لا نملك من عبارات المواساة، إلا قول إنا لله وإنا إليه راجعون، ونحن نتابع عن قرب، الفاجعة الاليمة التي لحقت بالشاب المهاجر المغربي، محمد، الذي فقد أسرته الصغيرة زوجته دليلة ورضيعه ريان، في ظرف أقل من أسبوعين، والسبب كما علم الكل هو خطأ وإهمال بمستشفى، غريغوريو ماريانيون، أكبر مستشفيات العاصمة مدريد، الذي أودى بحياة زوجته عندما لم يتمكن الأطباء لمدة أسابيع من إدراك إصابتها بوباء أنفلوزنزا الخنازير، وهي حامل حتى ضعت جنينها ورحلت عن الدنيا إلى مثواها الأخير، وبعد أن وصل محمد الشاب الذي لا يزيد عمره عن 21 عاما من المغرب، وإنتهائه من تشييع جنازة فقيدته، عاد ليزور جنينه، ريان، الذي وضعته أمه قبل أن تغادر الحياة بليلة واحدة، ليبقى في مصلحة العناية الإصطناعية، ويعود محمد الشاب الأب مرة أخرى إلى بيته بمدريد، ليحلم في أن يحضن إبنه الوحيد الذي بقي له بعد رحيل زوجته· والفاجعة عادت لتضرب وتعصف بهذا الشاب، الذي انهك جسده الحزن والغليان، لتتصل به مصالح مستشفى، غريغوريو مرانيون، والنبأ لم يكن بالسار، بل كان لإبلاغه أن ريان، إبنه وحلم حياته الوحيد، قد غادر الحياة ليلحق أمه، السبب خطأ في تغذيته الإصطناية، كانت بطلته ممرضة متمرسة، قامت بضخ الحليب عبر أوعيته الدموية الرقيقة، هكذا قضي على أسرة مهاجر مغربي في إسبانيا·· ماذا حدث ولماذا؟ وجنازة دفن، ريان، كانت شبه رسمية، بعدما أوفد العاهل المغربي طائرة رسمية إلى مدريد لنقل جثمان الرضيع، وأهله وهناك كان الآلاف في إنتظاره لتشييع جنازته· القصة محزنة وهزت قلوب الجالية العربية والإسبان·· غير أن غرابتها تأتي من سؤال راود الجميع، هو سرعة نسيان الفاجعة من قبل وسائل الإعلام الإسبانية والمسؤولون عن قطاع الصحة، وتحويل القضية إلى حرب معلنة بين سلك الممرضات وإدارة المستشفى، التي اتهمت الممرضة المتدربة بالخطأ الذي أودى بحياة ريان·· وكأن هذه الأسرة كانت لتجربة طبية أثمرت فائدتها، وفتح الباب لجدل حول المسؤوليات، وضرورة تحسين وتطوير طرق تغذية كل رضيع تحت المراقبة الإصطناعية·· ولحد اليوم لم يستقل مدير المستشفى، ولا حتى أي مسؤول رفيع·· نتساءل إن كانت الأمور ستسير هكذا، لو أن الحالة تتعلق بشخص غير مغاربي؟