضيحة نتائج الامتحان الكتابي للالتحاق بمهنة المحاماة تصنع الحدث في المغرب، وتواصل حكومة أخنوش مساعي النأي بنفسها عما يحدث، ملقية بالكرة في مرمى وزارة العدل. وتهرب الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، اليوم الخميس، في الندوة الأسبوعية للحكومة، من الرد على سؤال حول ما إذا كانت الحكومة و وزراؤها يدعمون وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أم لا في خضم الزوبعة المحيطة به جراء فضيحة نتائج الامتحان الكتابي، حسب ما تداولته وسائل اعلام محلية. وحاول مصطفى بايتاس تفادي الرد بطريقة مباشرة على السؤال الموجه إليه، موجها بوصلة السؤال المطروح صوب مبنى عبد اللطيف وهبي. ولعب الناطق الرسمي باسم الحكومة على وتر التقليل من شأن الفضيحة التي تلاحق قطاع العدل، ساعيا الى كسب نقاط لصالح حكومة المخزن التي باتت الفضائح لصيقة بقطاعاتها المختلفة، وما تنفك أصوات الشعب المغربي تتصاعد مطالبة برحيلها، لافتا الى "عدم إمكانية الحكومة النجاح وهي غير منسجمة"، في دعوة بطريقة غير مباشرة الى غض الطرف عما يحدث في بيت وهبي، والمضي قدما في شأن آخر. وانتفض الشارع المغربي ومواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا على خلفية نتائج الامتحان الكتابي للالتحاق بمهنة المحاماة التي أعلنت عنها وزارة العدل، وما شابها من شبهات جعلتها تجانب النزاهة، الأمر الذي وضع وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، تحت المجهر. وانتقدت الصفحات المختلفة على الفضاء الأزرق تلك النتائج ووجهت اتهامات ب"الزبونية والمحسوبية" بعد صدور قائمة "الناجحين" التي أطلق عليها اسم "لائحة العائلات و أصحاب النسب"، لترتفع مطالب بفتح تحقيق و إعادة الاختبار. وفي هذا الصدد، نظمت وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان، بالعاصمة الرباط، مؤخرا، ضد فضيحة مسابقة المحاماة، التي تصدر قائمة الناجحين فيها ابن وزير العدل الى جانب العديد من ابناء المسؤولين النافذين، وتحولت الى مسيرة جابت شوارع المدينة تحت تطويق امني كبير. وصدحت حناجر المتظاهرين بشعارات مثل "هي كلمة صريحة... الفساد عطا الريحة"، إلى جانب التنديد بالفقر الذي بات الشعب المغربي يتخبط فيه، و ارتفاع الاسعار والتضييق على الحريات. وفي بيان لها، قالت "جماعة العدل والاحسان" بالمغرب إن امتحان "شهادة الأهلية لمزاولة المحاماة" هو "شاهد أمين على حجم الفساد المستشري في دواليب الدولة المخزنية، حيث كشف للرأي العام معطيات لو كشفها غيره لانضم إلى لائحة من تنتظرهم إحدى التهم المعلومة، الموجهة إلى كل محارب للفساد والاستبداد". وأكدت ان "هذه الفضيحة تضاف إلى السجل الأسود للنظام المخزني في تدبير ملفات تشغيل الشباب" في بلد "تتوارث فيه المناصب وتشترى". كما اعتبرت مهزلة نتائج هذا الامتحان "انفضاحا مدويا على رؤوس الأشهاد لمنظومة الفساد ومنطقه وفلسفته، ومن ورائه إدانة صارخة للسلطوية المخزنية التي تقف صامتة أمام كل الذي يجري"، مستدركة بالقول: "وكيف لا تفعل، وهي من تؤسس للريع وتدعم الفساد !". من جانبها، أعربت حركة "معا" المغربية عن استيائها من استشراء وتجذر ظاهرة الفساد في البلاد والتي فاحت رائحتها خلال ظهور نتائج الاختبار الكتابي لولوج مهنة المحاماة، قائلة في بيان لها إن "المفسدين من بعض المسؤولين أبوا إلا أن يؤكدوا تجذر الفساد و استغلال المواطنين من أجل الاغتناء". و أشارت "معا" إلى أن قضية امتحان الأهلية لمهنة المحاماة حملت اتهامات بالفساد والمحسوبية وغياب الاستحقاق وحرمان عموم المترشحين من مبدأ تكافؤ الفرص في ولوج هذه المهنة. ووصل صدى الفضيحة الى أروقة البرلمان المغربي، حيث طالبت النائب البرلمانية ريم شباط عن حزب "جبهة القوى الديمقراطية" بإلغاء نتائج الامتحان و اعادته "في اطار شفاف وواضح وترتيب المسؤوليات والجزاءات ومحاسبة المتورطين بعد التحقيق في ملابسات هذه الفضيحة". ووصفت البرلمانية نتائج المسابقة ب"الفضيحة" التي "لم تقتصر على الاعلام الوطني فقط، و انما تم تداولها أيضا بمنابر اعلامية دولية، بعدما ظهر على مستوى لائحة الناجحين اسماء لم تجتز المسابقة بصفة نهائية، بل الاكثر من ذلك، مدير مركزي بوزارة العدل ومشرف على هذا الامتحان، ترشح للمسابقة في نفس الوقت" وهي نقطة -تقول- "وحدها كافية وملزمة قانونا لإلغاء نتائج المسابقة و اعادة العملية برمتها لوجود حالة التنافي وضرب مبدأ الشفافية والمصداقية وتكافؤ الفرص".