لا يزال ملف زلزال بومرداس يطرح نفسه بقوة، رغم إلحاح السلطات العمومية في العديد من المرات على أن الملف الذي مضى عليه سبع سنوات كاملة طوي بصفة نهائية، ولم يعد هناك حديث عن منكوبين في بومرداس، هذا ما أكده وزير السكن والعمران خلال زيارته الأخيرة للولاية، حيث قال بقيت 500 عائلة لم تسو وضعيتها وخصصت لها الدولة غلاف مالي وستعرف حلا لوضعيتها قريبا· عاد ملف زلزال بومرداس إلى الواجهة بحلول الذكرى السابعة للأربعاء الأسود الذي خلف دمارا ببومرداس، ليطرح سؤال هل تم فعلا إسكان كل المنكوبين؟ هل طوي هذا الملف الشائك بصفة نهائية؟ ''الجزائر نيوز'' ارتأت النزول إلى الميدان، وعادت بهذا الروبورتاج، فأول ما وقفنا عليه خلال احتكاكنا وحديثنا مع المنكوبين الحقيقين، أن هناك منكوبين من نوع آخر، ألا وهم فئة القصر، الذين لا تزال وضعيتهم عالقة، حيث أكد العديد من المواطنين أن الزلزال خلف يتامى قصر، فقدوا أولياءهم خلال الزلزال، وهم الآن في وضعية صعبة بسبب غياب الإطار القانوني الذي يحمي القاصر ويمنحه حق الحصول على سكن، حسب تعبير محدثينا، الذين قالوا إنه تم تسجيل عدة حالات من هذا النوع في التعاونيات العقارية التي انهارت في الزلزال، وغياب إحصائيات رسمية حول عددهم، باعتبار أن هذا الموضوع لم يتم تداوله من قبل، وأن القصر استفادوا من الشاليهات كغيرهم من المنكوبين وتحصلوا على إعانة الدولة· وفي ذات السياق، كشف رئيس جمعية 1200 مسكن ببومرداس، والذي انهار في الزلزال، عن وجود عدة حالات من هذا النوع بالحي سالف الذكر، وأن الأمر لا يقتصر على أحياء عاصمة الولاية، ولكن هناك بعض الحالات ببلديات الولاية -يضيف ذات المتحدث- مرجعا غياب الحديث عن هذه الفئة إلى غياب جمعية تتكفل بمطالبهم باعتبارهم قصر، وأشار ذات المتحدث إلى أن الحالات التي تم إحصاؤها على مستوى حي 1200 مسكن ببومرداس بالفعل تحصل فيها القصر على شاليهات، ولكن وضعيتهم لا تزال شائكة وقائمة -على حد تعبيره- مضيفا أن الوضعية القانونية للقاصر، لا تسمح له بإتمام الإجراءات الإدارية للحصول على سكن، إلى جانب مشكل الفريضة الذي يتطلب إجراءات لإيجاد صاحب الكفالة· كما تحدث رئيس جمعية 1200 مسكن عن مشكل عدم تمكن هؤلاء القصر من الحصول على قرض بنكي الذي يسمح لهم بالمساهمة في إعادة بناء مسكن والديه المنهار في الزلزال، داعيا الجهات الوصية في ذات الإطار بالتدخل لإيجاد حل لهم، خاصة وأن البعض منهم بعد مرور سبع سنوات أصبح يتمتع بالأهلية القانونية، ومن حقه الاستفادة من إعانة الدولة، التي لم يتحصل عليها بعد رغم أن الدولة منحت لهم هذه الإعانة لصغر سنه· وفي سياق متصل، أشار بعض المنكوبين بحي 1200 مسكن إلى الصعوبات التي تواجه بعض العائلات المعوزة التي لم تتمكن من إتمام دفع مستحقات المسكن، وهو ما حال دون إتمام إنجاز مساكنهم رغم مرور سبع سنوات من الزلزال· سكان حي 122 مسكن بقورصو متذمرون أكد سكان حي 122 مسكن بقورصو، التابع لمجمع ترقية السكن العائلي لبومرداس سابقا، الذي انهار عليه في الزلزال، أن وضعيتهم لا تزال عالقة، وأن المجمع يتهددهم في كل