بفضل الأنترنيت، تراجعت الصحافة التقليدية بشكل جدي، وعبر تاريخ الإعلام، لم تمر الجرائد بأزمة جد قاسية كالتي تعيشها الآن، فبعد الإذاعة والتلفزيون جاء دور الأنترنيت كي تحل محل الكتابة التقليدية، لأنها توفر القدر الأوفر من الحرية لكل من يريد أن يدلي برأيه أو بوجهة نظره حول موضوع ما، ولكن هذا لا يعني أن الصحافة المكتوبة ستختفي نهائيا· خلال منافسات كأس العالم، لم تعرف الصحف الرياضية وحتى الصحف العامة مثل هذا القدر من المبيعات مقارنة بالسنة الماضية· مناسبة مونديال كرة القدم هذه خدرت وسائل الإعلام مؤقتا، وهي لم تنتظر هذا الرواج في عالم يعيش في الأزمة، فاليومية الفرنسية الشهيرة ''لوموند'' أصبحت محل اهتمام رجال الأعمال الأثرياء على غرار ماثيو بيغاس واكزافيي نيال وبيار بارجي· أحد ممولي الفريق الفرنسي والذي حصل على حقوق بث مباريات كأس العالم على قنوات ''تي أف ''1 و''فرانس ''2 وكذا ''كنال +''، يعيش خطر فقدان الأقلام الصحفية المتميزة بعد أن أقصيت فرنسا وقد أنفق عليها أكثر من 90 مليون أورو، وبهذا فإن قيمة الومضات الإشهارية تراجعت، وقد صرح الرئيس والمدير العالم لقناة ''تي أف ''1 ''نونس بايوليني'' بأن ''ما كان مهما بالنسبة إلينا هو أن يتأهل الفريق الفرنسي إلى المونديال''، فغيابه عن الدور ثمن النهائي منع حصولنا على مداخيل أكثر لكننا كنا ننتظر هذا الأمر· في يومنا هذا، أصبح الإعلام والاتصال كل ما يسرّ العلاقات الإنسانية، وبهذا أصبحت معلومات مثل ''تصريحات مارادونا'' وقصة ''الشوكة'' بالرغم من أنها منعت من الرواج، إلا أن ذلك لم يمنعها من الوصول إلى مختلف أرجاء العالم في وقت قياسي، وفي الماضي كانت أسرار الفريق الوطني الجزائري لا تخرج إلى الفضاء الخارجي عكس ما يحدث في الآونة الأخيرة بسبب فضول الصحفيين وكثرتهم وكذا مساعدة اللاعبين كذلك· قصة الفريق الفرنسي لم تتعد قاعة تبديل الملابس مثل ما هو الحال بالنسية لقصة ''الشوكة''، وبالنسبة لهجوم جون تيري ضد مدربه كابيلو، فهل أصبح العالم شفافا؟ من الممكن جدا، لكن النقاش في هذا الموضوع لن يضيف الكثير· فصحفيو الجرائد الرياضية الذين تنقصهم الجدية يولون الاهتمام الأكبر لتلك القصص الصغيرة وأخبار النميمة التي تجلب لهم القراء، وهؤلاء الصحفيون يعرفون ب ''الشوفينيين الوطنيين''، خصوصا هؤلاء الذين يعملون في القنوات التلفزيونية الذين يفضلون فتح مثل هذه الملفات، وهؤلاء الصحفيون يعتبرون أن الاهتمام بهذه المواضيع راجع إلى اهتمام الجمهور بها وإجابة لمتطلباته المحدودة البعيدة عن عقدة قراءة وتحليل الخطابات· وقد اقترحت علينا كل من الجزيرة الرياضية والقناة الجزائرية الأرضية تعليقات صماء يرتفع فيها صراخ بعض المعلقين، وكأن هذا المجال يخلو من الأصوات الجميلة· لقد أغرت كأس العالم، التي يشاهدها الجميع، حتى الأمريكيين الذين وقعوا أخيرا في شباكها، فأصبحت أكثر المناسبات شعبية عبر وسائل الإعلام الأمريكية، وقد بعثت أمريكا بالصحفيين لتغطية هذا الحدث وساهمت في تمويل هذه المناسبة العالمية والترويج لها إعلاميا بصرف مئات ملايين الدولارات·