هل سيستند القاضي أثناء النطق بالحكم إلى الفقر الذي جعل رب أسرة متهم بالسرقة في نظر القانون· الشخص الموقوف قام بجرم السرقة في مكان عمومي، يعاني الإدمان وزوجته مريضة· المتهم أحضر، أول أمس، من سجن الحراش إلى قاعة الجلسات رقم 2 بمحكمة عبان رمضان بالعاصمة، بعدما اتهم بالسرقة، وقف ينظر إلى رئيس الجلسة يتأمل في مصيره، تحدث قليلا من دون أن يحسن الدفاع عن قضيته، لتأتي أجوبته مختصرة، حسب أسئلة القاضي، وكأنه يريد أن يقول نعم سرقت وأدخلت السجن، والآن ماذا ينتظرني؟! النائب العام، وبعدما وجهت له الكلمة من قبل رئيس الجلسة للكشف عن طلباته، طالب بثلاث سنوات سجنا نافذا في حق المتهم، ومن ثم أحيلت الكلمة للدفاع، وهنا ظهرت المحامية كمن يصرخ عاليا، يتهم في قضية الحال الفقر بالدرجة الأولى وقساوته على موكلها، وعن وثيقة السوابق العدلية التي حرمت المتهم الموقوف من حقه في إيجاد منصب عمل، يضمن له لقمة العيش، ويعينه في معالجة زوجته المريضة· المحامية رمت باللائمة على الفقر، وقالت سيدي الرئيس موكلي يعاني من البطالة ومن عدم تقدير الأخرين لمجهوداته إنه يخضع للعلاج منذ 9 سنوات، هو يعاني من الإدمان ومن مرض خطير أصاب زوجته، هذا التراكم للمآسي هو الذي جعل موكلي يسرق، وضعت المحامية الحضور في وضع لا يعرفون إلى أين يمكنها أن تميل، هل لصالح المتهم الذي حوله الفقر إلى متهم وشخص قد يهدد سلامة المجتمع، كلما أحس بالجوع أو بالحاجة إلى المال، أو إلى متهم ضحية لم تسعفه الظروف الاجتماعية، الحكم طبعا لن يكون للحضور، الذي واصلت محامية المتهم وضعه في صورة الأحداث، لكن سرعان ما حركت من جديد مشاعره حيث التفت مباشرة إلى المتهم، نعم الكل نظر إليه عندما قالت، سيدي رئيس الهيئة الموقرة موكلي حاول الانتحار، لقد أراد أن يضع حدا لحياته، وربما أيضا لمعاناته، هذا لم يذكره محضر الاستماع، فهل نشجع السجين على الانتحار أم علينا مساعدة هذا الشخص الذي خضع للعلاج من الإدمان؟! سيدي، موكلي سرق واعترف، والاعتراف شعور بالذنب، لذا نطلب من هيئتكم المحترمة تخفيف العقوبة على موكلي وتمكينه من الإستمرار في المعالجة للتخلص من الإدمان، سيدي رئيس الجلسة، الحكم لله، ولكم وسع النظر ·· تختم بهذا الكلام المحامية مرافعتها، النطق بالحكم في حق المتهم بالسرقة في مكان عمومي أجله القاضي إلى الأسبوع القادم، وأعيد المتهم إلى السجن·