مرة باللجوء إلى القضاء في حالة عدم دفع مبالغ مالية إضافية، باعتبار أن الشقة التي يقطنونها ثمنها أكبر من الشقة المنهارة، كما تطرق ممثلو الحي إلى الإعانة التي منحتها لهم الدولة والمقدرة بمائة مليون سنتيم، والتي تعود إلى المؤسسة صاحبة المشروع وأن مبالغهم لا تزال في الصندوق الوطني للسكن الذي رفض منحها للمؤسسة لغياب بعض الوثائق، حيث قال ممثلو الحي، هناك أكثر من 50 شخصا قاطنا بالحي سالف الذكر· وتعهد مسؤولو المؤسسة المنجزة السلطات الولائية بعد الزلزال بالتكفل التام بمنكوبي المشروع، مضيفين أنه تم إسكانهم في سكنات تابعة لنفس المؤسسة مقابل أن تعود إعانات الدولة الموجهة للمنكوبين إليها، ويضيف محدثونا أنهم استوفوا جميع الإجراءات الإدارية اللازمة لذلك، إلا أنهم تفاجأوا بالموثق الذي كان همزة وصل بينهم وبين المؤسسة المنجزة والصندوق الوطني للسكن، أن المؤسسة المنجزة لم تستوف جميع الإجراءات القانونية للاستفادة من إعانات الدولة الموجهة لهم· وقال محدثونا في ذات الإطار، إن المؤسسة المنجزة تطالبهم بدفع مستحقات مالية إضافية وتهددهم بمقضاتهم بدل استرجاع مبالغها من الصندوق الوطني للسكن -على حد تعبيرهم- مؤكدين في ذات الإطار أنهم لا يملكون لحد الآن وثيقة تثبت ملكيتهم للسكن، وأنه تم إعادة إسكانهم بصفة نهائية· منكوبون في الشاليهات يطالبون بالإسكان ''باركات، باركات، سبع سنين وحنا في الشالي''، ''طبنا ياختي، ما قدرناش''··· بهذه العبارات استقبلتنا العديد من العائلات المنكوبة في حيي 1200 مسكن وابن خالدون الموزعة بشاليهات حيي المرملة والصغيرات، هي عبارات تلخص حجم معاناة قاطني هذه الشاليهات الذين أكدوا أن حياتهم أضحت جحيما لا يطاق، فعدد عائلات حي 1200 مسكن يقدر ب 520 عائلة إلى جانب 137 عائلة من حي ابن خالدون، الذين قالوا إن حياة الشالي أنهكتهم وانجر عنها إصابتهم بأمراض· وفي ذات السياق، قالت خالتي ''فاطمة''، إنه تم إسكانهم بحي المرملة بعد انهيار عمارتهم بحي 1200 مسكن، حيث وعدتهم السلطات المحلية بإعادة إسكانهم في سكنات صلبة، لتضيف: ''منذ الأربعاء الأسود، حياتنا جحيم'' وهي تسرد ما حدث في ذلك اليوم، واصفة إياه بالرهيب، لتقول: ''تلك الصورة السوداء لا تزال في ذاكرتي، فقدنا فيها جيراننا وأهلنا، لنبقى نتجرع الأمرين في الشاليه، الذي لم يعد يصلح للاستعمال السكني''، وتشير إلى أرضية الشاليه، التي أكلها الصدأ محدثا ثغرات، كيف يمكن أن تعيش فيه، تتساءل خالتي فاطمة، التي أضافت أن رب أسرتها، أصبح يخصص مبلغ مالي في كل مرة لترميم الشاليه، فحالتها لا تختلف كثيرا عن جارتها ''أ'' التي قالت، إن أولادها أصيبوا بأمراض تنفسية بالشاليه، نتيجة الرطوبة الشديدة، مؤكدة أن الطبيب نصحها بمغادرة الشاليه، ولكن محدودة الدخل زوجها أجبرهم على المكوث في الشاليه، معبّرة عن استيائها من تأخر عملية إنجاز سكناتهم الجديدة بنفس الموقع المنهار، حيث اتفقت كل العائلات على نفس المشاكل التي يتقاسمونها في السكن الجاهز، ووضع هذه العائلات لا يختلف عن حال العائلات القاطنة بشاليهات الصخيرات، التي بدأ كل