احتضن المسرح الوطني محي الدين باشطارزي بالجزائر العاصمة, اليوم الأربعاء, العرض الشرفي لمسرحية "عزف الضمير" من إخراج وتأليف آيت قاسي عبد الرحمان وهي لوحات ركحية ذات دلالات تعكس الصراع الازلي للإنسان مع الضمير الذي يمثل بوصلة وجوده. ويحكي هذا العمل الفني الجديد من إنتاج جمعية مسرح الشباب بالشرفة لولاية البويرة, و الذي ساعد في إخراجه مرزوق محمود, إشكالية قبول الذات والصراع الداخلي بين الإنسان و الضمير ومختلف الأفكار التي تفرض على الفرد عيش حالة تيه وتشرذم داخلي ثم العودة إلى الصواب من جديد حيث سافر الجمهور عبر اللوحات الستة وعلى مدار ساعة من الزمن الركحي إلى رحلة في أجواء نفسيات شخوص متلاطمة المشاعر تم خلالها استحضار كواليس أعماق النفس البشرية بتناقضاتها وصراعاتها الداخلية وهواجسها وكذا معاناة الفرد في مواجهة ذاته وافكاره و ضميره. وقد عمد المخرج في هذا العمل المسرحي ذي الأبعاد النفسية السريالية إلى توظيف خلفية سوداوية بإضاءة خافتة حيث توسط الركح شباك كبير أبيض ممتد على الخشبة ومعلق عليه عشرات الأوراق والتي لها دلالات ترتبط بالتساؤلات التي يعيشها الإنسان, كما ترجمت النص و أضفت هذه العناصر الجمالية بصريا جاذبية على المشاهد وقدم تصميما يتلائم مع أحداث العرض ذي المنحى العبثي الوجودي الذي يرتكز أيضا على رؤية جمالية و تقنية. وتحققت الفرجة من خلال اشتغال المخرج على الإضاءة التي تم توظيفها للتعبير عن التيه الذي تعاني منها الشخصيات والتمزق الداخلي والتشظي الروحي حيث تناغمت حركات أجساد الممثلين وكذا الديكور الذي خدم الرؤية الاخراجية للعمل وكذا السينوغرافية التي أنجزها داود يوسف وعكست تناقضات نفسية. واختتمت المسرحية بتقديم وقفة تكريم وعرفان لفقيد المسرح الجزائري المخرج و الممثل المسرحي القدير عز الدين مجوبي في الذكرى 30 لرحيله. كما اعتمد العرض الذي تم تقديمه بلغة عربية فصحى شاعرية مفعمة بالرمزية على خيارات جمالية خدمة للنص حيث أتيح للممثلين حرية الحركة والانتقال بانسيابية في الفضاء الركحي, و قد أدى أدوار المسرحية كل من مرزوق محمود, العوبي إسماعيل, ماز تيللي, تيجديت ميليسا, فيما أنجز الموسيقى عربان ايدير والإضاءة من تصميم عزوز يوسف, أما ملابس والماكياج لفراح جميلة. و عقب العرض, أشار المخرج آيت قاسي عبد الرحمان لواج ان "هذا العمل المسرحي الذي يعد أحدث إنتاجات جمعية الشباب بالشرفة يندرج في إطار المسرح العبثي الوجودي الذي يعتمد على روح النص وأداء الممثل حيث يعج النص برؤية فلسفية وجودية يعالج الصراع بين المراة والرجل و التناقضات التي تؤرقهما ليصلا في النهاية إلى تقبل دوريهما و تكامل أدوراهما". و أضاف ذات المتحدث ان "العرض الفني هو تجربة جديدة في مساري الفني حيث سبق لي كتابة العديد من النصوص للمسرح على غرار +الصرخة الصامتة+ التي تتطرق للمأساة الفلسطينية حيث تم تتويجها في عديد المهرجانات المسرحية داخل و خارج الجزائر كما أنهيت مؤخرا كتابة نص جديد بعنوان +تأشيرة تحت الأرض+".