النعامة يتمسك سكان واحات جبال القصور بولاية النعامة بتقاليد عريقة لإحياء رأس السنة الأمازيغية الجديدة "يناير" التي تشكل إعلان بداية الموسم الشتوي للسنة الفلاحية وفرصة لإحياء عادات أصيلة وتوطيد العلاقات الأسرية. ويظل روح هذه التظاهرة متمثلا في المحافظة على العادات والتقاليد والاحتفالات التي تشكل تراثا لاماديا لعدة مناطق بالولاية على غرار قصور عسلة و تيوت و صفيصيفة وغيرها والتي تهدف إلى ضمان استدامتها حسبما يرى عدد من أعيان وسكان هذه الواحات بجبال القصور. ويرتبط الاحتفال بيناير الذي يصادف أيضا انتهاء حملة جني التمور والأنشطة الزراعية للفلاحين وعادة ما يعتبر سكان المنطقة حلول السنة الأمازيغية الجديدة موعدا لإطلاق الأشغال الفلاحية ومناسبة للتفاؤل و التطلع لأن تكون سنة مزدهرة بسقوط الغيث النافع كما أوضح الحاج خشعي معمر أحد أعيان قصر تيوت. وأضاف أن رأس السنة الأمازيغية يمثل مرحلة للوقوف على وضعية الموسم الزراعي وتثمين واحات النخيل المنتج من خلال تنظيف أشجارها بقطع جريد النخل اليابس والسيقان والبقايا الجافة فضلا عن فتح آبار السقي باستخراج الطمي وتنظيف السواقي التقليدية وغيرها من شبكات تقسيم مياه سقي واحات النخيل . وتشير السنة الأمازيغية الجديدة إلى التقويم الأمازيغي الذي يعد تقويم فلاحي مرتبط بالأرض و الفلاحة و"ضارب في القدم و في أعماق التاريخ " والذي تسعى الجمعية الوطنية لتنمية السياحة القصورية و الواحات إلى إبرازه للأجيال القادمة و الحفاظ عليه كموروث مشترك ورمز للذاكرة الجماعية, كما ذكر رئيس هذه الجمعية بونوة محمد. ويتم الاحتفال بهذه المناسبة بالنعامة في جو عائلي حميمي حول مائدة عشاء جماعية تقام ليلة العام حيث يحضر سكان المنطقة طبقا تقليديا يدعى "المردود" الذي يسمى باللغة الأمازيغية "بركوكس" وهي أكلة تحضر من حبوب صغيرة مفتولة بالطحين أكبر حجما من حبوب الكسكس يضاف إليها مرق من الخضار واللحم أو القديد ويكون حارا بالتوابل أو حلو بإضافة قطع من التمر وهو طبق يعد خصوصا في الشتاء. وتذكر الحاجة يمينة آزرو من قصر صفيصيفة أنه يضاف لهذه الأكلة السمن البلدي المعروف ب"العكة" والذي مضى عن تخزينه أكثر من سنة و الفول والفلفل و"الكليلة" والكثير من الأعشاب إضافة إلى " الهرماس" (مشمش مجفف) وتحضر العائلات هذا الطبق بمناسبة "يناير" ويوضع في الجفان أمام أبواب و مداخل القصر القديم "أغرم أقديم" ليلتف حوله كل عابر سبيل والأقارب و الجيران . ويتم بذات المناسبة إعداد طبق "الشرشم" أو "ايرشمن" أو "اركمن" وهو قمح يطبخ بعد نقعه في الماء وتضاف إليه فيما بعد الزبدة والعسل كما قد تضاف إلى الطبق الحمص المطبوخ والدقيق المحمص, حسب الحاجة يمينة . وتحرص ربات البيوت على تغيير أواني البيت وتجديد الموقد المشكل من "الأنين" أو " المناصب " كما كانت سيدات البيت أيضا قديما يعمدن إلى إعادة طلاء البيوت داخل القصر بالطين التي تجلب من المنابع وتحضير الطلاء الذي يسمى ب"ثومليلت "إلى جانب تجديد أفرشة البيت . ويتفنن الباعة بأسواق مدن الولاية على غرار سوق شارع بوعرفة بعين الصفراء في عرض الحلويات ومختلف أنواع المكسرات ويتطلعون لتحقيق معدلات بيع أفضل لسلعهم. وتحرص العائلات على إقتناء مستلزمات الإحتفال بليلة حلول السنة الامازيغية والخاصة بمأدبة العشاء والسهرة التي تتبعها لتكون فرصة لاجتماع كل أفراد العائلة ورمي الحلوى على رأس صغير كل عائلة من قبل اكبر أقربائه عمرا. وتحتفي منطقة عين ورقة شرق الولاية مع حلول رأس السنة الأمازيغية بتنظيم حلقات للأغنية التقليدية القديمة والتي تثني على الخيرات التي يجلبها معه "يناير" الذي يمثل رديفا للوفرة والرخاء كما أشار عدد من سكان قصر سامر العتيق بذات المنطقة. وتشهد من جهتها الهياكل الثقافية و الشبانية بمختلف مناطق ولاية النعامة أيضا إستعراضات لفرق البارود الفلكلورية وإقامة معارض للكتب باللغة الأمازيغية وأخرى للصورة الفوتوغرافية التراثية قصد الترويج للمعالم السياحية للولاية وفق المنظمين .