واحد يسرد حالته الإجتماعية الصعبة في الشاليه، إذ يقول ''محمد''، إن الشاليه لا يتسع لكل أفراد عائلته، وهو الأمر الذي دفعه إلى تحويل فنائه إلى غرفة، مؤكدا أن وضعيتهم تزيد سوءا في فصل الشتاء، مشيرا إلى أن العديد من سكان هذه الشاليهات استسلموا لليأس ومقتنعين أن حياة الشاليه، حياة أبدية -يقول محدثنا- وهو في قمة الغضب يعد سلبيات الشاليه، وهو ما شاطره فيه المواطنون الذين إلتفوا حولنا، مؤكدين أن الوضع لا يطاق، وهو ما دفعهم في العديد من المرات إلى الاحتجاج أمام مقر الولاية للفت انتباه السلطات الولائية لمشاكلهم، والتأخر الفادح في إعادة إنجاز مشاريعهم التي تطالبهم بدفع مستحقات مالية إضافية، الأمر الذي عجزت عنه بعض العائلات -يقول محدثونا- الذين أضافوا أن المؤسسة المنجزة أخذت هذا الأمر حجة لتبرير تأخر إعادة إنجاز سكناتهم في نفس الموقع، وأحيانا أخرى تتحجج المؤسسة المنجزة بنقص الإسمنت في السوق وارتفاع أسعارها، وهي حجج يقول نور الدين، ''لا تهمنا تلك المبررات، ما يهمنا شقتنا''، ليضيف مشيرا إلى هؤلاء الشباب ''أتعلمون أن العديد منهم أخر زواجه لهذا السبب''· ومن جهته، أكد رئيس جمعية 1200 مسكن، أن اتصالات عديدة جرت مع السلطات المحلية والولائية لبومرداس، قصد إيجاد مخرج لهذا المشكل الذي يتفاقم يوميا بسبب الوضعية المهترئة للشاليه، والتدخل لدى الجهات الوصية للإسراع في إتمام أشغال إنجاز سكناتهم، مشيرا في ذات السياق إلى أن السلطات الولائية وعدتهم في اجتماعهم الأخير، بحل المشكل بعد اتصالها بوزارة السكن التي خصصت مبلغ مالي إضافي للمؤسسة المنجزة قصد إتمام أشغال الإنجاز· وأضاف ذات المتحدث أن المشكل يبقى مطروحا بالنسبة للعمارة رقم ,32 التي تقطن بها 30 عائلة، مضيفا أن مشكل هذه العمارة يعود إلى سنة .2006 بعد رفض السلطات المحلية إعادة بناء العمارة في موقعها الأول، وأن هذا الأخير سبب هذا الخلاف، مؤكدا أن الجمعية اقترحت إعادة بناء العمارة في محشر الحي سابقا بهدف توفير عقار يدخل في المخطط العمراني للبلدية، مؤكدا أن هذا المشكل لا زال مطروحا في ظل إصرار الجهات الوصية على رفض الموقع المقترح من طرف سكان الحي· إلى جانب هذا، لا تزال عدة حالات لم تسو وضعيتها في كل من الثنية ب 100 منكوب، دلس قرابة 140 آخر، وبرج منايل· وزير السكن يصر على أن المف طوي أكد وزير السكن والعمران خلال زيارته الأخيرة لبومرداس، أن ملف زلزال بومرداس طوي نهائيا، وأن قرابة 500 عائلة المتبقية، أخذت الوزارة على عاتقها مسؤولية التكفل بهم، وتم تخصيص غلاف مالي معتبر لإتمام أشغال إنجاز السكنات، وأضاف الوزير أن المنكوب ليست حالة أبدية، وأن الدولة التزمت بوعدها بإعادة إسكان المنكوبين ووفت بوعدها، مؤكدا أن الشاليه ليس ''باسبور'' للحصول على السكن، حيث قال إن القاطنين بالشاليهات يتم التعامل معهم مثل باقي المواطنين، وليس لهم الأولوية في الإسكان، مشيرا في ذات السياق إلى أنه لم يعد هناك حديث عن ''منكوب''· أرجع رئيس جمعية ترقية السكنات الجاهزة لبومرداس، هذه الوضعية إلى سوء التسيير الذي رافق ملف الزلزال في