في حالة ما إذا كان خبر تحضير الحكومة لمشروع قانون يتيح للأساتذة اقتناء حاسوب وشريحة هاتف نقال وأنترنت مجانيا، خبرا صحيحا، فإن ذلك يكون قمة الاستخفاف والاستغباء للأساتذة، أو في أقل الأحوال، فإن تعامل كهذا مع الأساتذة والمعلمين هو تعامل اليد العليا مع اليد السفلى التي تضع المعلم في ثوب المتسول وليس في الثوب النبيل الذي وضعه فيه الشاعر العملاق أحمد شوقي القائل ''قم للمعلم وفيه التبجيلا··· كاد المعلم أن يكون رسولا''· الحاسوب الذي أصبح يلعب به وبمختلف تقنياته التكنولوجية حتى الأطفال الصغار، وشريحة الهاتف النقال التي تباع على الأرصفة وفي الأكشاك بالسنتيم، والأنترنت الذي أصبح العمل به عبر العديد من دول العالم، مجانا، أهي أساليب في الجزائر ترقى لأن تكون حلا في نظرة الرسميين لأزمة أهم قطاع في الدولة وأولها من حيث كبر وحجم الميزانية في كل قانون مالية سنوي· يفيد الخبر الذي نقلته جريدة ''الخبر'' أمس، بأن مشروع القانون هو من اقتراح وزارة البريد وتكنولوجيات الاتصال، وأن المشروع اقتبس ''الإجراءات تأتي في إطار تحسين الظروف المهنية للأستاذ في قطاع التربية من خلال توفير الوسائل البيداغوجية التي تساعده على أداء مهنته في ظروف مناسبة على غرار الأساتذة والمعلمين في بقية دول العالم''· وفي هذه العبارة بالذات التي قد تكون منقولة بعناية من مصدر، الأكيد أن يكون لها علاقة بالقطاع، تجعل المسؤولين في تعاملهم كذلك مع أزمة القطاع في حكم الذي يعطي عذرا أقبح من ذنب· فهل الأستاذ في الجزائر بحاجة إلى هاتف نقال؟ وهل يوجد الآن في الجزائر من لا يملك هاتفا نقالا بشريحة ''إلا من أبى''· ثم أي أستاذ هذا أو بالأحرى أي مدرسة أو مدارس التي هي موصولة بنظام العمل بالأنترنت إذا كان المشروع موجها للأساتذة؟ ثم كيف يعمل الأستاذ بالحاسوب وهو في قسم قد لا يجد فيه دارة كهربائية حتى، وهو يأكل الطباشير صباحا ومساء ويكتب على سبورة مهترئة· وإذا كان المشروع يهدف كما تقول المعلومات إلى تحسين الظروف المهنية للأستاذ، فكيف سيعمل بالحاسوب مع تلاميذ بدون حاسوب· إن تقزيم واختصار أزمة التعليم في الجزائر في توفير حاسوب وشريحة هاتف، هو إساءة أخرى للأستاذ بعد تلك التي تم فيها كشف رواتبهم وهي أصلا مخالفة تماما وبالنقصان للزيادات التي سبق وأن أعلن عنها·· إذا حدث وأن حصل وقبل الأستاذ هذا البرنامج، فسيظهر بأنه كالطفل الصغير يبكي فيسكت بإعطائه حبة حلوى، وبذلك فعلى المعلم ومعه المدرسة·· السلام·