في ظاهرة لا نشاهدها إلا في مسارحنا ومهرجاتنا الفنية الدولية، قدم ليلة أول أمس نجم الأغنية التونسية والعربية الأصيلة لطفي بوشناق عرضه أمام مدرجات شاغرة بمسرح إيبان الجديد، وبقدر ما كان برنامج عرضه ثريا ومميزا تميز شخصيته التي لا تؤدي إلا ما هو مرهف، عاطفي، حساس، وجميل بقدر ما تأسف كل من لم تسمح لهم الظروف بالدخول لمشاهدة بوشناق الذي انتظره الباتنيون طويلا إلا أن غلاء تذكرة الدخول حرمهم من ذلك·· بوشناق الذي اختير لتنشيط الفترة الأولى من الليلة الثالثة، وعلى مدار ساعة من الزمن، إستطاع أن يرحل بالحضور على قلته في رحلة مجانية إلى زمن الفن الأصيل والأغنية الهادفة التي تعبر عن مختلف حضارات الشعوب العربية، تؤرخ لمراحلها التاريخية وتدعوها لاسترجاع تراثها والتمسك بشخصيتها التي تعد الهوية الأزلية التي لا يمكن أن نتخلى عنها· ومن بين ما غنى الفنان التونسي في محاولة منه لإحداث الصحوة أغنية ''معنى الضمير'' التي أعادها مرتين بعد أن طلب الجمهور منه ذلك ليواصل في جو هادئء ورومانسي برنامجه الذي ضم عدة وصلات كان من بينها أغنية ''أنا حبيت''، ''ضمي الجفون'' و''آن للعالم صحوة يا عالم'' قبل أن ينهي عرضه الذي لا يمكن أن يوصف إلا بالرائع والمفيد لأنه حمل العديد من الرسائل، صحيح أن القليل من يفهمها ويعيرها اهتماما، لكنها جد مفيدة للشعوب العربية والإسلامية التي فرقتها الصراعات والخلافات، ولم يبق سوى الفن الخيط الرفيع الذي يوصل بينها، لذا يجب استغلاله أحسن استغلال والتمسك به بقوة لإرجاع الأمور إلى سابق عهدها· بعد بوشناق حلت الفرقة الصينية ''الويغورية'' التي لم تكن كما عهدها الجمهور الباتني لأن ما قدمته ليلة أول أمس كان بعيدا تماما عن مستواها الذي ظهرت به في سهرات الطبعة ما قبل الأخيرة، ومن بين ما قدمته عناصر الفرقة التي تفننت في إبراز عادات وتقاليد الصين الشعبية رقصة المشرب التي يؤديها الصينيون المسلمون في الأعياد الدينية، إضافة إلى عروض أخرى يعبر كل منها عن طقوس لا نجدها إلا لدى الجنس الأصفر· وكما وعدت به الجمهور سابقا أدت الفرقة الصينية التي قادتها المتميزة، آية الله، أغنية ''دمي دمي''للمرحوم كاتشو، وهي اللفتة التي أعجبت الحضور كثيرا حيث تفاعل مع العرض، خاصة وأن من غنوا لبلبل الأغنية الشاوية فنانون يبعدون عن منطقة الأوراس بعشرات الآلاف من الكيلومترات· وفي محاولة منهم لإحداث نقلة في هذه السهرة صعد الفنانون الصينيون إلى المدرجات وشاركوا الجمهور في الرقص وأشركوا بعضه في الغناء وعلى وقع ذلك إختتمت السهرة الثالثة من التظاهرة التي تستمر إلى غاية ال 17 من الشهر الجاري·