الحمد لله، له أسلمت، وبه آمنت، وعليه توكلت، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد··· تناقلت وسائل الإعلام المختلفة الوضع الخطير والاعتداء الإجرامي الذي قامت به سلطات الاحتلال الإسرائيلي فجر يوم الاثنين الماضي على أسطول الحرية، حيث استشهد عدد من المتضامنين، كما أصيب العشرات منهم بجروح مختلفة، وتم احتجاز جميع طواقم السفن· إن هؤلاء المتضامنين والذين يبلغ عددهم (750) متضامن جاءوا من أربعين دولة بينهم شخصيات برلمانية وسياسية وإعلامية، جاءوا للتضامن مع أهالي قطاع غزة المحاصر، يحملون معهم الغذاء والدواء والكساء، والكراسي المتحركة للجرحى، والبيوت الجاهزة لمن هدمت بيوتهم، جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة في العام الماضي، كما أن هؤلاء المتضامنين هم من العرب والمسلمين وأحرار العالم جاءوا بسفن مدنية، حيث تم الاعتداء عليهم في المياه الدولية، وقد جاءوا للتضامن مع إخوتهم في العروبة والإسلام والإنسانية في قطاع غزة المحاصر· وبرز من بين هؤلاء المتضامنين الوفد الجزائري الذي ضم نواباً وعدداً من المواطنين، حيث قامت الجزائر بتجهيز سفينة من سفن هذا الأسطول على نفقتها الخاصة· وقد استمعت إلى رئيس الوفد الجزائري وهو يتحدث صباح يوم الأربعاء مع مدير مكتب قناة الجزيرة بالمملكة الأردنية الهاشمية بعد إطلاق سراحه وزملائه، حيث أعلن عن سروره بنجاح هذه الحملة، وأنهم سيعودون مرة أخرى إن شاء الله، كما استمعت إلى أخي الأستاذ محمد ذويبي الذي أصيب في عينه وهو يتحدث إلى قناة الجزيرة، وكله ثقة وأمل وحيوية رغم إصابته، وقد شرفت بلقاء أخي الأستاذ محمد ذويبي والأستاذ التهامي مجوري عندما حضرا إلى فندق الجزائر بالعاصمة أثناء زيارتي للجزائر قبل عام، حيث ذهبنا للصلاة سوياً في مسجد القدس بالعاصمة، حيث ألقيت خطبة الجمعة، ثم ذهبنا سوياً إلى بيت سماحة الشيخ عبد الرحمن شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر للسلام عليه والاطمئنان على صحته· تذكرت هذه المواقف المشرفة للوفد الجزائري، وعدت إلى الوراء لأتذكر موقف الجزائريين والمغاربة في فلسطين عبر التاريخ، ومواقف جمعية العلماء المسلمين ابتداء من مؤسسها سماحة الشيخ عبد الحميد بن باديس -رحمه الله- إلى يومنا هذا، وموقف الرئيس الجزائري الشهيد هواري بومدين الذي قال عبارته المشهورة: (نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة)، وتذكرت المواقف المشرفة الحالية للرئيس والقيادة والشعب الجزائري، ومواقفهم الثابتة في دعم القضية الفلسطينية، وحبهم اللامحدود لفلسطين وأهلها ومقدساتها وأقصاها· إن هذا الاعتداء الإجرامي خرق للقانون الدولي وانتهاك صارخ لأبسط الأعراف الإنسانية، ويجب أن لا يمر هذا الاعتداء الهمجي دون أن تتحمل إسرائيل عواقب تصرفاتها، كما يدل هذا الاعتداء الإجرامي على العقلية التي تفكر بها سلطات الاحتلال، حيث إنها تتصرف بوحشية وهمجية شديدة، وأن هذه الجريمة تأتي ضمن مسلسل الجرائم الذي تقوم به سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني· إن هذا الاعتداء الإسرائيلي رسالة إسرائيلية واضحة للمجتمع الدولي بأنها لا تعبأ بالقرارات والاستنكارات الدولية، وأن إسرائيل فوق القانون، كما أنها تضرب عرض الحائط بكل القوانين والأعراف الدولية· إن ما فعلته سلطات الاحتلال الإسرائيلي من اعتداء همجي على سفن أسطول الحرية فجر يوم الاثنين الماضي، هو ما تفعله صباح مساء ضد أبناء الشعب الفلسطيني المرابط· إن بلادنا فلسطين تتعرض لهجمة شرسة على أيدي المحتلين، فهم يعملون ليل نهار على تهويد مدينة القدس، بعد أن عزلوها عن محيطها الفلسطيني من خلال جدار الفصل العنصري، كما طردوا آلاف المقدسيين، وفرضوا عليهم الضرائب الباهظة، وهدم عشرات البيوت في شعفاط وسلوان والشيخ جراح وغيرها من الأماكن، وما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي يومياً من قتل للمواطنين، وهدم للبيوت وتدمير للمصانع والمؤسسات، وتجريف للأراضي الزراعية، ومحاربة العمال في لقمة عيشهم، وفرض الحصار على الشعب الفلسطيني ليس عنا ببعيد، ناهيك عن الحرب الأخيرة التي تعرض لها قطاع غزة، حيث ارتكبتسلطات الاحتلال مجزرة كبيرة في القطاع لن ينساها التاريخ أبداً، فقد أهلكت الحرث والنسل، وأصابت البشر والشجر والحجر، حيث ارتقى أكثر من ألف وخمسمائة شهيد نصفهم من الأطفال والنساء، وبلغ عدد الجرحى والمصابين أكثر من ستة آلاف جريح نصفهم من الأطفال والنساء، كما دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي آلاف المنازل تدميراً كاملاً أو جزئياً، كما تم تدمير عدد من المساجد والمدارس والمصانع والجامعات والمستشفيات والوزارات، ناهيك عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية واستقدام آلاف المستوطنين من أجل إحداث تغيير ديموغرافي في المدينة لصالح اليهود· يتبع