تحول مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالحق في ممارسة الإضراب بالمغرب, الذي تطالب به المؤسسات النقابية منذ سنوات, من أداة لتنظيم ممارسة هذا الحق إلى محاولة واضحة لتكبيله وتجريمه, حسب الاتحاد العام للشغالين بالمغرب. ورغم مرور سنوات على إدراج هذا المشروع في أجندة المؤسسة التشريعية, إلا أن نسخته الحالية تثير موجة عارمة من الغضب الشعبي والنقابي. فالاتحاد العام للشغالين بالمغرب, وهو أحد أبرز النقابات العمالية, وصف المشروع بأنه "تكبيلي وتقييدي" ولا يعكس التوازن بين الحرية والمسؤولية, معتبرا أنه "بدلا من أن يكون هذا القانون أداة لحماية العمال وضمان حقوقهم, جاء ليعمق الخلل القائم في ثقافة العلاقات المهنية وليفرض مقتضيات تناقض الأسس التي قامت عليها الحرية النقابية". وفي السياق ذاته, جدد الاتحاد رفضه لمضامين مشروع القانون التنظيمي المعروض على أنظار المؤسسة التشريعية منذ أكتوبر 2016, والذي يعتبره "مشروعا تكبيليا وتقييديا للحق في ممارسة الإضراب". وقال الاتحاد, في بيان لمجلسه العام, أن "الحق في ممارسة الإضراب هو حق كوني ودستوري يرتبط بشكل وثيق بالحرية النقابية وأنه أحد تجلياتها التي لا يمكن فصله عنها", متمسكا بموقفه الراسخ بضرورة "إخراج قانون تنظيمي متعلق بالحق في ممارسة الإضراب يقوم على الإعلاء من قيمة الحرية بدل التقييد, وضمان التوازن بين الحريات والحقوق". و لم يتوقف الاحتقان الشعبي عند حدود الرفض النقابي داخل أروقة البرلمان, بل امتد إلى الشارع حيث أعلنت الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد عن تنظيم وقفات احتجاجية في جميع أنحاء البلاد, داعية المغاربة ليخرجوا ويعبروا عن رفضهم القاطع لهذا المشروع الذي وصفوه بأنه محاولة مباشرة ل"تجريم الإضراب" وتجريد العمال والموظفين من حقهم المشروع في الدفاع عن مكتسباتهم. وأكدت الجبهة أن القمع ليس جديدا على المشهد السياسي في المغرب. فمنذ سنوات، المغرب يشهد تراجعا حادا في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان, مع تصاعد التضييق على الحركات الاحتجاجية والنقابية, مشيرة الى أن المشهد الراهن يعيد للأذهان كيف تحولت الحكومة من شريك منتظر للحوار الاجتماعي إلى خصم يسعى إلى قمع كل صوت معارض, عبر سن قوانين لا تهدف إلا إلى تحييد النقابات وإضعاف قدرة الشغيلة على الدفاع عن مكتسباتها. و تابعت أن المغرب الذي يدعي التزامه بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان, بات يقدم نموذجا مقلقا لتجاهل الحق في الإضراب الذي كرسته المواثيق الدولية والدستور نفسه, مضيفة أنه إذا كانت الحكومة ترى في هذه الخطوة وسيلة لضبط المشهد النقابي, فإنها في الواقع تمهد الطريق لمزيد من الاحتقان الاجتماعي الذي قد تكون له عواقب وخيمة.