بعد ''حبات المطر'' القليلة التي ضخت بها السماء وجه الأرض ورغم ليونتها وقلتها إلا أن حماري وأغلب ''الغاشي'' اشتكوا منها وألصقوا جميع التهم بشهر أفريل·· قلت له·· وما دخل الشهر في المطر؟ قال·· هو شهر الكذب بامتياز·· شمس ومطر·· حرارة ثم برد·· ما هذا؟ قلت له·· جثتك الضخمة دائما مكسوة بذلك الشعر الفظيع ولا تتغير في جميع الفصول؟ لم أكمل كلامي وإذا به يعطس عطسة تزعزع لها جدار البيت·· قال·· تقصد أنا شخص ثابت لا أتلون مثل بعض البشر؟ قلت له ضاحكا·· وما دخل هذا في ذاك؟ قال·· أنتم البشر متلونون مثل الفصول تمطرون متى شئتم وتكفون عن ذلك متى شئتم أيضا·· التغير طبعكم ولا يمكن أن تكونوا على خط واحد· قلت له·· هذه هي النفس البشرية يا حماري·· طبعا التغيير·· حديثنا لم يطل وإذا بحبات المطر تخترق سقف البيت المتهرئ وتتسلل بين جدرانه·· قلت لحماري·· هذه هي حياة اللاحياة؟ قال·· نعم يكفي قطرة ماء واحدة حتى يتعرى وجه الحقيقة·· قلت·· ''يعطيك الصحة'' هي الحقيقة·· التي تغيب وغابت وغيبت ويكفي أن يكون هناك سببا ما حتى تظهر بكامل تفاصيلها·· قال·· ''أنت راك تمعني'' على حقيقة أخرى غير حقيقة المطر والقطرة المتسربة من السقف؟ قلت له·· كم أنت حمار ''موسوس''·· لا أنا أتكلم فقط عن الحقيقة التي تراها بأعينك الآن·· نهق عاليا وقال·· أصدقك ولكني أشك في نواياك يا صديقي·· قلت له·· لا أريد أن أرى الحقيقة لأني لو رأيتها ستكون أنت أيها الحمار أول حقيقة مُرة في حياتي··