اقترب موعد المونديال، ومعه بلغت تجارة الأقمصة والأعلام والأغاني الرياضية مداها· ورغم أن الموعد العالمي يتكرر كل أربع سنوات، إلا أن هذه المرة له طعم خاص، فقد شهد عودة محاربي الصحراء إلى حظيرة الكبار·الجزائر العاصمة في يوم صيفي·· هدوء وترقب، على بعد يومين من المونديال الذي ليس كسابقيه، ففي بداية الأسبوع القادم سيكون رفقاء كريم زياني على موعد مع مغامرة كروية عالمية، إما أن تعرفهم إلى مستوى الأساطير أو تنزل بهم إلى أدنى الدركات· وقبل ذلك، وفي ظل الجدل المستمر الذي صنعه أداء محاربي الصحراء في المقابلات التحضيرية الأخيرة، يبقى الترقب الممزوج بالخوف سيد الموقف في الشارع الجزائري· ومع الترقب تزدهر تجارة الألبسة الرياضية والأقراص الغنائية المضغوطة المرتبطة بالفريق الوطني وحتى الأعلام والرايات الوطنية التي حطمت كل الأرقام القاسية من حيث مبيعاته وانتشارها بأشكال وأحجام مختلفة وفي كل مكان تقريبا· ومع أن انتشار هذه الظاهرة مستمر منذ سنة، وبدأ مع مقابلة المنتخب الوطني في البليدة يوم السابع من جوان 2009 عندما تغلب رفقاء غزال ومطمور على المنتخب المصري بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، وبدأ حلم المونديال يتحوّل شيئا فشيئا إلى واقع تجسد في أم درمان في نوفمبر من نفس السنة، لكن الشيء الملفت هو تطور تلك التجارة التي أصبحت لها شبكات ومخازن وزبائن دائمين من الأطفال والشباب والشابات وحتى الكهول والكبار في السن· لعبة الأسماء لاستمرار التجارة رغم انتشار باعة الألبسة الرياضية الخاصة بالمنتخب الوطني في كل أحياء مدينة الجزائر تقريبا، إلا أنها تكاد تكون التجارة الأولى في بعض الأحياء الشعبية كبلكور وباب الوادي، وتكاد تنافس حتى الخضر والفواكه على حد تعبير بعضهم، ففي ''مارشي ''12 مثلا بحي بلكور الشعبي، تحوّلت مساحات واسعة إلى هذه التجارة التي تجلب الزبائن والفضوليين في كل وقت، والكل يطلب قميص نجمه المفضل أو حتى بدلة المنتخب وقبعة بألوان العلم الوطني وبعضهم لا يسأل عن السعر الذي ارتفع مقارنة مع الأيام الماضية· لكن الملفت للانتباه هو أن الباعة يعتمدون في استمرار وتطور تجارتهم على لعبة أسماء النجوم الذين يبرزون في كل مرحلة طيلة المدة السابقة التي سبقت نهائيات المونديال، من التصفيات إلى نهائيات كأس إفريقيا إلى بوابة الموعد العالمي الحالي· المولودية تفتح قلعتها للمنتخب الوطني يؤكد (ح· ن) وهو تاجر شاب بشكل فوضوي للألبسة الرياضية في منطقة ''الساعات الثلاث'' بباب الوادي، أن الساعة التي يبيعها مضمونة وذات جودة عالية، بدليل أنها ''مصنوعة في ألمانيا'' على حد قوله، ويرينا تلك العبارة المكتوبة داخل قميص، لكن تلك الحيلة بدا أنها لم تنطل على أحد، وواضح أنها كتبت في الجزائر، والسلعة تبدو ذات نوعية متوسطة· وبدا أن حي باب الوادي، وحتى ذلك التاجر قبل هذه الأيام كان مشغولا بتتويج مولودية الجزائر ببطولة هذه السنة لكرة القدم، بدليل تلك الراية العملاقة التي وضعها ''الشناوة'' (أنصار المولودية كما يسمون أنفسهم) أعلى الشارع وفي أماكن مختلفة، وامتزجت بأعلام الجزائر ولافتات المنتخب الوطني في المدة الأخيرة· ولم يبق أمام ذلك التاجر من ''سلعة المولودية'' إلا قبعة وحيدة، أصر على أن أعطيه ''سومة'' ويطوي ملف ''العميد'' نهائيا ويتفرغ للمونديال والمنتخب الوطني بطريقته الخاصة· وغير بعيد عن ذلك البائع، يطرح زميل له في باب الوادي سلعته، ويبدو أنه متخصص في