لا تموت الحياة ما دام هامش الحكاية يقظاً.. هكذا، وقريبا من تعبير عبد الكريم الخطيبي، خرجت مبكّرا حوالي السّادسة والنّصف قاصدا محطّة الحافلات البعيدة عن مقرّ سكناي، كان في نيّتي الذّهاب راجلا، لكن ما إن رميت خطوات قليلة حتى أشارت يدي بعفوية لسيّارة (...)
مع نهاية شهر أوت تبدأ ما تشبه الحمّى الخفيفة التي تصيب الجسد دون رجّات عنيفة تستدعي المسكّنات، ذلك هو «الدّخول الأدبي» الذي ربّما يتردّد مفهومه إعلاميا أكثر من أي وجود له على أرض الواقع، فمنذ سنوات كنت قد قرأت موضوعا في المجال يطرح سؤالا مهمّا وهو (...)
كما كل الأشياء البسيطة والعفوية كان اللقاء عشيّة أمس بعد الظهر ممتعا وفاتنا في جلسة على "الضيّق" كما يقال، لكنّها مثمرة في "الخزانة القندوسية"، كانوا ممتعين، حارس الخزانة العتيد الأستاذ "سي مبارك طاهيري"، الأستاذ "بوتخيل بن صافي"، الأستاذ المِعماري (...)
في الشكل:
يضعنا الرّوائي شعيب حليفي ابتداء في «مجازفات البيزنطي» أمام إشكالية التحديد الإجناسي، فهو يسم نصه «رواية قصيرة»، والمعروف نقديا أنّ هناك «قصة قصيرة»، أمّا الرّواية فليس الحجم هو ما يحدّد جنسها بل تشعّب الحدث وتطوّرات المسار السردي، (...)
الحجر جعلنا فعلا نعيد اكتشاف الفضاء المسمى "منزل"، ببعده الهندسي والرّمزي، الذي أشار إليه غاستون باشلار حينما تأسّف لأنّه لم يطّلع على "منزل الرّيح" للشاعر لوي غيوم: "آه كم هي حقيقية المنازل التي لا نملكها!"، تلك التي تقع رمزيا في "الحلم" . ".
نغيّر (...)
يمكن اكتشاف المرأة في روايتين لكاتبين عربيين تحوّلت روايتيهما إلى السّينما، والمرأة في حدثيهما تمثلت بشكل واضح في شخصية نفيسة في رواية «ريح الجنوب» 1970 للرّوائي الجزائري عبد الحميد بن هدوقة، التي صُوّرت في سنة 1975، وأخرجها محمد سليم رياض ومثلت دور (...)
شافية بوذراع أو أمّ الجزائريين، تالّقت في عدّة أدوار، ولا يمكن أن ننساها في مسلسل "الحريق "، لمحمّد ديب وإخراج مصطفى بديع، وفي فيلمها أيضا "شاي بالنعناع" عام 1982 بفرنسا، فيلم "الخارجون عن القانون" إخراج رشيد بوشارب عام 2010، الذي أخذ جائزتين في (...)
لا تُتصوّر"حدائق بابل" إلا بكونها معلّقة، وبالتالي فإن التفكير فيها يهيمن عليه سؤال لماذا علّقت؟ ، وكيف أصبحت صورتها بعد أن أصبحت معلّقة؟ ، وضعنا كذات متخيِّلة في إطار الحدائق؟ وهل كان يفكر البابلي بأن يصنع بها المفارقة حتى تصبح أعجوبة؟..
إنّ (...)
لا تمثل الحكاية في العنوان فقط سرد الكتابة، بل أيضا سرد الصّورة، على أساس اشتراكهما في الإدراك بالرّؤية البصرية، فتنتقل الكلمة عبر العين لتشكل أطيافها الصّورية في الذّهن خلال القراءة في الكتاب، بينما تنتقل الصّورة مباشرة إلى الذّهن خلال مشاهدة (...)
يتمتع السرد بتلك الخاصية الاستثنائية في جعل العالم يتحرك من فضاءاته إلى مداخل الذات، وهو بذلك يبني عالما خلاف ذاك الذي نتحرك خلاله، السرد يجعلنا نتحرك داخل أنظمة الوجدان والذات المتعلقة بمنظومات النص، ولهذا تجد الذات متعة وهي تتلقى ما انثال من وعي (...)
أحيانا وأنا أتابع بعض الكتابات يتملكني شعور قلق بمحاولة القبض على لحظات وكيفيات الكتابة عند بعض الكتّاب، بل ليس بعضهم، يسكنني شوقٌ إلى معرفة أشكال العلاقة مع الكتابة، العادات اللصيقة ببعض الكتاب والتي لا يكادون يستغنون عنها أثناء ممارسة اللعب مع (...)
يستبين الشعر مكانه من الوقت حين تكون القصيدة مؤهّلة للكشف عن شيء ما، *عن ضرورة ما تقتلعها من اللسان تجعلها ممكنة* كما يقول جمال الدّين بن الشيخ، وعندما تحوز تلك الضّرورة يصبح الكلام الشعري مسافة بين أنا تكتبه وشاعر ينفصل عن أناه كي يتشارك مع الآخر (...)
