يعرف حق الإضراب في المغرب تراجعا خطيرا بعد إقرار البرلمان لقانون جديد يفرض قيودا مشددة على ممارسته في القطاع الفلاحي وهو ما أثار ردود فعل واسعة وصلت أصداؤها إلى الأممالمتحدة حيث اعتبر هذا القانون انتهاكا للحقوق النقابية في قطاع يعاني من الهشاشة ويفتقر إلى الحد الأدنى من الحماية. ويأتي هذا التراجع في سياق رفض واسع من قبل منظمات نقابية وحقوقية, إذ تقدمت الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي والمركز الأوروبي حول العالم الثالث بشكوى إلى الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان, حيث شددت في بيان لها على أن القانون الجديد يتناقض مع الحق المكفول دستوريا والذي يعتبر الإضراب وسيلة أساسية للدفاع عن حقوق العمال. وأكد البيان أن هذا الحق قد أعيد التأكيد عليه في دستور 2011 إلا أن القانون الجديد يحد منه بشكل كبير ويصعب على العمال في مجال الفلاحة التعبير عن مطالبهم أو تحسين أوضاعهم المهنية. ويفرض هذا القانون عراقيل إدارية معقدة وعقوبات جنائية غير متناسبة, مما يحرم عددا كبيرا من الفلاحين والفلاحات من ممارسة حقهم في التنظيم الجماعي والدفاع عن مطالبهم, وهو ما يعكس تراجعا عن حقوقهم في ظل غياب حماية قانونية حقيقية في القطاع. ولفت البيان الذي وقعته الجامعة المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل, إلى أن هذا القانون يتناقض مع التزامات المغرب الدولية, حيث أن هناك عدة اتفاقيات تضمن حق الفلاحين في التجمع والتعبير عن مطالبهم, ومن أبرز هذه الاتفاقيات "إعلان الأممالمتحدة بشأن حقوق الفلاحين" و"العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية" واتفاقيات منظمة العمل الدولية. وفي هذا السياق, أشار إلى أن النساء العاملات في القطاع سيكون لهن النصيب الأكبر من الآثار السلبية لهذا القانون, حيث يواجهن تمييزا هيكليا, ومنعهن من حق الإضراب سيجعل من الصعب عليهن تحسين أوضاعهن المهنية والاقتصادية. وأمام انسداد الأفق في تحسين أوضاع القطاع الفلاحي, تمت المطالبة بتدخل لآليات الأممالمتحدة لحماية حقوق العمال والعاملات الزراعيين والفلاحين والفلاحات بالمغرب, كما دعوا الحكومة المغربية إلى مراجعة هذا التشريع, ليكون منسجما مع التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان. يذكر أن القطاع الفلاحي في المغرب يعاني من أزمات متتالية, حيث يواجه الفلاحون والعمال الزراعيون ظروفا معيشية قاسية في غياب الحماية الاجتماعية وأجور هزيلة, ورغم أهميته, تفتقر السياسات الحكومية إلى الفعالية في تطوير هذا القطاع الحيوي. وتواصل الحكومة المغربية تجاهل معاناة الفلاحين عبر فرض قوانين تقيد حق الإضراب, مما يزيد من معاناة العمال ويحرمهم من وسيلة أساسية للدفاع عن حقوقهم, ما يجعل هذه المعاناة نتيجة مباشرة لفشلها في الوفاء بوعودها بتحقيق العدالة الاجتماعية.