ألبسة الأطفال للفريق الوطني، ويرى أن الأمور تسير كما يرام، وأنه يبيع بأسعار معقولة وحتى مغرية، بدليل أن بدلة رياضية للطفل لا يزيد سعرها عن 550 دينار، وإذا أراد الزبون شراء القميص لوحده، فإنه يبيعه له بمبلغ 500 دينار، ويبدي ملاحظة مفادها أن الكثير من الزبائن يطلبون أقمصة على رقم واسم نجم المنتخب الجديد رياض بودبوز، لكنه يتأسف لأنه لا يمتلكها· عنتر يحيى يحافظ على تألقه رغم كل شيء ورغم الغياب الطويل للاعب عنتر يحيى الذي اشتكى طورا من الإصابات وطورا آخر من تهميش مدرب فريق بوخوم الألماني، إلا أن مسجل هدف أم درمان بطريقته الخاصة، والذي أهل المنتخب إلى نهائيات كأس العالم بعد غياب دام 24 سنة، يحافظ على حضوره الشعبي، بدليل أن قميصه مازال مطلوبا، وفي باب الوادي كان أحدهم يرتدي قميصه غير بعيد عن ''حومة'' الشاب توفيق الذي يصنع الحدث في كل مرة في مثل هذه المناسبات الرياضية، ورغم الجدل الذي يثيره كل من عبد القادر غزال الذي يعاني من صيام عن التهديف، ورفيق صايفي الذي لم يوفق في التهديف منذ مدة طويلة، إلا أن أقمصتهما -حسب بعض الباعة- مازالت مطلوبة، لكن ليست بالحدة التي كانت عليها في أوقات سابقة· والمفاجأة أن القميص الأكثر طلبا في بورصة الألبسة الرياضية للمنتخب الوطني هو رقم 7 للاعب الشاب رياض بودبوز الذي دخل احتياطيا في المقابلتين الأخيرتين التحضيريتين للمنتخب الوطني، ورغم ذلك أبان عن مستوى عال، وجعل الكثير يقول عنه بأنه ''خليفة مراد مغني في المنتخب''، ولا ينافس بودبوز على عرشه في الوقت الحالي إلا الحارس فوزي شاوشي الذي صنع الحدث أولا بأدائه الأسطوري في مقابلة أم درمان ضد المنتخب المصري، ومرة أخرى بسلوكه الذي وصف ب ''الطائش'' في مقابلة نصف النهائي ضد المنتخب المصري وكاد تصرفه ذاك أن يحرمه من المشاركة في المونديال· مصباح بديلا عن بودبوز ويحاول التاجر أن يسوق سلعته بأي شكل، فرغم أن الزبون كان يطلب قميص بودبوز المفقود، إلا أن البائع أراد أن يقنعه بشراء قميص زميله جمال مصباح، ويرى أن أسعاره في مناول الجميع رغم أن القميص الواحد يصل إلى 150 دينار، ويرى أن تلك النوعية من الألبسة الرياضية رغم أنها ليست أصلية إلا أنها ذات نوعية جيدة، ويقول إن القميص الأصلي للمنتخب الذي يحمل علامة ''بيما'' غير المقلدة يصل في سوق الجملة إلى حد ال 6000 دينار، ويصل عند باعة التجزئة إلى 8500 للقميص، وهو مبلغ ليس في متناول الزبون العادي، فهو يقترب من سعر بطاقة الجزيرة الرياضية التي تمكنه من متابعة كل أطوار المونديال بارتياح كبير· تورينو وميلانو بدون منافس ولا تقتصر الحمى المونديالية في السوق الجزائرية، عند الأقمصة والأعلام فقط، فسوق الأشرطة والأقراص المضغوطة الخاصة بالأغنية الرياضية في انتعاش مستمر، ومحلات بيع الأشرطة والأقراص تحتفي هي الأخرى بالمونديال بطريقتها الخاصة، وهذه الأيام يزين أفيش ألبوم ''من أجل حب الجزائر'' الذي أنجزه الفنان الصادق جمعاوي رفقة بعض الفنانين الآخرين واجهات المحلات، ويقدم أصحاب المحلات جملة من الألبومات الجديدة الأكثر طلبا لدى الزبائن، منها قرص للشاب أمين والشاب إلياس، إضافة إلى أمين تيتي، وصونيا رفقة تورينو وميلانو الفرقة التي تعاونت مع عدد من الفنانين الآخرين. ورغم تعدد الأشرطة والأقراص المضغوطة للكثير من الفنانين، إلا أن فرقة تورينو وميلانو بجديدها المستمر تبقى مسيطرة على السوق الذي اقتحمته منذ التصفيات المؤدية للمونديال الحالي