الحرب بين الصحافة البرازيلية والمدرب دونغا لم تنته رغم فوزهم الكاسح ضد الشيلي، والسبب هو أن الصحافة تعتقد أن دونغا يعتمد على الطريقة الأوروبية في اللعب وليس الطريقة البرازيلية، وأن اللاعبين الذين اختارهم، باستثناء كاكا وروبينيو غير موهوبين، كما أنه لم يستدع لاعبا موهوبا يبلغ من العمر عشرين سنة رغم إشادة النقاد به، وأضافت الصحافة لوجبتها الدسمة شيء من البهارات، وهو أن دونغا لا يحترمهم ولا يعطيهم ما يكفي من المعلومات عن المنتخب البرازيلي، ورغم ذلك كان دونغا هادئا وكل ما قاله هو أنه ''لن يعطي الفرصة لهم للشماتة فيه''، وقد وفى الرجل بوعده لحد الآن ولم ينهزم· ومثل هذا التوتر ساد أيضا العلاقة بين الصحافة الأرجنتينية ومارادونا، وقد وصفته الصحافة بالرجل المعتوه وأنه بلا عقل، وأرجعت ذلك إلى إدمانه السابق على المخدرات وتهوّره وتكبّره، وقالت إن الأرجنتين لن تتجاوز الدور ثمن النهائي، لكن مارادونا، عكس دونغا، لم يسكت وردّ الصاع صاعين، وقال في الصحافيين أكثر مما قاله أبو الطيب المتنبي في كافور الأخشيدي، وقال إنهم يشبهون مؤخرته أكرمكم الله، وطلب منهم أن يمسكوه من أعضائه الحساسة، وأقسم بأنه سيريهم كل ذلك في ميادين كرة القدم في جنوب إفريقيا، وهو ما جعل ''الفيفا'' تمنعه من المشاركة في بعض الفعاليات هناك بسبب ما أسمته ''سوء أخلاقه''، ويبدو أنه سيفي بوعده، وسيكشف لهم ما يريد أن يكشفه بعد انتصاراته الكاسحة في كل المباريات التي لعبها· والصحافة الإنجليزية أطلقت سهاما قاتلة على فابيو كابيلو، وقالت إنه مدرب من كرتون وفاشل وطلبت منه الرحيل عن المنتخب وعن بريطانيا والعودة إلى إيطاليا، وكان كابيلو هادئا ورصينا، ولم يقل ما قاله مارادونا، والصحافة الفرنسية سخطت وسخرت من المدرب ريمون دومينيك، وقالت إنه حوّل فريق ''الديكة'' إلى سيرك يتفرج عليه العالم، وأنه لطخ سمعة فرنسا كلها· وبالتأكيد، حدث مثل هذا التشنج بين الصحافة والمدربين الآخرين، الذين فشلوا أو أخطأوا، وحتى الذين نجحوا، ولا أدرى ما الذي يمنع الصحافة الجزائرية من انتقاد رابح سعدان، ولماذا نحن مهووسون بنظرية المؤامرة حتى في كرة القدم· فقد قرأت في الصحف، آراء المعلقين استهجنوا انتقاد الصحافة لرابح سعدان، وقال بعضهم إن الصحافيين حسدوه، وآخرون قالوا إنهم طمعوا في منصبه، والبعض كان أكثر لطفا وعقلانية فقال إن ''الذي لا يطول العنب حامضا عنه يقول'' مثلما تقول المغنية، ولا أدري هل هي أنغام أم أحلام، في إشارة إلى الصحافيين وعدم قدرتهم على مطاولة سعدان، وكأنهم مدربون مثله· النقد ليس سبّة أو لعنة ، وهدفه هو تصحيح الأخطاء وليس له هدف آخر، وقناعتي هي أن النقد مفيد وصحي ونتائجه إيجابية مهما كانت الظروف والأحوال، فالله سبحانه وتعالى خالق الكون ومالكه، ترك الشيطان يكفر على هواه ويفعل ما يريد، وترك المشركين به على هواهم يفعلون ما يشاؤون رغم قدرته على قبض أرواحهم في الحين، بدلا من ذلك تركهم أحرارا إلى يوم الدين، وبعد ذلك يكون له الأمر كله، من قبل ومن بعد ·