إستفادة من البراءة في أول جلسة، لكن أهل الضحية لم يعجبهم الحكم المنطوق به، مما دفعهم إلى تقديم طعن من أجل إعادة فتح ملف القضية، ومن ثم إعادتها إلى المداولة· الوقائع تعود إلى اللحظة التي سمع فيها صوت رصاصة أطلقت صوب طفل كان يحاول دخول مزرعة خاصة للظفر بحبة لوز بطريقة طفولية تعبر عن لهو طفل كان يلعب بالقرب من مزرعة تدنت أغصان شجرها المثمر، ما أثار الفضول لدى الطفل الذي حاول التسلل بعد أن ركن دراجته أمام صديق كان يلعب معه بالقرب من سياج المزرعة، لكن اللهو الطفولي تحول إلى ما يشبه الدراما حيث وقع الطفل قبل أن تصل يده الصغيرة إلى حبة اللوز بعد إصابته برصاصة إخترقت جسده الصغير· الطفل وقع على الأرض، صاحب المزرعة سمع دوي الرصاص فجاء مسرعا ليجد طفلا ينزف دما داخل مزرعته، ساعات قليلة وتصل الشرطة إلى عين المكان، وكإجراء أولي قام أعوان الأمن باقتياد صاحب المزرعة بحكم أن مزرعته كانت مسرحا لهذه الجريمة· بعد الوصول إلى غرفة الجنايات بمجلس القضاء، رسم أمام هيئة المحكمة سيناريو جديد يشمل تقريبا كل لقطات الحادث .· الآن، نعرف أهل الضحية وصاحب المزرعة، والطفل من حسن الحظ لم يمت، فقد تم إنقاذه من قبل طبيب أكد أن الرصاصة التي أصابته في ظهره ستحول حياته إلى جحيم· الرصاصة، إذن، بقيت داخل جسد الطفل، المتهم يوضح لهيئة المحكمة أنه أبدا لم يقم بهذا الفعل، متسائلا عن سبب القيام بمحاولة قتل طفل صغير حاول سرقة حبة لوز من المزرعة، مؤكدا أن بندقية الصيد التي عثرت عليها الشرطة بمنزله لم يستعملها ولا تنفع سوى لصيد العصافير· المتهم أصيب بالإحباط عندما اتهم من طرف أهل الضحية بأنه الفاعل، وقدمت شهادة امتلاكه للبندقية كورقة إثبات من قبل محام الضحية لتدخل القضية حلقة أخرى بطلها الدفاع الذي لم يتوان في التأكيد على أن موكله لم يقم بهذا الفعل، وعادت الذاكرة بمتابعي الجلسة إلى أيام ثورة التحرير حيث قدم محامي الدفاع موكله على أنه ابن عائلة مجاهدة كانت والدته أيام المحن القابلة الوحيدة التي جازفت بحياتها لتمكين النساء الحوامل من وضع حملهن بسلامة في عز الثورة، ولم يوقفها لا رصاص الاستعمار ولا التهديدات بالرغم من كونها من جنسية فرنسية، لكن يقول المحامي أن إنسانية تلك القابلة لم تمنعها من أداء واجبها، حتى تهديدات الجماعات المسلحة، وبقيت وفية لإنسانيتها تحتفظ بوسام الأسرة المجاهدة التي تلقته تكريما من رئيس الجمهورية واعترافا بما قدمته هذه السيدة· في هذه القضية، إختلاف وتباين في وجهات النظر، الأمر عادي لكن المتهم حدثنا عن أشياء غريبة حيث لمح إلى أن القضية دبرت له بعد أن كثرت الأطماع حول المزرعة الواسعة التي أصبح وريثها الوحيد· الضحية أنقذت لكن عدم إخراج الرصاصة من جسدها أصبح أمرا محيرا لأن تلك الرصاصة وحدها قادرة على رفع التساؤل والحيرة عن صاحبها· رصاصة سترافق حياة الطفل الراغب في الحصول على حبة لوز، لكن بالمقابل ربما ستكلف الموقوف عقوبة السجن لمدة تعرفها المحكمة التي أقرت بالبراءة في البداية.