بدايته، مضيفا أن أكثر من 550 عائلة تقطن في الشاليهات بطريقة غير شرعية في إطار الحالات الإجتماعية لغياب الإدارة والجهات الوصية عن الملف ميدانيا، وأضاف ذات المتحدث أن التحايل الذي مارسه ويمارسه الكثيرون للاستيلاء على المساعدات الموجهة للمنكوبين بغير وجه حق خاصة في إطار ما يسمى بالبطاقيات المركبة، وهو المطلب الذي رفعته الجمعية بهدف وضع بطاقية تعريفية بالمستفيدين الحقيقيين من السكنات· وقال رئيس جمعية ترقية السكنات الجاهزة، أنه تم إحصاء 17200 منكوب على مستوى الولاية بعد زلزال ,2003 منهم 11 ألف منكوب مصنفة مساكنهم ضمن الخانة الحمراء ,5 مضيفا أن هذه الحالات تم إسكان 8500 شخص وآخرون استفادوا من إعانة الدولة المقدرة ب 100 مليون سنتيم، مؤكدا أن هناك بعض الحالات التي لم تسو وضعيتها في كل من برج منايل، دلس، والثنية، إلى جانب منكوبي حي 1200 مسكن ببومرداس وابن خالدون، مشيرا إلى أن الدولة وعدت بإسكانهم في غضون ستة أشهر بعد تخصيص غلاف مالي يقدر ب 7 ملايير سنتيم، وأن الدولة خصصت برنامجا خاصا بالمنكوبين في الخماسي السابق، حيث يقدر ب 17 ألف وحدة سكنية، انجز منها ,8500 فيما لم تنطلق الأشغال ب 4662 وحدة سكنية· وفي سياق متصل، قال ذات المتحدث، إن الأمين العام لوزارة الداخلية راسل في أكتوبر الفارط السلطات الولائية قصد التكفل بتأمين مواقع السكنات الجاهزة وإحداث إجراءات تنظيمية تسمح بالتعرف على هوية كل القاطنين، إلا أن العملية لم تجر ميدانيا، حسبما نصت عليه التعليمة· التجار المنكوبين في حالة نسيان لا يزال تجار ولاية بومرداس الذين انهارت محلاتهم جراء زلزال بومرداس ينتظرون التفاتة السلطات العمومية قصد إيجاد حل لهم· وفي ذات السياق، قال المنسق الولائي للإتحاد العام للتجار والحرفيين لبومرداس، إنه تم تنصيب لجان على مستوى الدوائر لدراسة ملفات التجار المنكوبين قصد الاستفادة من القروض التي منحتها الدولة للتجار المنكوبين المقدر عددهم ب 1160 تاجر منكوب -حسب ذات المتحدث- منهم 560 تاجر تهدمت محلاتهم التجارية، مؤكدا أن المرسوم الوزاري الصادر في ديسمبر 2007 الذي تضمن استفادة التجار المنكوبين من قرض بنكي بفائدة 2% يتم تعويضه على مدى 25 سنة، لم يحدد البنك، الأمر الذي أعاق -حسب ذات المتحدث- عملية استفادة التجار من هذه القروض، مؤكدا أن مراسلات تتم حاليا لتحديد البنك الذي يمنح التجار تلك القروض، مؤكدا في ذات الإطار أن لا أحد من التجار استفاد من هذه القروض، كما أن المرسوم الوزاري الصادر في 2007 استثنى التجار المستأجرين رغم أنهم يمثلون الأغلبية، على حد قولهم، وفي ذات الإطار، قال مصدر من مديرية التجارة، إن عدد التجار المنكوبين يقدر ب 300 تاجر وأن 75% منهم مستأجرين، كما اتفق عدد من التجار الذين تحدثت إليهم ''الجزائر نيوز''، أنهم يعانون الأمرّين حيال هذه الوضعية والتهميش الذي طالهم وكأن وضعيتهم سويت -يقول أحد التجار- الذي أضاف أن المركز التجاري الذي كان يملكه في بودواو، انهار، وأن التجار أمام مشكل الضرائب وتسديد ديونهم ومشكل انهيار محلاتهم وعدم تدخل الجهات الوصية·