إن تاريخ المونديال لن يسجل فقط أخطاء حكام الدورة الثامنة عشر المقامة حاليا في جنوب إفريقيا، التسللات أو الأهداف غير الشرعية التي احتسبت لصالح فرق معينة··· لكن البطاقات الحمراء التي أخرجتها الفيفا في وجه بعض الدول التي يشك ''بلاتير'' أن سلطاتها السياسية تحاول السيطرة على الرياضة فيها وتتدخل في ''صلاحياته'' يمكن أن تدوم طويلا، حتى يمكن أن تدوم إلى ما بعد 11 جويلية الحالي، أي بعد النهائي المنتظر· قبل ''التنديد'' بهذا التدخل، يمكن التذكير أولا أن القانون الأساسي للإتحاد الدولي لكرة القدم ''فيفا'' - المستلهم من القانون الأساسي للجنة الأولمبية العالمية - يمنح لها صلاحيات ''سياسة حماية'' للفيدراليات الوطنية واللجان الأولمبية الوطنية المختلفة، والتي يكون فيها الأعضاء منتخبين بطريقة ديمقراطية وعلنية· من وجهة نظري، إذا كانت هذه الصلاحيات ضرورية، فهي غير كافية لحماية الرياضة من الظواهر الخارجية والداخلية في عالم الرياضة نفسها، والتي تكون عرضة لها، من خلال تعدد السياسات والذهنيات التي وجدت على أساسها، من جانب آخر من السهل تخيل بعض الفيدراليات التي يثبت أنها مذنبة في تصرفات خطيرة يمكن أن تمس بالقانون العام للبلاد، والناتجة عن التسيب والمحسوبية في تسيير شؤون الرياضة· هذه الاستقلالية للهيئات الرياضية في أي بلد، يمكن لها وب ''شرعية'' منحت لها من الخارج، والتي لم تستعمل كما ينبغي، أن تقود أي بلد إلى ما لا يحمد عقباه· كمثال على ذلك، يمكن أن نذكر أنه في وقت معين من تاريخنا الرياضي، تلك التحركات الحثيثة من طرف حزب سياسي منحل، من أجل إنشاء اتحادات رياضية إسلامية، والمبادرين إلى هذه الدعوة حاولا حتى الانخراط في بعض الهيئات العالمية بحجة التمثيل التي قالوا أنها شرعية· لا يمكن أن نصدق أن هذه الهيئات العالمية لم يرق لها الأمر، بل حتى أنها وصلت إلى حد وضع الكثير من الهيئات من نفس الرياضات ومن نفس البلد في المنافسة فيما بينها· السؤال الذي يجب أن يطرح اليوم هو: ها هو الحد الفاصل بين ''التدخل'' الذي يتحدث عنه ''بلاتير و واجبات'' هذه الدول في حماية نفسها من حوادث خارجة عن نطاق الرياضة؟ هذه الشرعية التي اكتسبتها السلطات العمومية من طرف الشعب، أو السلطات القضائية العليا تمنح لها الحق - إن لم نقل واجب - التدخل في حالة أي طارئ من أجل تغيير الأوضاع أو تسويتها، شرط ألا تمارس الضغط على هذا الفضاء الرياضي الحر، وبأخذ الاعتبار بالرأي العام الذي يعني ''الشرعية'' وإذا كان كل واحد يحترم هذه القواعد والأسس فلا يوجد هناك لا خاسر ولا رابح، لكن الرابح الأكبر والوحيد هي -الرياضة-· للأسف في الفترة الأخيرة لاحظنا أن الإتحاد الدولي لكرة القدم ''فيفا'' ينتهج سياسة يستحق اللوم عليها، حيث يقوم باتخاذ القرارات بطريقة سريعة وبدون أخذ الاعتبار بأي متغير آخر، لكن أعترف لكم أنني أشك أن الفيفا قادرة على الذهاب بعيدا في تهديداتها، لأنها وفي الأصل مشاركة إن لن نقل هي السبب في ما يحدث· سيرف بلاتير واللجنة التنفيذية التابعة له التي تتابع كل شيء ولا تجعل أي شيء يمر بدون فحصه، لا يمكن أن تتجاهل ''ما يشبه'' الانتخابات في بعض الفيدراليات الخاصة بكرة القدم، والتي تسفر عن رؤساء فقط، بسبب موالاتهم للسلطات السياسية، أكثر من ذلك بعض الفيدراليات تستلهم بعض المراكز من الفيفا ''الديمقراطية''، حيث تعين خبراء لا علاقة لهم بالرياضة· أكثر من ذلك أيضا بعض الدول تذهب إلى حدود تسمية خبراء ''نسيهم الزمن''، ولكن يحيون دائما والذين يكونون في الخدمة دائما إذا طلب منهم ذلك· بين هذا الإدمان على التدخل الذي تنتهجه الفيفا واللجنة الأولمبية العالمية، والشرعية التي تتسم بها السلطات السياسية، أرى أنه يجب أن يكون حل وسط، الذي سيوازن بين القطبين، لا يجب الاعتقاد إن هذه الهيئات العالمية التي تسير الرياضة هي ''المثال الأفضل'' للهيئات الوطنية، فرؤساء الفيدراليات الوطنية ليسوا إلا أصوات يجب أن تكسبهم أثناء الانتخابات، والباقي ما هي إلا سياسة ولا شيء غير ذلك· سياسة ''الكرسي'' طبعا