مهرجان فلسطين الدولي للرقص والغناء للعام 2010 يصل إلى ذروته، والجزائري ''الشاب فضيل'' يغني على ليلاه، وليلاه هنا هي فلسطين· فهل تدركون خطورة أن تتحوّل فلسطين من قضية كبرى إلى مهرجان دولي للرقص؟ 2 الفنان المذكور اشترك للمرة الثانية في هذا المهرجان، غنى، أطرب الناس، تغنى بالمشهورة ذائعة الصيت ''عبد القادر يا بوعلام''·· وغنى معه الناس: ''ضاق الحال عليّ''، فهل ضاقت بنا الحال حقاً إلى هذه الدرجة؟ 3 رغم التفاعل الشعبي والإعلامي مع فكرة مهرجان يحمل اسم فلسطين، ورغم ما تنطوي عليه هذه الفكرة من تأسيس لوجود منظومة إعلامية فلسطينية، إلا أن للأمر وجها آخر علينا أن ننتبه له· 4 هناك مسألة كبرى شهد لها التاريخ بازدواجيتها التي هي مصدر خطرها، أن تتشكل القضية الأساسية لتتخذ هيئة وسائل التعبير عنها، تماماً كما تتشكل السوائل بأشكال الأواني التي تحتويها، فهل ضاقت بنا الحال إلى هذا الحد؟ 5 الأمثلة كثيرة، قضية الهنود الحمر في أمريكا أصبحت مجرد ريشة وخيمة مثلثة واحتفاليات ظريفة تجري هنا وهناك، وربما مشهد عابر في فيلم رديء· هناك أيضاً كارثة ازدراء البشر وتصنيفهم إلى ألوان، الجنس الأصفر والجنس الأسود والأبيض وخلافه، هذه أيضاً أصبحت ''فولكلورا'' عالميا اتخذ له الدوائر الخمس الملونة شعاراً يؤكد التصنيف العنصري، لقد استطاع الغرب أن يقنع العالم بكذبته في نهاية المطاف؛ فهل ننتبه أخيراً إلى خطورة الوضع؟ 6 ما يهمنا الآن هو فلسطين، ما أخشاه هو أن نخدع من جديد كما خُدعنا من قبل، وأن تتحول القضية الكبيرة إلى مهرجانات متناهية في الصغر، موسيقى صاخبة وأغانٍ تفوح برائحة اليأس الكبير، ثم تصفيق حاد ودموع تعلن نهاية السهرة وينتهي بعد هذا كل شيء· 7 فلسطين التي صارت بعيدة الآن، بعدك أصبحت غزة قضية الغزاويين، والضفة هماً تحمله ''فتح'' على كتفيها بدل الكلاشينكوف القديم، وصار مجرد عبور سفينة مساعدات مخاطرة غير مأمونة العواقب، وإنجازاً تُقرع له الطبول، وقبل هذا كله كانت الأنفاق قضية من يهربون الحياة إلى فرن الموت الواسع في بلد الاحتلال· 8 فلسطين·· كم قضية صارت تفصلنا الآن عن قضيتك؟·· هل أخاطب فلسطين أم أن ''عبد القادر بوعلام'' يعرف الآن كم ضاق الحال حتى دون أن يخبره الشاب فضيل؟!