هل يختلي بنا الشعر، أو تقودنا القصيدة إلى «زمن الشعر» وعزلة البشارات القادمة من غموض المعنى واغتراب القصيدة؟ منذ البداية تختلق قصيدة «زهر للنسيان» طقسها وسؤال وجوديتها كفعل جمالي، هل هناك زهر للنسيان؟ متى أوانه؟ تُرسم حركة الخلوة في القصيدة كحلزون (...)
المفهوم النّقدي/التحول والقراءة
لا يترك النّاقد القارئ هائما على وجهه في فضاء النص، وإنّما يوجّهه بالطريقة التي تجعل رؤاه تلامس معتم النص محاولا إضاءته من منطلق حواري، مجرّد قراءة فوقية *تتقوّل على النص.. وهي تتوهّم أنها تحاور النص*/ص19.
فالمفهوم (...)
الانخراط في قراءة مؤلّف «السّمة والنص السردي» للناقد حسين فيلالي، يفرض على القارئ طقسا معيّنا لمحاولة الاقتراب من اللغة ذات المسند النّقدي والخصوصية المفاهيمية التي يبحث عنها المؤلف، فهو لا ينفك يقدّم الرّؤى حول النص، متجاوزا المتداول من أفكار نقدية (...)
تقف الأرصفة والشوارع والمحلات وعناوين الصحف وباعة السّمك وكل من يستمر كحلقة في عجلة الحياة التي تسير نحو النّهايات، كشاهد على عبور جسد نحيف ووجه مدرّب على ممارسة اختلافه، وبداهة مريرة في مصاحبة واقع مرير. تكشف الأشياء أنّها تضحك حين يمرّ ملتحفا (...)
أما مع جورج لوكاتش فينتهي محمد الأمين بحري في إضاءة بالغة الأهمية إلى فكرة التضاد "بين القيمة والإفلاس، أو قل: بين الملحمة والرّواية، اللتين حدّد لوكاتش بدقة متناهية المسافة الفاصلة بينهما.. عبارة تعني أنّنا صرنا مخلوقات روائية بامتياز"، هذه (...)
هيغل .. جدل النسق الكلي
تقوم المنهجية البحثية في كتاب «البنيوية التكوينية» على الحفر في الجذور التأصيلية، ولهذا افتُتِحت الدراسة باستهلال معرفي/فلسفي طال أربعة من فلاسفة الجدل الوجودي، فهيغل في منظور محمد الأمين بحري، استوحى المنطق الجدلي، «ليس (...)
للدكتور محمد الأمين بحري
يترتب على الإمساك بكتاب سؤالين مهمّين في ذهن القارئ، هل أقرأ الكتاب أم أقرأ فيه، ويبدو لي أنّ القراءة في الكتاب تختلف اختلافا جذريا عن مجرّد قراءته، وهذا ما انتابني وانأ أحاول تصفّح كتاب «البنيوية التكوينية/ من الأصول (...)
حينما نصادف في عمق حياتنا ويومياتنا الأليمة مبادرات تنبعث من مساحات الفرح الإنساني الذي يستهدف فقط القلب النّابض بالمعرفة والمحبّة، هم مجموعة من القابضين على قلب الوطن، لكن بأشواق العشّاق، وحرائق المتصوّفة، لا يجمعهم إلى بعضهم سوى حنين «الكلمة» (...)
العودة إلى الذّات الوطنية ومحاولة قراءة تجلياتها وانبثاقاتها على مستوى ما هو موجود وما نرومه من حركة الفاعل الاجتماعي على المستويين الثّقافي والفكري، تقودنا بالضّرورة إلى قراءة مناطق إخفاق بروز الفعالية المجتمعية القادرة على حمل عبء الرّؤية (...)
تضعنا الحياة بين فكّي معضلات كبيرة لتمتحن مواقف الإنسان الوجودية الصّارمة من حيث اختلاف طبيعة الموضوعات التي تواجهنا، وتطالبنا في نفس الوقت باتّخاذ موقف محدّد إزاءها، ولعلّ جدل المثقف والسّياسة يمتثل لهذه الأطروحة، كون فعالية المثقّف الفكرية (...)
لا تعني الكتابة للطفل أبدا ذلك الكم من الكلمات المركّبة التي تشكّل جملا تحمل معنى رصينا وجادا، بقدر ما تعني في أبسط صورها محاكاة الطفل في التعبير عن ذاته والعالم، ذلك التّعبير الذي يقترب من تناغيه البريء ولغوه المشاكس وأفكاره السّاذجة والبسيطة، (...)
في كلتا المرّتين اللتان زرنا فيهما كائنا جميلا من أزمنة القصيدة، كان السّؤال الذي زاحم ذهني يدور حول مجلسية الشّعر، ومعنى أن يكون للشّعر حفاوة، جلسة شاي أو سمر في ضيافة شاعر لا يمكن أن يترك زائريه دون أن إكرامهم بعشاء فاكهته الشّعر والمسار الحزين (...)
الحياة داخل الأفكار تكون بالعقل أم بالإنسان؟ ..سؤال محيّر فعلا لأنّه يضعنا أمام ذواتنا التي تقوم على التّفاعل والتّجاوز إلى الآخر، وليس هذا فقط بل تسعى من خلال هذه الحركة إلى أن تكون فاعلة وذات قابلية في محيط اختلافها، لهذا فسؤال الحياة داخل الأفكار (...)